كاسة شاي

سلمية يا ست البلادي .. المونة في السلمية “طقس” لم يندثر

بدأت الأسر السورية بالتحضير “للمونة”، كعادتها في كل عام، ولسنوات طويلة كان التحضير “للمونة” من العادات الاجتماعية والطقوس التي تمارسها كل أسرة، ولم تكن فقط نوع من أنواع الأمن الغذائي وحفظ أنواع من الطعام.

وكانت هذه الطقوس في مدينة “السلمية” قديماً لها طابعها الخاص، فكل أسرة برجالها ونسائها تشارك في هذه العملية التي تستمر لأيام من التحضير.

ويقوم الرجال بماهو بحاجة لجهد عضلي، أما النساء فيقمن بما هو بحاجة لخبرة، وترافق هذه الأيام عدة سهرات وتجمعات، وأغاني تراثية (سلمية يا ست البلادي ، والدلعونا ، وأبو الزلف)، ومع مرور السنين اختفت هذه الظاهرة تدريجياً لعدة أسباب (اقتصادية واجتماعية).

أم اسماعيل (ربة المنزل) قالت لتلفزيون الخبر “نحن أسرة من ستة أشخاص ونحتاج لكمية كبيرة من المونة خلال فصل الشتاء”، مضيفة “قمت “بتموين” عدة أصناف (مكدوس، دبس بندورة، بامية، وباذنجان محفور، زيتون)”.

وأردفت “لكني أصبحت أعد المونة بكميات أقل، فمثلاً من خمس سنوات قمت “بتموين” 100 كيلو “مكدوس” أما اليوم فكانت الكمية النصف تماماً بسبب الغلاء وبدء العام الدراسي وانتهاء العيد”.

وأضافت: “كانت التكلفة كبيرة جداً مقارنةً بأيام زمان، وحتى طريقة التحضير والطقوس، فغالباً كنا نجتمع في بيت العائلة ونبدأ العمل لعدة أيام، وينقسم العمل بيننا، وتوزيع المهام الذي كانت تشرف عليه الأم والجدة، وعند الانتهاء نتقاسم “المونة” حسب حاجة كل أسرة”.

وقالت أم سعيد (موظفة): “أنا لا أملك الوقت لتحضير “المونة”، فأقوم بشرائها جاهزة ولكنني أضطر لدفع ضعف مبلغ التكلفة تقريباً، فسعر كيلو (الباذنجان المسلوق 1000 ليرة والفيلفلة 3500 والجوز 6000 واللوز 3700)، وأضطر لشرائها بهذه الأسعار لأنني لا أملك الوقت”.

في حين قالت فرح “عروس جديدة”: “للصراحة أنا بحياتي ما اشتغلت مونة، وما بعرف سويها، خلصت جامعة وتزوجت، وغالباً باخد مونتي من بيت أهلي، وإذا فكرت حضر للمونة فالبيت صغير (شقة ضمن بناء) ومافي مكان”.

واشتكى أبو علي (عامل بناء) فقال: “هذه السنة لم أشترِ أي صنف “للمونة”، فالأسعار غالية جداً وحين حسبت التكلفة بلغت حوالي 100 ألف ليرة، ولا أستطيع دفع هذا المبلغ دفعة واحدة، وحين أرغب بصنف معين سأشتري حاجتي من السوق بكميات تناسبني”.

وقالت أم علي 71 عاماً “بناتي ما خلوني اشتغل مونة السنة، وبقلولي السوق معبى يلي بدك ياه، شو بدك وصينا وبيجيكي جاهز”.

وبدورها شرحت أم محمد (تعمل بتحضير “المونة”): “أنا أعمل بهذا المجال منذ 18 عام، وكل سنة تقصدني عدة عائلات لأحضر لها “مونتها”، فأقوم بالتسوق وشراء الخضار والفواكه حسب الطلب لكل أسرة، وأضيف على القيمة الكلية أجار يدي”.

وأضافت: “كل سنة يقل عدد الأسر التي تطلب مني تحضير مونتها، وبعضهم يطلب نوع معين أساسي، أو كميات قليلة فأضطر لجمع عدة طلبات لصنف معين وأقوم بصنعه”.

الجدير ذكره أن “المونة” باتت تختص بعض الشركات بصنعها وبيعها كمعلبات بالكيلو ونصف الكيلو، بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي لكل أسرة.

وتلجأ بعض الأسر للتحايل على الظروف الاقتصادية فتقوم بخلط زيت الزيتون مثلاً بالزيت الأبيض، وبدل الجوز تضع الفستق داخل بعض المأكولات.

يزن شقرة _ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى