موجوعين

سوريا حزينة .. رحيل ابن اللاذقية عالم الجيولوجيا فواز الأزكي

“علمني الفلك أن الأرض أجمل الكواكب وعلمتني الجيولوجيا أن هذه الخارطة هي أجمل رقعة على الأرض”، بهذه العبارات الجزلة والمكتنزة بالشغف الذي لا حدود له طالما أنه يحلق في العالم الأحب إلى القلب اختصر الباحث الجيولوجي والدكتور في جامعة تشرين فواز الأزكي مشوار أبحاثه الجيولوجية .

عبارة وضعها علامة بارزة على مدخل متحفه الجيولوجي الأول في سوريا وفي الشرق الأوسط، ليقول إن سوريا هي الجيولوجيا الأجمل من بين كل جيولوجيا العالم.

الأزكي من مواليد اللاذقية عام ١٩٥٩، نشأ في قرية قسمين التي تحيط بها الجبال والسهول والأنهار، في تضاريس كانت ملهمة الأزكي لدراسة علوم الجيولوجيا، فهذه التضاريس خبأت الكثير من المستحاثات والبقايا في ثناياها.

في ظل غياب كلية أو قسم الجيولوجيا في جامعة تشرين، قرر الأزكي أن يدرس هندسة البترول في محافظة حمص، وبعد مضي عام حصل على منحة دراسية إلى رومانيا وكان خياره الحتمي أن يدرس الجيولوجيا فسجل في جامعة بوخارست كلية الجيولوجيا.

وعند عودته إلى سوريا، درّس الأزكي في جامعة تشرين كلية الهندسة المدنية مقرر الجيولوجيا الهندسية، ولم يكتفِ، بل قام بمراسلة جامعة بوخارست كلية الجيولوجيا للحصول على قبول للدكتوراه وبالفعل حصل عليها عام 1991 في قسم الهيدروجيوفيزياء.

وفي عام 1996 كان تم افتتاح قسم الجيولوجيا في جامعة تشرين، فتقدم عندها الأزكي ليشارك بما هو بارع به، فقد كانت الجيولوجيا عشقه منذ أن كان صغيراً.

اكتشف الأزكي أول دليل على مرور الديناصورات من سوريا عام 2000 ، وأتبعها بدلائل أخرى تؤكد نظريته، مما أحدث ثورة في عالم الجيولوجيا الخاصة بالحوض الشرقي للبحر المتوسط على مستوى العالم.

كما يعد الأزكي صاحب أول موسوعة جيولوجية عربية وواحدة من أندر الموسوعات وأشملها عالمياً، وقد بلغ الحد الذي جعله واحداً من أهم أعلام الجيولوجيا والصخور عربياً، وواحداً من المشار إليهم بالبيان على المستوى العالمي.

لدى الازكي العديد من المؤلفات والكتب أهمها : الموسوعة الجيولوجية “2006” وهي أيضا تعد الأولى من نوعها في المنطقة، وقد نال جائزة “سابا” للجيوفيزياء عام 1994، كما نال ميدالية الجمعية الجيوفيزيائية الرومانية 1995.

من فرط حبه للجيولوجيا ومع غياب أي متحف جيولوجي في سوريا، حوّل الأزكي بيته الريفي الوحيد في قريته قسمين بريف اللاذقية عام ٢٠٠٢ إلى متحف جيولوجي يعد الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط.

ويتميز المتحف بغناه البحثي ويضم أقساما عدة، بعضها في الهواء الطلق، وبعضها الآخر داخل بناء حجري يتميز بطابعه المعماري والذي يحاكي البيئة الريفية السورية.

ويزور المتحف عشرات المجموعات بغرض العلم والاكتشاف، كما قدم إليه زوار من بلدان أبرزها روسيا وإيطاليا وفرنسا وأبدو إعجابهم بالمتحف المجاني والأول من نوعه في سوريا.

وكان الأزكي يطمح أن يشكل هذا المتحف صرحاً علمياً وثقافياً وسياحياً لسوريا و مرجعاً لمن يريد أن يبحث ويتزود في هذا المجال.
رحل الأزكي عن عالمنا إلا أنه ترك وراؤه عالمه الجيولوجي الخاص الذي بناه على مدار أعوام طويلة وكنزه في متحفه الذي بات محجاً لمن يريد الإبحار في هذا العالم السحري متتبعاً خطى الأزكي المعلم الأول.

صفاء إسماعيل – تلفزيون الخبر – اللاذقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى