ع البال

طقوس الزواج الحلبية .. الحلقة الثالثة: مد الجهيز وليلة الحنة

بعدما استعرضنا في الحلقتين السابقتين مراحل انتقاء العروس والتشكر والخطبة وحفل عقد القران نصل الى احتفالات ما قبل العرس وهي حفل مد الجهيز وحفل ليلة الحنة والتعليلة.

موكب جهاز العروس ومده ( مد الجهيز )
يكون العريس الذي غالبا ما يتزوج في منزل والديه قد تخصصت له احدى غرف المنزل العربي الكبير العائد لوالده وتسمى هذه الغرفة ” بيت فلان ” ويكون قد وضع فيها الصندوق الخشبي المصدف والذي استُبدل لاحقا بخزانة الملابس الخشبية التي يسميها الحلبيون (السكرتون وأصل الكلمة السكردان من الفارسية ).

والسرير الذي يكون من النحاس او الخشب والمراية الحجرية الكبيرة البلجيكية المزينة بالريبان وعليها لصقتها لاثبات انها جديدة غير مستعملة وتبقى اللصاقة عليها طوال العمر.

عادة ما يشتري والد العروس جهاز العروس ( يسميه الحلبيون الجهيز لانهم يكسرون الالف دوما ) بمبلغ يعادل المبلغ الذي قبضه من العريس، ويضيف عليه مبلغا اكبر اذا كان ميسورا .

و” الجهيز ” مؤلف من عدة أشياء اساسية منه ثياب الزوجة الخارجية والداخلية والمنزلية، ويجب أن لا تحتاج الزوجة أن تطلب من زوجها شراء أي ثياب لمدة سنة كاملة على الأقل وإلا اعُتُبر جهيزها معيباً.

كما تقدم الزوجة الفراش الصوفي وبياضات السرير و” شلفة التخت” وبشاكير الحمام وسجادة صوفية وسجادة صلاة وطقوم أدوات منزلية زجاجية للزينة وعطورات ومواد تجميل خاصة بها.

ويرسل جهاز العروس بشكل علني واستعراضي إلى منزل العريس، قبل ثلاثة أيام من حفل العرس ( تسمى المناسبة مد الجهيز )، يرافق الموكب جمع من الرجال على صوت الطبل والزمر .

أمام موكب الجهاز ترقص العبلة على الجمل، ورقص العبلة هو تقليد اندثر في الخمسينات من القرن العشرين، كانت تقوم به فتاة ملثمة من الغجر، راكبة على جمل ترقص بطريقة معينة ولم يكن وجهها معروفا لاحد، لدرجة ان البعض كانوا يشككون بكونها شاب ملثم.

يرافق العبلة مجموعة من الرجال يقودون جملها وتجري خلفهم اللعبة التي يسميها الحلبيون لعبة ” الحكم ” ويقوم بها مبارزي السيف والترس الاستعراضيين. خلف هؤلاء يسير الحمالون على رؤسهم صواني نحاسية ملفحة بالحرير وعليها الزهور. الصينية الاولى عليها زجاجات العطور ومواد التجميل والمكحلة.

تليها صينية الكؤوس والاباريق الزجاجية، تليها صينية فناجين القهوة، يليها صينية وشاح العروس الوردي اللون الذي يسمى ( اليشمق )، يليها صينية عليها “طشت ” وابريق نحاسي لغسل اليدين بعد الطعام وللوضوء، يليها صينية بقجة الحمام، ومعها طاسة الحمام واللكن لوضع البيلون فيه.

يليها صينية عليها القبقاب الشبراوي المطعم بعرق اللولو الذي يرتفع او ينخفض تبعا لطول العروس.

يليها القياس ( يلفظه الحلبيون بكسر الالف قييس ) وهو عبارة عن فرش رقيقة من الدمقس الاحمر معلق عليها لوحات من الفضة الخالصة ( هي التي اتفق عليها كجزء من المهر ) توضع على دكة خشبية عالية في غرفة العروس ولا تستعمل الا للعرض.

تسير ورائهم الدواب مزينة بالخرز والودع والريش والاجراس، ورؤسوها معصّبة بالمناديل الملونة .

الدابة الاولى عليها السجاد والثانية عليها الفرشة الصوف والمخدات والحرامات والشراشف .

الموكب يسير والدنيا ( قايمة وقاعدة ) والمتفرجين على جانبي الطريق والنساء تتفرجن من شبابيك المنازل المواربة .

ويصل الجهاز لغرفة العروس في بيت العريس لتستقبلها نساء الطرفين حيث تُستعرض امام نساء الطرفين مكونات الجهاز من الملابس وتزغرد النساء عند عرض كل قطعة منه اثباتا من اهل العروس انهم انفقوا المهر الذي قبضوه من والد العريس على تجهيز ابنتهم ولم يقصروا بذلك.

وتعتبر جميع هذه الممتلكات التي تسمى اشياء جهازية، ملكاً خالصاً للزوجة طوال فترة الزواج. وينتهي مد الجهيز بوليمة غذاء تقيمها ام العريس لنساء العائلتين.

ويتوجب على العريس تقديم بدلة الزفاف وحذاء العروس، وتقال كلمة تورية طريفة بهذه المناسبة ( القندرة على العريس).
ليلة الحنة.

تدعى النساء من عائلتي العروس والعريس إلى ليلة الحنة وتكون في حمام السوق، تغني فيها الخوجة وهو لقب مطربات ذلك الزمان، ثم تدخل صواني الحنة على اطرافها الشموع، وحاملوا الصواني يرقصون بها لتتمايل معهم اضواء الشموع لتوضع الصواني على اطراف ” الفسقية” وهي البركة التي تتوسط القسم ” البراني في حمام السوق.

وتضع العروس الحنة على يديها وقدميها بنقوش خاصة ورسوم جميلة تقوم بها ” النقاشة ” او تسمى ” المحناية” ثم تلف بقطعة قماش لليوم الثاني حتى تجف الحنة، وتضع نقوش الحنة بقية السيدات المدعوات أيضا كما يضعها الاطفال إن رغبوا.

ليلة التعليلة
أما الرجال من المقربين للعريس فيقيمون حفلة تجريبية لحفلة العرس تسمى التعليلة قبل ليلة واحدة من العرس يغني فيها المطربون الحلبيون القدود الحلبية والموشحات برفقة الآلاتية ( أي الموسيقيون).

ويرقص فيها الحضور ويسهرون الى جانب نوافير أرض الحوش العربي ولكن لا يرتدي فيها العريس ملابس الزفاف الرسمية وتضيف فيها القهوة المرة والخضرة ( كان يقال حينها عن الفواكه خضرة فلم تكن الفواكه المعروفة حاليا متوفرة دوما فكانت الخضرة مثل العقابية و الخس و الخيار وغيرها حسب الموسم) .

المحامي علاء السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى