فلاش

“فاتت سنة”.. و”حرارية حلب” لا زالت باردة

مر عام كامل على تحرير مدينة حلب من المسلحين المتشددين، لتبقى المحطة الحرارية كما هي “باردة” تقف ببقعتها المعروفة ببلدة السفيرة شرق المدينة، بلا تشغيل، لتبقى عواميدها الخمس منقوصة الدخان تشاهد من بعد مئات الكيلومترات.

وقصص المحطة الحرارية معروفة بشكل خاص لدى أهالي حلب، والتي بدأت مع أولى سنوات الحرب، وخصوصاً قصص عناصر حامية المحطة من الجيش العربي السوري، الذين كانوا محاصرين من كافة الجهات بالمسلحين.

وكان تنظيم “داعش” سيطر على سكن العمال الذي يفصله عن ساحة المحطة جدار فقط، وحاصر عناصر الحامية من كافة الجهات، مع السيطرة على خط الغاز المغذي للمحطة، الأمر الذي يعد السبب الرئيسي لمشاكل المحطة وتعقيداتها تلك الأيام.

وثمن تلك التعقيدات كانت تدفع من قبل أهالي مدينة حلب دوماً، فبسبب أو بلا سبب، كان “الدواعش” يقطعون الغاز عن المحطة، لتتوقف عن العمل بالنتيجة، وتعيش المدينة وكافة المناطق الشمالية، بانقطاع عام، ينتهي بعد التوصل لاتفاق ما.

وبقي عناصر حامية المحطة محاصرين داخل المحطة الحرارية، ومتصدين لمحاولات “داعش” لدخولها، ليتمكن الآخيرين بمنتصف عام 2014 من السيطرة عليها.

ومع سيطرة التنظيم على المحطة ازداد سوء الوضع الكهربائي لمدينة حلب يوماً بعد يوم، ليصل إلى الانقطاع العام الدائم، نتيجة رفض “الدواعش” تشغيل المحطة، وليصبح الاعتماد الأول في مدينة حلب على “مولدات الأمبيرات” التي فرضت كحل لا بديل عنه.

وتمكن عناصر الجيش العربي السوري آخر عام 2016، من تحرير المحطة الحرارية للمرة الأخيرة، وطرد مسلحي “داعش” منها، خلال العملية العسكرية التي انتهت بتحرير مدينة حلب كاملاً من المسلحين.

واستبشر الأهالي حينها خيراً بعودة عمل المحطة الحرارية، والتخلص من استغلال تجار الأمبيرات الذين انتشروا بشكل كثيف خلال سنوات العتمة، إلا أن أضرار المحطة منعت عودة الكهرباء، مع اصطفاف “دستة” من الوعود الرسمية بالإصلاح وإعادة تشغيل المحطة.

ومضى على تلك الوعود وتحرير المحطة حوالي السنة، إلا أن واحدة من أهم المنشآت الخدمية بسوريا، لا زالت “نائمة”، يسودها السكون بعواميدها الشامخة الواضح عليها التعب والنسيان، وكأن الحياة سلبت منها.

ووصلت نسبة أضرار المحطة الحرارية نتيجة الحرب لحوالي 50 %، مع وجود العديد من القطع المتضررة اليابانية والأمريكية المصدر، الأمر الذي يسبب صعوبة في إصلاحها أو تبديلها بسبب العقوبات الاقتصادية التي تمنع استيرادها.

وعن التصريحات الرسمية التي “تتالت” خلال أسبوعين كاملين، فكانت “بعرض مقدم من إحدى الشركات الروسية لتوريد وتركيب عشر مجموعات توليد بخارية باستطاعة 250 ميغا واط، تعمل على مادتي الغاز والمازوت لتركيبهم ضمن المحطة”.

وتلا التصريح السابق، تصريح آخر يتحدث عن “النية بتوقيع عقد تفاهم مع إحدى الشركات لتأمين ست عنفات تؤمن 100 ميغا والعمل على تامين محطة كهروضوئية بدلاً عن المحطة الحرارية”.

وبحسب مختصين، فإن “كلا المشروعان لو تم تنفيذهما، سيتم تأمين حوالي 350 ميغاواط، وهي كمية كافية لتغطية كامل مدينة حلب بلا تقنين”.

وعلى الرغم من جولات الكشف المتكررة التي قام بها المسؤولون على المحطة الحرارية، لا زالت التصريحات الرسمية غير واضحة حول متى أو كيف ستبدأ عملية الإصلاح فيها، في حين يرى آخرون أن “خطة أخرى ليست جاهزة للطرح بعد” يتم وضعها للمحطة.

وحول الخطة المستقبلية للمحطة، أشار مصدر مسؤول، فضل عدم ذكر اسمه، لتلفزيون الخبر أنه “من المتوقع بدء عمل المحطة بمحولاتها الخمسة وباستطاعة 125 ميغاواط، مع بداية عام 2018”.

ولم يحدد المصدر موعداً أكثر تفصيلاً لتلك التوقعات، مكتفياً ببيان أن “هناك عقود تمت مع الجانب الإيراني لتوريد خمس مجموعات توليد جديدة، باستطاعة 25 ميغا، وهذه المجموعات لا علاقة لها بالقديمة التي يتم العمل عبر مذكرات التفاهم لإصلاحها أو استبدالها”.

وأشار المصدر إلى أن “هذه الطريقة هي الأمثل لإعادة عمل المحطة حالياً، (قاصداً الاستبدال بدل الإصلاح)، وذلك لصعوبة تأمين القطع اللازمة ذات المنشأ الأصلي”.

ولفت المصدر إلى أن “المحطة الكهروضوئية التي يتم التحدث عنها أيضاً، لا علاقة لها بالحرارية، فهناك خلط من بعض الأشخاص الذين يعتقدون أن المحطة الحرارية ستستبدل بالكهروضوئية، وهذا الأمر خاطئ”.

وأضاف: “المحطة الكهروضوئية ستكون منفصلة وجديدة بموقع آخر لا علاقة للحرارية به، وتجهيزاتها ستكون خاصة بها، كمشروع جديد منفصل”.

ويمكن القول إن نسبة اعتماد مدينة حلب على مولدات الأمبيرات انخفض بشكل كبير مع بدء عمل خط الـ 230 ك.ف الذي تم تمديده بشكل خاص للمدينة من محطة محردة، على طول طريق خناصر، والذي وضع رسمياً بالخدمة في الشهر الثامن من العام الحالي.

وعلى الرغم من ذلك، فلا يخلو الأمر من الانقطاعات العامة التي تحدث نتيجة “الأعطال المفاجئة”، مع الإشارة إلى أن الجزء الواقع بالجهة الشرقية من المدينة، لا زال بلا كهرباء لعدم وجود شبكة كهربائية حتى الآن.

وتحتوي المحطة الحرارية على خمس مجموعات توليد للطاقة الكهربائية، تؤمن التيار الكهربائي لكامل مدينة حلب والمنطقة الشمالية من سوريا، بالإضافة إلى أن استطاعتها المرتفعة مكنت الدولة من بيع الكهرباء عن طريقها لتركيا قبل الحرب.

وفا أميري – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى