فلاش

عندما تصبح المعركة افتراضية.. تكون ال”pubg” مثالاً والمراهقون قادتها

انتشرت في الآونة الأخيرة بين فئة الشباب لعبة الكترونية، تبدأ تجربتها الأولى بإرادة مجربها الكاملة، لتتحوّل في ما بعد إلى ‏شيء من الإدمان، وتأخذ لاعبيها إلى ممارسة فن القتال والاستمتاع فيه.

وتظهر ال “pubg” في البداية بأنها فسحة للتعرف على أنواع الأسلحة ‏والرصاص، بما يرضي فضول الشباب ويأخذهم من العالم الواقعي إلى الافتراضي، ويتحوّل اللاعب من شابٍ يعيش حياة طبيعية إلى مقاتل في ساحة معركة ‏يناضل ليكمل ويقتل ليصمد، والرابح هو من يصمد حتى النهاية.‏

فما هي الـ ‏PUBG؟

صنّعت هذه اللعبة شركة كورية لمايكروسوفت ويندوز على برمجة خاصة في ‏آذار 2017، ومنذ ذلك اليوم حتى الآن بيعت أكثر من 13 مليون نسخة منها، ‏ووصل عدد اللاعبين بها في الوقت نفسه إلى مليوني لاعب لتصبح أكثر الألعاب ‏رواجاً بين فئة الشباب.

ويمكن للاعبين أن يختاروا اللعب منفردين أو في فريق صغير يصل عدد أفراده إلى أربعة ‏كحدٍ أقصى، وفي الحالتين الشخص الذي يبقى حياً حتى نهاية المعركة يكون هو ‏الرابح.

وتظهر المعالم والأسلحة وحتى الأشخاص بشكل يلامس الواقع، مما يساعد في نقل ‏اللاعب إلى عالمٍ آخر ليعيش في عزلة واقعية ومعركة افتراضية، هذا وتعطي اللعبة ‏معلومات مفصلة عن الأسلحة المتوافرة وأنواع الرصاص التي يمكن استعمالها.‏

و‏ تُلعَب ‏PUBG‏ عبر الانترنت، مما يجمع “محاربين” من كل أنحاء العالم في ‏الوقت نفسه، وتبدأ الجولة في سقوط اللاعبين من طائرة عبر مظلات ليحطّوا في ‏ساحة المعركة. ‏

ومما يثير الدهشة، في هذا الصدد، ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي عن شاب وفتاة كانا مدمنين على هذه اللعبة التي جمعتهم على أرض المعركة الافتراضية، ليتعارفا ويتطور الأمر بينهما إلى الخطوبة التي أعلانا عنها واقعياً بعيدا عن العالم الذي جمعهما.

ال “pubg” والشباب السوري

محمد شاب جامعي في كلية الهندسة المدنية، بعمر 23 عاماً يقول لتلفزيون الخبر إنه “بعد أن تعرّف على اللعبة أصبح يقضي أغلب أوقاته الفارغة في البداية في لعبها، إلى أن تحول إلى إضاعة أوقات من دراسته وعمله عليها”، مردفاً “عندما استشعرت الخطر توقفت عنها”، مضيفاً “القصة بدها إرادة”.

بينما تقول والدته: “في فترة إدمانه لهذه اللعبة وصل بي الأمر إلى تعمد قطع شبكة الانترنت عن كل المنزل، في محاولة لانقاذه من العزلة التي عاشها، إلى أن استشعر احتمالية رسوبه بعد صدور نتائج مواد العملي، تراجع ليستدرك مافاته”.

فضول وانتصار وهمي

من جهته، عميد كلية التربية، والمختص بعلم النفس الإعلامي، الدكتور مجدي الفارس يقول لتلفزيون الخبر: إن “النقطة الأولى في حالات إدمان الألعاب الالكترونية لدى فئة اليافعين والشباب هي معرفة الدوافع النفسية الكامنة وراء هذه الحالات”.

ويضيف الفارس أن “هناك مايسمى نفسياً عند فئة المراهقين بالعالم المثالي الذي يكرهون فيه السلطة الأبوية والتقيد، ويتعلقون بما هو افتراضي يترجم حاجة المراهق لتحقيق انتصارات نفسية ويرضي فضولهم”، موضحاً أن “هذا ما يعمد إليه مصنعو هذه الألعاب في إعدادها لتلائم هذه الدوافع”.

وتابع الدكتور “تكرار عدد الساعات التي يقضيها المراهقون في عالمهم الافتراضي يتزايد في كل جلسة ما يؤدي بالتالي إلى إدمانهم عليها”، مردفاً أن “تصميم المراحل الأولى منها يتم على أساس أن يكون تجاوزها سهل مايدفع لاعبوها إلى خوض مراحلها المتقدمة للوصول إلى النهائية”.

ويصل الأمر في حالات معينة إلى تكون نفسيات المراهقين على أساس العنف والسلوكيات المؤذية لهم ولمحيطهم كما من خلال حالات العنف على أنواعه التي يعبرون عنها سواء لفظياً أو حركياً.

كما تتجلى أعلى مراحل خطورتها عندما يلجأ اللاعبون إلى محاولات الانتحار لعدم رضاهم عن الواقع الحقيقي بعيداً عن ذاك الافتراضي، بحسب ما أكد الفارس.

و يرى الدكتور أن “منشأ هذه الألعاب التجاري يدفع الجهات المصنّعة لها إلى اعتماد أسس تعتمد على ماهو مختلف كعوامل الجذب القائمة على التفرقة العنصرية ما يؤدي إلى خلق شباب عنصريين”.

وعن العلاجات، في البدء يحمّل الدكتور مجدي الفارس المسؤولية للجانب التوعوي إعلامياً أو حتى من جهة الأهل، من خلال إغفال المراقبة المدروسة بحيث لايشعر المراهقون بأنهم مراقبون ما يشكل لديهم ردة فعل قد تأخذ إلى نتائج غير مرضية.

كما يشدد الفارس على وسائل الإعلام لتكريس الجهود والعمل على الترويج لألعاب معاكسة لما يعيشه الشباب على أرض الواقع، ومن ذلك حالياً الابتعاد عن ألعاب تحمل في مظاهرها معارك وأسلحة وأعمال عنف لتكريس فكرة السلام وأن الحرب لن تستمر، مضيفاً أن “لعمل وسائل الإعلام الرقابي على هذه الأنواع دور في منع انتشارها في مجتمعاتنا”.

قديمة متجددة بمظاهر عصرية

يذكر أن هذه الألعاب لا تعتبر ظواهر جديدة على المجتمع، لكنها تخضع في كل فترة إلى التطوير من خلال مسمياتها الجديدة والمظاهر التي تشكل عوامل جذب للاعبيها بحسب طبيعة وظروف كل فترة زمنية، ومن جهة أخرى هناك ألعاب شكلت مؤخراً مخاطر كبيرة وصلت إلى حالات ومحاولات الانتحار بين الأطفال واليافعين.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى