اقتصادالعناوين الرئيسية

كم سنة يلزم الحكومة بعد التحرير لتنتبه أن هناك مدينة صناعية عظيمة مهملة في الراموسة بحلب ؟

تصادف هذه الأيام ذكرى مرور 3 سنوات كاملة على تحرير أحياء مدينة حلب الواقعة بالجهة الشرقية منها من سيطرة المسلحين المتشددين الذين تتابعوا على احتلالها.

ورغم مضي هذه السنوات الثلاث، إلا أن وضع منطقة الراموسة الصناعية الخدمي مازال سيئاً جداً، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على الصناعة الحلبية للمدينة التي كانت تعد عصب اقتصاد سوريا.

وكانت منطقة الراموسة الصناعية تعرضت لحجم كبير من الأضرار خلال سنوات الحرب، بسبب قربها من مناطق سيطرة المسلحين المتشددين، واعتبارها خط تماس بين المنطقتين.

وتوقفت الصناعة بالراموسة منذ السنة الأولى لاحتلال المسلحين أجزاء من مدينة حلب، لما آلت إليه المنطقة من خطورة، حتى أن كراج البولمان الرئيسي لحلب في الراموسة نقل ايضاً لحي جمعية الزهراء.

وشهرة منطقة الراموسة الصناعية الأولى جاءت صناعة وصيانة حافلات “البولمان” الخاصة بالسفر، سواءً كان تصنيعاً كاملاً أو عبر التجميع، كما أن المنطقة تشتهر بسوق السيارات الكبير فيها، ومئات الورش الخاصة بصيانة السيارات بكافة أنواعها.

وتتضمن منطقة الراموسة الصناعية أيضاً، بالإضافة لمجال السيارات الأساسي، عدة صناعات أخرى كالأصبغة ودباغة الجلود ووجود عدة مداجن فيها أيضاً.

ولم تمضِ أشهر على تحرير أحياء مدينة حلب وعودة الأمان لمنطقة الراموسة حتى بدأ صناعيو المنطقة بالعودة إلى محلاتهم رغم الظروف الصعبة وافتقار الراموسة لأدنى المتطلبات الخدمية فيها

ودأب الصناعيون في المنطقة على ترحيل الأنقاض بأنفسهم وإصلاح ورشهم ومحلاتهم ما أمكن، بأمل العودة للعمل وإعادة تشغيل منطقة الراموسة، وبالفعل فإن المئات من المحلات والورش حالياً تعمل في المنطقة، إلا أن هذا العمل يصطدم بظروف خدمية صعبة جداً تزداد سنة تلو الأخرى.

وتفتقر منطقة الراموسة الصناعية للكهرباء التي تعد الحاجة الأساسية لعمل الورشات هناك، ليكون الاعتماد على المولدات الصناعية الخاصة، لكن ليس لدى الجميع، فهناك العديد من أصحاب الورش لا يستطيعون تأمين تلك المولدات لعدم توفر المقدرة المالية، أو أن أعمالهم تحتاج لاستطاعة كهربائية كبيرة لا تكفيها المولدات الخاصة الصناعية.

وبحسب ما شرحه صاحب أحد ورش تصنيع وصيانة “بولمانات” السفر لتلفزيون الخبر، فإن “العمل الذي تقوم به ورشات الراموسة يستحق أن يوصف بأنه خارق، والسبب هو أمر واحد فقط، أننا نعمل دون كهرباء وبمعدات يدوية، وكما يقول أصحاب المصلحة (عالبارد)”.

وأضاف “عندما تنتج باص كامل بجهود معظمها يدوية كبيرة، فإن هذا الأمر يعد إنجاز، وبالوقت نفسه عدم توفر الكهرباء يزيد من الأسعار في الراموسة التي كانت واحدة من أرخص المناطق بالنسبة لخدماتها”.

وبين صاحب الورشة أن “هناك ظلم كبير للمنطقة، والزبون عندما يرى أن الأجور بالراموسة مرتفعة بسبب الأعباء التي تعاني منها، فمن حقه الامتناع وبالتالي الذهاب لمناطق أرخص”.

وتساءل صاحب الورشة عن “سبب عدم الاهتمام بمنطقة الراموسة أسوةً بالمناطق الصناعية الأخرى في حلب، بمدينة الشيخ نجار لا تقطع فيها الكهرباء، ومنطقة الشقيف بنفس الحال أيضاً مزودة بكهرباء دائمة صناعية، فلماذا يبقى سوق السيارات الأول في حلب مهملاً بهذا الشكل؟”.

ويؤكد من التقاهم تلفزيون الخبر في المنطقة ،أن افتقار الراموسة للخدمات لا يقتصر على الكهرباء فحسب، بل لا مياه تصل للمنطقة أيضاً بشكل جيد، وحتى أبسط الأمور التي هي المواصلات التي تؤمن وصول العمال لأماكن عملهم، هي مشكلة كبيرة يعاني منها الجميع.

معاناة العاملين وأصحاب الورش والمعامل أيضاً مع المواصلات هي عدم وجود خط نقل يصل لداخل المنطقة الصناعية، فباصات النقل الداخلي بقلة عددها، تصل فقط لكراج السفر دون أن تغطي أي منطقة من مناطق الراموسة الصناعية.

وهذا الأمر بدوره يتسبب بصعوبة كبيرة للعمال الذين يضطرون لأخذ تكاسي أو المشي طويلاً، أما ليلاً فالمعاناة تكون بأشدها ليضطر البعض للنوم في مكان عمله بسبب عدم وجود وسائل نقل.

ويضطر أصحاب بعض المعامل أيضاً للإغلاق باكراً من أجل أن يلحق العمال العودة لمنازلهم، بحسب ما أكده أحد الصناعيين لتلفزيون الخبر، مضيفاً أن “هذا الأمر بدوره ينعكس سلباً بالطبع على العمل”.

أما الملفت للانتباه، عند التجول في منطقة الراموسة، هو العدد الكبير للمحلات والورشات التي تعمل في ظل هذه الظروف الصعبة، خصوصاً انتشار الأنقاض والسيارات المحروقة والشاحنات المتضررة على جوانب الطرقات وأمام مداخل الورشات حتى.

وعند المرور أمام إحدى الورش في الراموسة تعتقد أن الورشة مغلقة من كثرة الأنقاض ومخلفات الحرب المنتشرة بجانب تلك الورشة، لكن المفاجأة هي عند ملاحظة أن خلف تلك التلال من الأنقاض أو السيارات المتفحمة، يصدح صوت مطرقة وحديد تعمل بلا توقف عبر معدات يدوية بسيطة وعلى أضواء “اللدات” والبطارية.

ولا منطق يمكن أن يفسر إصرار صناعيي الراموسة على محاربة الظروف الخدمية الصعبة وتحمل نسيانهم من قبل الحكومة، سوى ما قاله أحد أولئك الصناعيين ببساطة: “الحرب انتهت والراموسة يجب أن تعود.. إن لم أفتح محلي فجاري لن يفتح وجاره لن يفتح، فما نفع وجودنا بعد ما عانيناه طيلة سنوات الحرب إذاً؟”.

يذكر أن منطقة الراموسة الصناعية في حلب تحوي سوقاً كبيراً كان يعد سوق بيع السيارات المستعملة الرئيسي في حلب، يضم بداخله المئات من الشركات ومكاتب السيارات، وهذا السوق حالياً ما زال بأنقاضه وضرره الكبير منذ تحرير المدينة من 3 سنوات وحتى الآن.

 

وفا اميري – تلفزيون الخبر

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى