سياسة

في ذكرى رحيل “ الخال “ الأربعين .. من هو وديع حداد الذي شغل “الموساد” ؟

لا يذكر وديع حداد إلا وينصرف الذهن فوراً الى جورج حبش، ولا يذكر جورج حبش إلا ويحوم طيف وديع في ظلال الذاكرة.

كانا توأمين في النضال والفكر السياسي، ومنذ أن التقيا في الجامعة الأميركية في بيروت، وفي رحاب الفكر القومي العربي وقضية فلسطين بالتحديد، ما عادا يفترقان على الإطلاق.

انفرد جورج حبش بلقب “الحكيم”، واكتفى وديع حداد بلقب “الخال” علاوة على كنيته “أبو هاني .

وديع حداد يعتبر أستاذ في “فن العمليات الخاصة”، ومعلم فذ لجيل كامل من المناضلين الأمميين الذي رأوا في العنف الثوري طريقاً للتحرر من الرأسمالية والاستعمار.

وكان ملهماً لحركات سياسية كثيرة اعتنقت مبادئ العنف الثوري في مواجهة الاستبداد وعنف السلطات، والمناضلون كانوا يعرفون تماماً الفارق النوعي بين العنف والإرهاب امثال كارلوس ومحمد بودية وكمال خيربك وفؤاد عوض وباسل كبيسي وجايل العرجا وأنيس النقاش وفايز جابر وغيرهم كثيرون جداً.

وامتدت علاقاته من اليابان الى أميركا اللاتينية، من “الجيش الأحمر الياباني” الى “الساندينيستا” في نيكاراغوا، حتى أن جلال الطالباني، الرئيس العراقي السابق، كان أحد رجاله، وكان له مكان آمن في شاتيلا، وكثيراً ما كلفه بجمع معلومات في أوروبا، أو أيصال رسائل إلى خلاياه المنتشرة في عدد من أصقاع العالم.

كان يقرأ الكتب في حدود ما تتيحه له أوقاته المزدحمة، لكنه كان ميالاً الى العمل المباشر، ويروى أنه في سنة 1963 كان يقرأ كتاب ريجيس دوبرييه “ثورة في الثورة”، لكنه لم يكمل أكثر من 35 صفحة، فقد كان همّه منصباً على كيفية تخزين الأسلحة في داخل فلسطين استعداداً للشروع في العمليات العسكرية.

وحين أسس “الجهاز الخاص” في “إقليم فلسطين” التابع لحركة القوميين العرب اختار لمعاونته كلاً من فايز جابر وصبحي التميمي، وهما مؤسسا منظمة “أبطال العودة” سنة 1964، التي انضمّت إلى الجبهة الشعبية قبيل التأسيس في سنة 1967.

و”الجهاز الخاص” هو الأب الشرعي لـ”المجال الخارجي” الذي ظهر في إطار الجبهة الشعبية سنة 1968 تطبيقاً لشعار “مطاردة العدو في كل مكان”، ودشن عملياته باختطاف طائرة «إلعال» المتجهة من روما إلى تل أبيب، والهبوط بها في مطار الجزائر.

ومن طرائف ما وقع لوديع حداد، أنه أثناء الاستعداد لقصف ناقلة البترول “الإسرائيلية” “كورال سي” بالقرب من باب المندب سنة 1971، طلب “أبو هاني” من رئيس الوزراء اليمني الجنوبي محمد علي هيثم زورقاً سريعاً، فقال له “ليس لدى الحكومة اليمنية مثل هذا الزورق، وبعد عدة أيام اتصل به محمد علي هيثم وأخبره أن مركباً يرسو في ميناء عدن تنطبق عليه المواصفات المطلوبة، فاسرقوه”… وهكذا كان.

و في 28 آذار عام 1978 توفي في ألمانيا الشرقية وشيع أنه توفي بمرض سرطان الدم، ولكن بعد 28 عاماً اعترفت “ إسرائيل “ مؤخراً وعن طريق أحد ضباط مخابراتها الذي كتب جزءاً من حياته الاستخبارتية بإنها اغتالته بدس السم له في الشيكولاتة عن طريق عميل عراقي كان يشغل منصب رفيع المستوى.

ونقلت يديعوت أحرونوت عن المؤلف ان “إسرائيل” قررت تصفية حداد بداعي تدبيره اختطاف طائرة اير فرانس، كانت في طريقها من باريس إلى تل أبيب، إلى عنتيبي أوغندا عام 1976، وأنه كان مسؤولاً عن سلسلة من العمليات الخطيرة.

وأضاف أن “الموساد علم بشغف حداد بالشوكولاته البلجيكية التي كان من الصعب الحصول عليها آنذاك في بغداد مقر إقامته”.

فقام خبراء الموساد بإدخال مادة سامة بيولوجية تعمل ببطء إلى كمية من الشوكولاته البلجيكية، أرسلوها إلى حداد بواسطة عميل عراقي رفيع المستوى لدى عودة هذا العميل من أوروبا إلى العراق.

مثل معظم القادة الكبار، لم يدوّن وديع حداد مذكراته او يكتب سيرته وما كتب عنه، أو قيل فيه قليل جداً، ولا يشفي غليل الباحث او المؤرخ، ولعله أراد أن تتحدث أعماله عنه لا أقواله، ومهما يكن الأمر، وبعد خلاف مع جورج حبش على خطف الطائرات التقى الاثنان في بغداد سنة 1976، توفي في 28/3/1978، ودفن في بغداد في 1/4/1978.

توثيق عزام علي –تلفويون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى