مجتمع

“شادوز” يعزف لحن الوداع.. “كويفاتي” يسدل الستار عن ركنه الموسيقي في حلب

لطالما كان ظلال أو “شادوز” كما يعرف في مدينة حلب ركنا موسيقياً منذ السبعينات إلى ما قبل الحرب، حيث استقطب نخبة “السمّيعة” من أهالي حلب وكان مقصداً للسياح والمغتربين بحسب ما يقول “بشير كويفاتي” صاحب محل شادوز لبيع الاسطوانات الموسيقية.

إلا أن “كويفاتي” قرر أن يسدل الستار عن ركنه الموسيقي من دون عودة، ذلك بعد أن قام ببيعه منذ أيام قليلة.

المحل المعروف في منطقة العزيزية عاصرته أجيال عدة من أبناء حلب كما يقول “كويفاتي”، مضيفاً في حديثه لتلفزيون الخبر: ” لم أكن أتوقع هذا التعاطف الكبير مع خبر بيع محل الموسيقى شادوز من قبل الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.

ويتابع “كويفاتي”: “رغم أنني بفضل تواجدي لسنوات في هذا المحل تكونت لدي شبكة علاقات اجتماعية واسعة لكن قلة مرتادي المحل وندرة قاصديه لم تجعلني أتوقع أن المحل ربما ترك أثراً لدى الناس”.

وكان “كويفاتي” أغلق محله عام 2012 مع اشتداد المعارك في مدينة حلب، إذ كان موقع المحل مصباً للقذائف على فترات طويلة.

وبحسب ما أوضح “كويفاتي” لتلفزيون الخبر: فإنه حاول إعادة افتتاح المحل لمدة شهر بعد أن كان مغلقاً طوال سنوات الحرب، وذلك قبل أن يتخذ قرار البيع.

لكنه بحسب ما يقول: “تفاجأ بتغير الأشخاص والأذواق، فلم يعد مرتادو هذا المحل هم نفسهم قبل الحرب، والناس باتت تطلب أنماط أخرى من الموسيقى الحديثة والخفيفة غير متوفرة في هذا المحل وليست من الأنماط الموسيقية التي يقتنيها”.

تغير الأشخاص والأذواق لعله مؤشر واضح على تغير ديموغرافي وربما تغير في اهتمامات الناس أيضاً، وحول ذلك يقول “كويفاتي” لتلفزيون الخبر: “أقتني في محلي الموسيقى الكلاسيكية ونتاجات الأوركسترا العالمية”.

ويتابع ” هذا النوع من الموسيقى يدعو الناس إلى التفكير والتأمل، أما ما يطلبه الجمهور اليوم هو الموسيقى الترفيهية الخفيفة التي لا تأخذ مستمعها إلى مناحي التفكير العميق”.

ولعل سهولة الوصول إلى المقطوعات الموسيقية عبر الإنترنت هو أبرز ما واجهه “كويفاتي” في عمله كبائع اسطوانات موسيقية ثم كاسيتات وسيديات، إذ يقول لتلفزيون الخبر: “التكنولوجيا والحداثة أثرت على عملنا وأصبحوا قلائل من يتقصدون اقتناء كاسيت أغاني لا سيما وأن كل ذلك متوفر عبر اليوتيوب ومواقع الانترنت”.

أما عن الأذن الموسيقية في السابق ومقارنتها مع “سمّيعة” اليوم يقول “كويفاتي”: الناس اعتادت على سماع نسخ غير أصلية من الموسيقى عبر الموبايلات وأجهزة الكمبيوتر بينما جودة المقطوعات الموسيقية تختلف عند سماعها في دار الأوبرا مثلاً واليوم قلائل هم مرتادو دور الأوبرا لأجل الموسيقى”.

ويتوقع “بشير كويفاتي” أن يتحول ركنه الموسيقي “شادوز” إلى محل تجاري لبيع الأحذية والحقائب مثلاً، حسب ما تتطلبه المنطقة والسوق ما حولها، في حين أن مصير الإرث الموسيقي الفني الذي يقتنيه “كويفاتي” سيظل حبيس منزله.
وعن مشاعره بعد أن باع “محل العمر” يقول بشير كويفاتي: “أكثر ما يحزنني أنني لم أعد أشارك الناس بهذا النوع من الموسيقى الراقية، إذ كنت أفرح عندما أنقل شغفي بالموسيقى للآخرين، أما الآن سأكتفي بسماع ما لدي من موسيقى جادّة بمفردي”.

يذكر أن “بشير كويفاتي” كان زوّد دار الأوبرا في دمشق بنسخة من مقتنياته الموسيقية، ونسخة أخرى كانت من نصيب المكتبة الروحية في حلب، إلا أن النسخ الأصلية من الموسيقى العالمية ستبقى ملكاً لصاحبها، وصداها بات لا يتجاوز حدود منزله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى