فلاش

عمالة الأطفال في دمشق .. كابوس يغتال الطفولة

الطفولة بمفهومها العميق هي قصصٌ ورواياتٌ مشوقة،و عالمٌ سحريٌ خاص يتميز بنقاوته،وسحابات صيفٍ تمر ذكرياتها تاركةً الصفاء بعيداً غن الغصات،والأهم هي العيش لحظة بلحظة،دون التفكير بالعناء وبموجعات الحياة.

والمؤلم مؤخراً هو تزاحم تلك الغصات في قلوب كثير من المفجوعين بطفولتهم،وتحمل الأطفال للهموم والأعباء التي تفوق حجم أجسادهم الصغيرة.

و أدى هذا الأمر لزيادة غزوِ مظاهر مؤذية لمفهوم الطفولة بمعناها الحقيقي كعمالة الأطفال التي تعد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الملحة لارتباطها الوثيق بحقوق الطفل.

جولةٌ صغيرةٌ في شوارع دمشق تُطالع صاحبها على الكثير من الصور الموجعة والتي تعكس تفشي ظاهرة عمالة الأطفال حيث يجد الأطفال هنا وهناك وفي أكثر محطات المدينة وضوحاً.

” لا أنا مو معطلة ،أنا مابروح على المدرسة..” أبي أصبح عاجزاً،وأمي تدير شؤون المنزل،ولا يوجد من يعيلنا،وأبي يحتاج لأدوية كثيرة فأذهب لمحال توزيع الجملة وآخذ طرداً من علب المحارم وأبيعها بسعرٍ أكثر بقليل ، قالت “غزل” ذات الإحدى عشر ربيعاً لتلفزيون الخبر .

وتتابع الطفلة “ إذا توقفت عن العمل لا يوجد من سيحضر احتياجاتنا” ، وقال “خالد” ( أربعة عشر عاماً ) “ كنت سابقاً في المدرسة ، وبعد سوء الحال ،( الذي رفض توضيحه) ،تركت المدرسة لأعمل بمحل نجارة، لأعيل جدتي التي أعيش معها،أتعب كثيراً هنا لكن لا يوجد خيارت أخرى”.

ويجدر الذكر أن صاحب العمل رفض السماح لتلفزيون الخبر بتصوير الطفل قائلاً: “لاتفتحي علينا بواب مسكرة”.

وفي مشغل للخياطة في منطقة جرمانا ،كانت بين العاملات طفلةٌ تبلغ من العمر12 عاماً، تقلب قصاصات القماش، والخيوط الملونة، وترتدي حجاباً بلون أسود ، وتصف حياتها بأنها سوداء كلون حجابها.

الطفلة العاملة ، أو العاملة الطفلة قالت لتلفزيون الخبر:” أبي أجبرني على أن أترك المدرسة، وبعد نزوحنا من “التل”ووفاة والدي ، بقينا بلا معيل واصطحبتني صاحبة المشغل للعمل معها بناءاً على رغبتي وأمي”

ويقول “حسن ” الذي يعمل في محل “ماكنسيان” ( ١٥ عشر عاماً)، “ كثيراً ما كنت أهوى سابقاً اللعب بالسيارات، إلى أن شاءت الأقدار وقادتني للعمل في هذه المهنة، لكن الفرق كبير بين اللعب والعمل”.

وتابع” بعد أن تركنا حلب واختفى والدي ، تركت المدرسة في الصف السابع، وقررت العمل كي أساعد والدتي التي تعمل في تنظيف البيوت لتأمين مستلزمات تعليم إخوتي”.

وفي حارات دمشق القديمة ،كان الطفل “حاتم”ذو العشرة أعوام يحمل بيديه الصغيرتين باقات الورود،ويقول:”هون بيحبو الورد كتير وبيشتروه”، “اشتري مني ورد وبقلك شو مابدك”

وتابع الطفل بكلامً عفوي وعينين لامعتين وضحكة بريئة:”أنا أحفظ جدول الضرب، وكل حروف الانكليزي” لكن أبي قال: “الدراسة ما بتطعمي خبز”.

وكان قال “محمد أكرم القش ” عضو لجنة الهيئة السورية للاسرة، في تصريحٍ لصحيفة الوطن شبه الرسمية،”أن نسبة عمالة الأطفال كانت قبل الأزمة بنسبة 10% من عمر 10 إلى 18 عاماً،وتزايدت بعد الأزمة لمن هم دون ال15 عاماً.”

وقالت إحدى ممثلات منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” في سوريا لتلفزيون الخبر:” وجدنا كثير من الصعوبات في سوريا، تمثلت بكونه لا يوجد مسح ميداني دقيق،وبالتالي لايوجد معلومات كافية عن نوعية الأعمال التي يعملها الأطفال، وماهو نوع الاستغلال الذي يتعرضون له،وكان للنزوح دور كبير في جعل الدراسات غير دقيقة”.

وأضافت “لم يكن لدينا حلول حلول بديلة سابقاً لجعل الأهالي يكفون عن عن إرسال أبناءهم للعمل ،لكن يتم العمل على إيجاد الحلول من خلال حملات التوعية التي تننشرها المنظمة”.

ويقول المحامي “رامي جلبوط” :”إن قانون العمل ميّز بين فئتين من الأطفال،وقسمهم للأطفال دون 15 عاماً والذين يمنع عملهم بأي شكل من الأشكال،والأطفال فوق ال16 سنة، بشروط خاصة لتشغيل الأحداث”

وتابع:”.أصدرت وزارة العمل السورية قرارها رقم 12 الذي يعتمد نظام تشغيل الأحداث المرفق، ومنع القرار في مادته الأولى تشغيل الأحداث من الذكور والإناث قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي أو إتمام سن الخامسة عشرة من عمرهم”.

وأضاف “حظر القرار تشغيل الأحداث في العمل الليلي الذي يبدأ من الساعة السابعة مساءً وحتى السابعة صباحاً، وتشغيلهم أكثر من ست ساعات يومياً”.

وتبقى قضية”عمالة الأطفال” كابوساً يؤرق المجتمع السوري، و قضية اجتماعية واقتصادية ، وتزايدها حتماً هو أحد نتاجات الحرب الكثيرة التي تمر بها البلاد، وتودي بمستقبلها الاجتماعي والفكري إلى مسارات غامضة.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى