ثقافة وفن

سوق البزورية .. جوهرة أثرية ملوّنة في قلب دمشق

تتعدد الأسواق القديمة في دمشق وتتنوع بطبيعتها و بضائعها وسلعها، إلا أن بعضها بقي متخصصاً وحافظ على شعبيته كأكبر المخازن التموينية للمدينة منذ العهد الأيوبي، وسوق البزورية أحد هذه الأسواق التي تجذبك ألوان سكاكره وروائح أعطاره فتسابق خطاك على أمل اكتشاف سره.

يعد سوق البزورية أقدم الأسواق التاريخية في أقدم عاصمة مأهولة في العالم، ويقع جنوب الجامع الأموي، ويمتد شمالاً بين قصر العظم وسوق الصاغة وصولاً إلى سوق مدحت باشا.

يعود إنشاء سوق البزورية المسقوف بساتر قوسي معدني من شماله حتى جنوبه إلى العهد المملوكي إلا أنه اكتسب أهميته وشهرته أثناء زمن الوالي العثماني أسعد باشا.

يضم السوق العديد من الخانات التاريخية والمحلات والدكاكين التي تبيع الأعشاب الطبية ومواد العطارة بالإضافة إلى الحلويات والسكاكر وأنواع الصابون المختلفة و التوابل.

قبل أن يأخذ السوق تسميته الحالية عُرف قديماً باسم سوق القمح، ثم سوق الدهيناتية، لاشتهاره حينها بصناعة الدهون، وسمي بعدها باسم العطارين بسبب بيعه عطور الوردة الشامية، وعرف أيضاً في عهد المماليك باسم سوق البزوريين.

تمت تغطية سوق البزورية في عهد الوالي حسين ناظم باشا بالتوتياء والحديد لحمايته من الحرائق والحوادث، الأمر الذي جعله يحافظ على شكله الأصيل رغم كل ما تعرض له من كوارث طبيعية، و أمَّن السقف أيضاً الحماية لزوار السواق من حر الشمس صيفاً ومن المطر شتاءً.

يلحق بالسوق خانات متعددة كانت تستخدم كنزل للقادمين من اسطنبول إلى الحجاز، يقيمون فيها للاستراحة، وتتألف من طابقين السفلي لوضع الخيول و البضائع و العلوي للمنامة.

ويوجد في منتصف السوق مقام الإمام البزوري في مسجد البزورية بالقرب من خان أسعد باشا، ويحوي السوق نحو 150 محلاً تجارياً في البداية كانت مصنوعة من الأخشاب فقط ليتم لاحقاً إضافة الحديد إليها دون المساس بطرازها الأثري القديم .

يتمتع السوق بمكانة خاصة عند الدمشقيين اكتسبها من سلوكيات أصحاب المحال التجارية المعروفين يتعاطيهم الأخلاقي.

و يقسم سوق البزورية إلى ثلاثة أقسام الأول سوق العطارين و في الوسط سوق الغذائيات أما في نهاية السوق فنجد قسم السكاكر والمكسرات والحلويات.

نحو 80 بالمئة من كافة السلع و المواد الموجودة في السوق هي محلية المنشأ أما بعض البهارات و التوابل فتستورد من الهند وشرق آسيا.

يتهافت الكثيرون يومياً على سوق البزورية للحصول على الأعشاب الطبية التي يشتهر بصناعتها لما تحققه من فوائد حقيقية كنوع من الطب البديل رخيص التكلفة.

يتوسط السوق حمام نور الدين الشهيد الباقي من أصل 200 حمام دمشقي منذ القرن الثاني عشر، و يقع في سوق البزورية أيضاً خان أسعد باشا الذي بني في منتصف القرن التاسع عشر.

ينتعش سوق البزورية بشكل خاص في الأعياد و شهر رمضان ومواسم إعداد المؤن الغذائية التي يشتهر بها الدمشقيون مثل مكدوس الباذنجان المحشو بالجوز.

قرون مضت بكل ما شهدته من أحداث و تغيرات و حضارات، حافظ خلالها سوق البزورية على خصوصيته و فرادته بين الأسواق الأخرى، ليبقى صلة الوصل بين عبق التاريخ بكل إرثه وحضارة الحياة المعاصرة وحداثتها، و العلامة الثابتة الناجحة في جذب الزوار سواء العرب أوالأجانب .

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى