العناوين الرئيسيةسياسة

في الذكرى ال12 للحرب على سوريا.. هل سيصلي أردوغان في أموي دمشق؟

قبل 11 عاماً وتحديداً في أيلول 2012 توعد رئيس النظام التركي رجب الطيب أردوغان بدخول دمشق “فاتحاً” ومُصلياً في الجامع الأموي حيث قال “إن أحزاب المعارضة التركية التي نصرت النظام السوري ستخجل في القريب العاجل من زيارة دمشق”.

 

وأكمل أردوغان”سأذهب وأعضاء حزبي لنلتقي بأخوتنا ونتلو سورة الفاتحة فوق قبر صلاح الدين الأيوبي ثم نصلي في باحات جامع بني أمية الكبير ونزور تربة الصحابي بلال الحبشي والإمام إبن عربي والتكية السليمانية ومحطة الحجاز وسنشكر الله جنباً إلى جنب مع أخوتنا السوريين”.

 

وبعد هذا التصريح بدأ الوهم الأردوغاني في استعادة أمجاد السلطنة حيث شكلت تركيا رأس الحربة في الحرب الغربية على سوريا وشعبها، فقام أردوغان بتغذية الفصائل الإرهابية في عموم البلاد بشتى أنواع الدعم وجلب إرهابيي الأرض للقتال في ركب ما يُسمى “المعارضة المعتدلة”.

 

وعدا عن قيام جيشه باحتلال أجزاء واسعة من شمال سوريا وتجميع الإرهابيين الموالين له في هذه المناطق على حساب السكان الأصليين بعد تهجيرهم وتقتيلهم وذلك لتهيئة الساحة لسلخ أجزاء جديدة من سوريا وضمها لتركيا تبدأ بعين العرب “كوباني” ولا تنتهي ب”ولاية حلب”.

 

وأسس جيش الاحتلال التركي والميليشيات التابعة له عمليات سرقة منظمة وممنهجة لخيرات سوريا من النفط والقمح والزيتون وغيرها من الثروات بالإضافة لسرقة المصانع والمعدات والأثار وكل ذلك بحجة محاربة الإرهاب والهلع من التنظيمات الكوردية.

 

كما قام أردوغان باستعمال منطق أسلافه العثمانيين في اتباع سياسة “تتريك” المناطق التي يسيطر عليها عبر فرض القوانين والأنظمة التركية وربط التعامل النقدي بالليرة التركية ظناً منه أنه بذلك يضم هذه الأراضي لإمبراطوريته المزعومة.

 

ومع مرور سنوات الحرب على سوريا كان العدوان التركي يتوسع وفي المقابل يقوم الجيش العربي السوري وحلفاؤه بتنفيذ ضربات رادعة تمنع أردوغان من تثبيت أقدامه وتنفيذ حلمه وظهر هذا الأمر في معارك حلب التي أفضت إلى تحريرها لتكون بذلك “مكسر عصا” حلم أردوغان بالسلطنة.

 

ومن هنا وما بعد، تحولت السياسة التركية في التعامل مع سوريا مع محافظتها على عدائها وعدوانها حيث شنت عدة عمليات عسكرية على الأراضي السورية لكن في الخفية كانت تتقرب من حلفاء دمشق لتجهيز مناخ مُلائم لحل الأزمة مع الرئيس بشار الأسد.

 

وكان “مسار آستانا” الذي انطلق في 2017 الذي حاولت تركيا عبر حلفاء سوريا (روسيا وإيران) تغيير صورتها من دولة راعية للحرب لدولة تسعى للحوار بين السوريين وتتقرب بشكل أو بآخر من الدولة السورية.

 

وظهرت بين الفينةِ والأُخرى تصريحات لمسؤولين في النظام التركي يغازلون دمشق لحل الخلافات بين البلدين لكن دون ما يثبت على أرض الواقع طيب النوايا حيث دعا وزير خارجية تركيا في أب 2022 للمصالحة بين الدولة السورية والمعارضة.

 

تبع ذلك عدة تصريحات تخفف لهجة العداء والاستعلاء مع دمشق ففي أواخر تشرين الثاني الماضي قال الرئيس التركي أن “العلاقات مع سوريا يمكن أن تعود إلى نصابها في المرحلة القادمة مثلما جرى مع مصر فليست هناك خصومة دائمة في السياسة”.

 

وألحقه في منتصف كانون الأول 2022 باقتراح قدمه للرئيس الروسي بوتين لتذويب الجليد مع دمشق ينص على اجتماع بين أجهزة مخابرات الدول الثلاث أولاً يتبعه لقاء على مستوى وزراء الدفاع ثم الخارجية ثم قمة على مستوى القادة.

 

وتهافت الإعلام الدولي والإقليمي للحديث عن مصالحة وشيكة بين أنقرة ودمشق وأن الأخيرة ستقدم تنازلات طمعاً في الخلاص من العداء مع تركيا وكَثُر الحديث عن لقاءات أمنية ودبلوماسية منها ما هو صحيح ومنها ما هو كذب لكن الثابت الوحيد أن الدولة السورية بقيت مستمرة بمطلبها حول لا مصالحة مع تركيا دون انسحابها من كامل الأرض السورية.

 

واليوم ونحن على اعتاب اجتماعات دبلوماسية بين مسؤولين سوريين وروس وإيرانيين وأتراك في موسكو لحل هذه الأزمات المتراكمة بين البلدين يتساءل مراقبون هل سيصلي أردوغان في دمشق بعد 12 عاماً من بداية الحرب على سوريا وشعبها؟

 

كيف سيكون شعوره “لص حلب” بعد أن كان طامعاً باحتلال دمشق وجامعها الكبير ثم انقلب حاله للجنوح نحو السلم؟

 

في النهاية جوامع دمشق وعموم سوريا كثيرة وتستقبل زوارها أياً كانوا نُساكاً أم ضالين، فمن شاء أن يدخلها من أبوابها فهو آمن ومن شاء العدوان فللبيت كما يُقال “ربٌ يحميه” وجنودٌ تُقدم الغالي والنفيس في سبيل حماية البلاد.

 

جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى