فلاش

شارع بارون بحلب ينفض غبار الحرب و” العندليب “ يعود للتغريد

إذا أردت معرفة تاريخ مدينة ما فعليك التعرف على شوارعها، إذا أردت معرفة الحقيقة كما هي وتنفس عبق مدينة ما، فتحدث لحجارتها.. هي الوحيدة التي بقيت، رفعت وأسقطت، أحيت ودفنت، طردت وانتصرت، شهدت أجيالاً سبقت وأجيالاً حضرت وأجيالاً ستكون، وفي الشهباء بارون كان وعاد وسيبقى .

شارع بارون بحلب، هو أحد أهم وأقدم شوارع المدينة الواقع في مركزها، يشتهر بمقاهيه الأثرية القديمة التي شهدت أحداثاً تروى ولا تروى، وينتهي بفندق بارون الأثري المشهور الذي كان مركزاً للعديد من الأحداث التاريخية المسجلة بالكتب التي لا تنسى.

وبعد ست سنوات من الحرب التي شهدتها مدينة حلب، عادت مظاهر الحياة مجدداً إلى الشارع العريق وعادت أصوات الباعة والمارين تعلو، و”العندليب” افتتح أبوابه مجدداً، وبستان الشهبندر موجود، ومقهى البرازيل سيعود.

وأولى تلك المطاعم الأثرية التي عادت للعمل هو مقهى العندليب المشهور قديماً بصناعة العرق البلدي، وقال “أبو جميل” ( صاحب المطعم ) لتلفزيون الخبر “كنت أجلس طيلة سنوات الحرب أمام باب المقهى استذكر الأيام السابقة، وأخطط لما سوف سيكون في المطعم بعد عودته للعمل، كان أملي كبيراً للعودة والحمد لله أننا عدنا”.

وأضاف أبو جميل: “منذ أول يوم لإعادة افتتاح المطعم تفاجأت بعدد الأشخاص الذين قدموا فوراً وبدون سؤال إلى المطعم، واليوم الأول كان أشبه باستذكار التاريخ للحاضرين، فمعظمهم كان من رواد المطعم، أخفتهم الحرب وعادوا الآن مجدداً”.

وتابع: “أجمل ما في الأمر هو عودة الحياة للشارع، وإعادة افتتاح العندليب كان من شأنه تشجيع الأهالي وأصحاب المحلات على افتتاح محلاتهم، وخصوصاً أنه لقي قبولاً كبيراً من قبل “السهيرة”، وشارع بارون فعلياً عاد للحياة”.

وكانت معظم المطاعم والمحلات التجارية والمكاتب أغلقت أبوابها في شارع بارون، طيلة سنوات الحرب، وعلى الرغم من أن المنطقة بقيت تحت سيطرة الجيش العربي السوري إلا أنها كانت تمطر بالقذائف المتفجرة من قبل المسلحين المتواجدين في مناطق ملاصقة لها، كباب جنين وبستان القصر وباب الفرج.

وأكثر ما يشتهر به شارع بارون هو فندق “بارون” الذي سمي الشارع على اسمه، وهو فندق أثري أنشئ مابين عامي 1906 و1911 من طابقين فقط يحتويان على 31 غرفة نوم وحمامين، ثم قام الأخوان مظلوميان برفع الطابق الثالث في عام 1942، وهو مؤلف من 17غرفة مع حمام في كل منها.

وكان اسم الشارع قبل أن يُنشَأ فيه الفندق “شارع غورو”، وبسبب دور الفندق الكبير وما شهده من أحداث مهمة ومقيمين مميزين، تم تسميته بشارع بارون عام 1946.

وأقام في الفندق الكثير من أسر العائلات الحاكمة في أوروبا إضافةً للباشاوات وتجار الحرير والأثرياء، وكان من نزلاء الفندق أيضاً قادة جيوش الألمان والأتراك في الحرب العالمية الأولى، وسكناً لجنرالات الحلفاء البريطانيين والفرنسيين والجنرالات في الحرب العالمية الثانية.

ومن أهم الأحداث والشخصيات التي أقامت في فندق بارون، إلقاء الملك فيصل خطاب الاستقلال في حلب بعد الثورة العربية الكبرى من شرفة الغرفة رقم 215، كما أقام في الفندق الرئيس جمال عبد الناصر عند زيارته حلب بعد قيام الجمهورية العربية المتحدة، والرئيس حافظ الأسد عندما كان وزيراً للدفاع في الغرفة رقم202.

وأقام لورانس العرب أيضاً في الفندق، وهناك صورة له معلقة على جدران غرفته، وفي الغرفة 213 أقامت الكاتبة البوليسية الشهيرة “أغاثا كريستي” مع زوجها عالم ومنقب الآثار المستشرق “متر ماكس فالوين”، حيث أنجزت في هذه الغرفة بعضاً من فصول روايتها الشهيرة “جريمة في قطار الشرق السريع”.

واستقبل الفندق أيضاً أول رائد فضاء في العالم “يوري غاغارين”، وأقامت فيه أيضاً رائدة الفضاء الروسية “فالنتينا تيريشكوفا”.

ومن النزلاء أيضاً ولي عهد ملك السويد، وسعد الله الجابري والمشير الركن “عبد السلام عارف” و”مختار ولد دادا” رئـيـــس جمهورية موريتانيا، وإبراهيم هنانو وفارس الخوري ونوري السعيد وعباس حلمي باشا والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات.

وفا أميري – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى