صحة

“عم ندفش”.. عن الاكئتاب الذي نما فينا وحاصرنا

تغيرت أدبيات السلام مؤخراً بين السوريين، فلم يعد لديهم حرج بالإجابة عن سؤال “كيفك” المعتاد بأي إجابة تدل على ضيقهم وأوضاعهم المتردية، استبدلنا “الحمدلله” بـ”عم ندفش”، “عايشين”، وأصبحت مع مرور الوقت الإجابة الأقرب الى عقل كل سوري عند سؤاله عن حاله “مو منيح”، لتأتي بعدها كلمة ” مكتئب” لدرجة أنه أصبح الناس يتندرون بالنكات على أي شخص سعيد، فانتشرت على مواقع التواصل منشورات من نمط ” إلقاء القبض على سوري مبسوط “.

وبرغم انتهاء العمليات العسكرية في معظم المناطق السورية لكن آثار الحرب لم تنته بعد، فآلاف العائلات السورية فقدت أو أصيب فرد منها أو خسرت مسكنها أو مورد رزقها أو كل ما سبق مجتمعين، وجاءت الأزمة الاقتصادية الخانقة المستمرة منذ سنوات ووباء كورونا في العام الماضي لتراكم أمراضاً واضطرابات نفسية أصبحت معقدة.

ويعتبر اضطراب ما بعد الصدمة (الكرب التالي للرض) أكثر الأمراض شيوعا بعد الأزمات والحروب بحسب الدكتور غزوان محمد الاختصاصي بمعالجة الأمراض النفسية والإدمان حيث يشعر الشخص بأعراض متعددة منها الشعور بالاكتئاب، القلق، فقدان الشهية، والعديد من الأعراض الأخرى.

يشرح الطبيب أنه من الممكن أن تظهر الأعراض مباشرة بعد الحادثة وتسمى “الكرب الحاد ” أو تظهر الأعراض بعد فترة طويلة من تعرض الشخص للأذى، ويختلف العلاج بحسب كل شخص فإما يكون علاج نفسي بالتحدث الى الطبيب أو يترافق مع وصف أدوية مهدئة ومضادة للاكتئاب.

ويضيف الطبيب خلال حديثه إلى تلفزيون الخبر “انتشار جرائم القتل والانتحار وحالات العنف تعزى بغالبيتها لحالة الأشخاص النفسية المتردية، فإن حالة اليأس والاكتئاب وعدم وجود دعم نفسي وعلاج لها يؤدي الى اضطراب في التفكير وغياب المحاكمة العقلية السليمة، بالإضافة الى الإدمان”، محذراً من انتشار الإدمان بين الشباب والمراهقين.

وشهدت سوريا في الأشهر الماضية سلسلة من جرائم القتل، حيث تم الكشف عمّا يقارب العشرين حالة في الشهرين الماضيين بحسب موقع وزارة الداخلية، كان أغربها قيام شخص بتفجير “قنبلة” أمام القصر العدلي في طرطوس إثر “خلافات عائلية” موديا بحياة محامي وإصابة عشرة أشخاص كانوا في المكان.

يذكر أنه، وبحسب منظمة الصحة العالمية، تعاني الشعوب التي تشهد حروباً وصراعات من تفاقم حالات الاضطرابات النفسية، حيث يعاني واحد من كل خمسة أشخاص في مناطق الحرب من الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات ما بعد الصدمة أو الاضطراب ثنائي القطب أو الفصام، بينما الأرقام في الظروف الطبيعية أقل من ذلك بكثير حيث لا يتجاوز عدد المصابين باضطرابات نفسية واحدا بين كل 14 شخص.

ايمى غسان – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى