رياضة

قراءة في انتصار منتخبنا على تونس

تفوق منتخب سوريا الجمعة على نظيره التونسي بهدفين مقابل لا شيء، في الجولة الثانية من منافسات كأس العرب، التي تقام في قطر.

وخلق الانتصار السوري الكثير من الأصداء الإيجابية بين مشجعي منتخبنا، وبين النقاد ومتابعي البطولة، خاصة وأن نسور قاسيون، واجهوا بالصف الثاني، نجوم تونس، وعطلوا قدراتهم.

ولكن الانتصار لم يكن هو الوحيد، الذي أسال الكثير من الحبر، حيث قدم لاعبو منتخبنا أداء تكتيكيا عاليا، ومليئا بالانضباطية والقتالية، جعلت الكثير من المعلقين يكتفون بالتغني بجودة الأداء، بغض النظر عن قيمة النتيجة.

ويبدو غريباً أن يعجز لاعبو منتخبنا الوطني، طيلة فترة التصفيات الآسيوية الحاسمة، وبحضور كامل “نجوم” الفريق، من تقديم أداء قتالي في أرض الملعب، ويتمكن من ذلك لاعبو “رديف” المنتخب السوري.

وأمام تونس فقد مدرب منتخبنا تيتا لخدمات عدة لاعبين أساسيين مقارنة بفترة التصفيات، كعمرو الميداني، مؤيد العجان، عبد الرحمن ويس، سعد أحمد، آياز عثمان، فهد اليوسف، عمر السومة، وعمر خريبين، أي ثمانية من أساسيي المنتخب، إضافة للعديد من أولى خيارات الدكة كعلاء الدالي، عبد الله جنيات، مارديك مارديكيان.

وربما حضر لدى لاعبي منتخبنا “الرديف اصطلاحا”، حافز إثبات الذات أمام الجميع، وأمام منتخب كبير بحجم تونس، فظهر المنتخب بهذه القوة أداء ونتيجة، فرد اللاعبون في أرض الملعب، على كل من قلل من شأنهم، خارجها.

ويحضر أيضا في تلك المباريات، العمل على الجانب النفسي، واللعب بروح كرة القدم، وهو ما أجاده “تيتا” في اللقاء، فخرج المنتخب منضبطا ومتماسكا دفاعيا، ومقاتلا على كرته، مثبتا صحة مقولة أن “الروح تصنع المعجزات”، مع ملاحظة أن الضغوط على منتخبنا في البطولة العربية، أقل من نظيرتها، في التصفيات المونديالية.

فمنتخب سوريا دخل البطولة، بعنوان احتكاك لاعبي الفريق الاحتياطيين مع منتخبات قوية تحضيرا للمستقبل، مع احترام للخصوم ولقيمتهم الفنية وللفوارق معهم، بينما نلعب في التصفيات بضغط النقطة، والسعي للانتصار، وبلوغ المرتبة الثالثة كحد أدنى في المجموعة.

ومع عدم خوضنا في الجانب الفني وتقييم الغائبين ومستواهم، إلا أن الأحاديث المتواترة عن أجواء سلبية فرضها بعضهم في صفوف المنتخب، لناحية غرورهم، ربما تفسر تحرر لاعبي منتخبنا يوم الجمعة أمام تونس، فكثير منهم كان يخوض التصفيات، وكأن أقدامه مكبلة.

ومن المعتاد أن يقدم كل منتخب ردة فعل إيجابية، عند كل تغيير في الكادر التدريبي، في استجابة أشبه باستجابة المريض للصدمة الكهربية الإيجابية، فتكون بداية كل تغيير مشرقة وبراقة، وهو ما يفسر ربما، الانتعاشة النفسية والذهنية للاعبي نسور قاسيون، في ثلاث من الأشواط الأربعة في البطولة.

ولكي لانغرق في عسل الانتصار على تونس، لابد من التذكير بإن ما حدث كان شيئا جميلا، ودفعة معنوية عالية يبنى عليها لقادمات الاستحقاقات، وأساسا للعمل في المرحلة المقبلة، تحت عنوان الشجاعة واللعب على الإمكانيات بدون تهور أو خوف.

وأولى تلك الاستحقاقات المقبلة، مواجهة موريتانيا، والتي ستكون إن آمنت مثلنا بحظوظها، قادرة على تحقيق ما حققناه أمام تونس، خاصة إن دخلنا كما التونسيين بغرور للقاء المقبل، المفتوح على كل الاحتمالات، خاصة وأن الكرة الموريتانية تعتبر مجهولة نسبيا للمتابع السوري.

لذا لابد من الانتباه لإن هدفنا من البطولة كان ولايزال الاحتكاك، قياسا لظروف الغيابات وتأخر التحاق المدرب الجديد، الذي جاء بديلا لسلفه نزار محروس، إضافة لمحاولة بلوغ الدور ربع النهائي، آملا بمباراة أخرى من العيار الثقيل، مفيدة لكرتنا، فنياً ومعنوياً.

أما الهدف الأبعد فسيكون بناء “تيتا” على ما تحقق من ثقة وقوة في البطولة العربية، للعمل في ماتبقى من تصفيات المونديال، خصوصا وأن آمالنا قائمة ببلوغ الملحق، مع تقارب مستوى الرباعي العربي في المجموعة، والفرصة مازالت بأيدينا، إن قدم المدرب وكادره، الاجتهاد اللازم لتحقيق الهدف.

وسيكون نجاح “تيتا” في التصفيات، ولو بتغيير صورة الأداء السابقة في المراحل الست من سلبية إلى إيجابية، هو المعيار الأساس لتبيان أن ما تحقق في البطولة العربية لم يكن مجرد طفرة أو ردة فعل، وإنما بداية مرحلة عمل وجهد وتخطيط، “والعبرة بالخواتيم”.

وسيتاح ل”تيتا” في الشهرين المتبقيين قبل مواجهة الإمارات في التصفيات، دراسة الخيارات وانتقائها من اللاعبين سواء من الدوري المحلي أو من المحترفين، وفق معايير تتسق مع ما ظهر في البطولة وغيرها من بطولات كرة القدم، من أن “كرة القدم لا تعترف بالأسماء بل بالأفعال”.

يذكر أن منتخب سوريا لديه نقطتين فقط من ست مواجهات خاضها في تصفيات كأس العالم عن قارة آسيا، وسيكون مطالبا بالانتصار على العراق والإمارات ولبنان في باقي المباريات، ليحجز بشكل عملي، بطاقته لدور الملحق.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى