محليات

كيف تحولت “الحراقات” البدائية في مناطق “المسلحين” لكازيات كبيرة ؟

تحولت “الحراقات” البدائية التي تصنع المواد النفطية في المناطق الخاضعة لسيطرة “المسلحين ” في سوريا، إلى كازيات ومحطات وقود كبيرة، وأصبحت مصدرا للوقود، وأدخلت عليها تعديلات وجلبت لها أجهزة متطورة، كانت كفيلة بتحويلها لمراكز رئيسية للتغذية بالوقود.

ونشرت صحيفة “معارضة” تقرير مطولا عن “الحراقات” البدائية الواقعة تحت سيطرة “التنظيمات المتشددة، خصوصا في ريف حلب الشمالي والشرقي، وكيف تطورت من آلات بدائية إلى منشآت كبيرة.

وأصبحت “الحراقات” البدائية بعد عمليات التطوير وإدخال الأجهزة الحديثة اللازمة لعملية التكرير عبر الحدود، وحتى إدخال عدادات لتسهيل عملية البيع.

وتعتبر المناطق الشرقية الخاضعة لسيطرة تنظيم “داعش” أو “قوات سوريا الديموقراطية”، من أكثر المناطق التي يصل نفطها الخام لهذه الحراقات، حيث تتركز آبار النفط خصوصا في محافظتي دير الزور والرقة، وإن كانت أغلب خطوط النقل تمر عبر مناطق خاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديموقراطية”.

وبحسب ما نقلت الصحيفة عن أحد التجار في هذه الحراقات، فإن المحطات لا تنقطع على طول الطرق الواصلة بين بلدات الشمال الحلبي، وتنتشر بشكل واسع على الطرق الرئيسية الواصلة بين اعزاز ومدينتي الباب وجرابلس وريفيهما، المحتلتين من قبل تركيا.

وتعد بلدة الغندورة وقرية بئر كوسا جنوب مدينة جربلس المحتلة والقريبة من مدينة منبج بريف حلب الشرقي المورد الأول للمحروقات في ريف حلب، وأضاف التاجر إنها “تحولت إلى مركز أساسي تتجمع فيه الصهاريج والخزانات الكبيرة، القادمة من مناطق سيطرة تنظيم “داعش”، ليتم فيما بعد تحويلها إلى المحطات المنتشرة في الشمال الحلبي المحرر عن طريق التجار العاملين في هذه المصلحة”.

وأشار التاجر إلى أن “سعر نقل البرميل الواحد منها يتفاوت ما بين ألفين وثلاثة آلاف ليرة سورية ، ويزداد السعر أحيانًا بحسب ظروف الطريق الذي ستسلكها الصهاريج”.

ولا يقتصر نشاط منطقة الغندورة على المحروقات فقط، بل غدت أشبه بـ “سوق حرة” لبلدات ريف حلب الشمالي، إذ اعتمدت حركة الإعمار عليها من خلال الحصول على المواد الأساسية من جص ورمل، نظرًا لانتشار مقالع مواد البناء فيها.

وتتألف الحراقة البدائية المتطورة أو “الكازية المحلية” من عدة خزانات يمرر عبرها الوقود الخام من أربع إلى عشر مراحل، وتتفاوت أسعارها بحسب الحديد المصنّع من جهة، والكمية التي تستوعبها من جهة أخرى.

ويبلغ سعر الحرّاق الكامل المكوّن من عشرة براميل من الحديد “المزيبق” حوالي 150 ألف ليرة سورية، بينما تعد الخزانات المصنعة من الحديد العادي أقل كلفةً ويتراوح سعرها من 100 ألف ليرة سورية إلى أقل في بعض الأحيان.

أما العداد الإلكتروني الذي أدخله تجار المحروقات حديثًا إلى “كازياتهم المحلية” يتراوح سعره بين 200 و 1000 دولار حسب النوعية المصنعة.

وأوضح تاجر آخر أنه “في كل مرحلة من مراحل التكرير تستخرج مادة محددة من الوقود، إذ تنتج المرحلة الأولى الغاز فقط الذي يطير فورًا، أما البنزين والكاز فيتم استخراجه في المرحلة الثانية، وصولًا إلى مادة المازوت التي تحتاج إلى درجات عالية من الحرارة تصل إلى 400 درجة مئوية”.

وبحسب التاجر “يوضع الفيول في خزان كبير بحسب الكمية المراد تكريرها، وتشعل النار تحته بدرجات عالية حتى درجة الغليان، وعند الغليان تمر المحروقات عبر أنبوبين ليتم تبريد الوقود قبل أن يصب في المكان المخصص له، ليتم بعدها تحويله إلى خزانات التعبئة التي تعتليها العدادات”.

وبين التاجر أن “سعر برميل الفيول الواحد 30 ألف ليرة سورية يتبخر منه حوالي 20 % أثناء عملية التكرير، ليباع في مراحله الأخيرة من 40 ألفًا إلى 50 ألف ليرة سورية، وأحيانًأ يرتفع إلى 60 ألفًا للبرميل الواحد في حال انقطعت الطرقات الرئيسية في الريف الشرقي لمدينة حلب”.

وبحسب التاجر، “يتركز الاستهلاك الأساسي لهذه المحطات في بلدات ريف حلب الشمالي التي خرج تنظيم “داعش” منها مؤخرًا وخاصة مدينة اعزاز التي تشهد ارتفاعًا كبيرًا في أسعاره، إلى جانب تصديره إلى منطقة عفرين التي تسيطر عليها “وحدات حماية الشعب الكردية”، وصولًا إلى مناطق سيطرة المسلحين في مدينة إدلب وريف حماة”.

ويباع الوقود المستخرج بأسعار مقبولة، إذ يبلغ سعر ليتر المازوت المكرّر ما بين 200-225 ليرة سورية، أما البنزين والكاز يتراوح أيضًا ما بين 200-225.

أما المازوت، بحسب التاجر، “له حالة خاصة”، مضيفا “هناك أصناف متنوعة من المازوت منها العسلي والأصفر والأحمر وذلك بحسب درجة الحرارة التي يتعرض لها الفيول، وعملية التنقية في الفلاتر الملحقة بالآلات”.

وكانت بلدات ريف إدلب شهدت السنة الماضية حالات عديدة تعرض فيها أطفال لاختناقات وذلك بعد استنشاقهم الروائح المنبعثة من عملية تكرير النفط بالطريقة البدائية المعروفة باستخدام ما يسمى بـ “الحراقات”.

يذكر أن الانبعاثات السامة للحراقات، والتي عدا عن كونها ملوثة للبيئة، فهي مسبب رئيسي لحدوث آفات تنفسية، واستنشاقها هو سبب مباشر أو غير مباشر لأمراض القصبات والرئة ومنها التهاب القصبات الشعري، والسرطانات الرئوية والكبدية والدموية وغيرها، فضلًا عن كونها عاملًا مساعدًا في اشتداد الأمراض المزمنة الرئوية والقلبية والتحسسية، ومعظم ضحاياها من الأطفال.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى