فلاش

“أبو أيمن” لم يعد موجوداً و”الحجيات” طلبات خاصة .. سراقب بين 2011 و 2017

“البوظة” و”الهيطلية” التي اشتهرت بها سراقب لم تعد موجودة في مقصف أبو أيمن على الطريق الدولي “حلب – دمشق” بالقرب من سراقب، لأن المقصف لم يعد موجوداً، أما “الحجيات” وهن راقصات بدويات رحّل، اشتهرت بها البلدة، فقد تحجبن وصارت الطلبات خاصة، وإسلامية على مقاس “النصرة” و”أحرار الشام“.

حوالي السبع سنوات مرت منذ دخلت بلدة سراقب التابعة لمحافظة إدلب في الشمال السوري في خريطة الحرب، وتغير وجه البلدة، كما وجه كل منطقة من التراب السوري، وأصبحت البلدة اليوم على واقع مغاير لما قبل 2011.

وتأقلمت البلدة حالياً مع كل المعطيات التي تعيشها، حيث تقوم “حركة أحرار الشام الاسلامية” المتشددة بتنظيم أمور المدينة وإيقاعها، وهي المكروهة في البلدة، فيما تبتعد “جبهة النصرة” عن الحياة المدنية وتتولى أكثر شؤون القتال، ويبقى من التنظيمات المتشددة بقايا ما يسمى بـ “الجيش الحر” الذي “ما بيمون ع حالو”، وذلك بحسب مصدر محلي من البلدة.

وأضاف المصدر المحلي، الذي رفض ذكر اسمه خوفاً على ما تبقى من عائلته في البلدة، أن “وضع البلدة حالياً مستقر بالرغم من سيطرة التنظيمات المتشددة عليها، إلا أنها لا تشهد عمليات أمنية كبيرة أو اشتباكات”.

وبين المصدر أن “الناس في البلدة اليوم لديهم مصدري دخل لا ثالث لهما، إما أن يظل ويزرع أرضه، وخصوصاً محصولي القمح والزيتون، أو أن يتطوع في صفوف إحدى التنظيمات التي تحتل البلدة، لأن بقية المهن “انقطع رزقها” بعد 2011″.

وعن محصول القمح قال المصدر أن “الدولة حتى الآن ما زالت تشتري من المواطنين محصول القمح لديهم سنويا، وبأسعار أغلى من الأسعار التي يشتريها منهم مسلحو التنظيمات المتشددة”، مضيفاً أن “من يبيع للتنظيمات المتشددة هو من عليه أحكام قضائية ولا يستطيع الذهاب لحماة”.

وبالنسبة للتواجد الحكومي في البلدة، أكد المصدر أن “المنهاج الدراسي السوري هو ما يدرس في مدارس البلدة، وذلك بعد رفض أغلبية السكان مدارس ومناهج “الائتلاف”، حيث يدرس الطلاب في المدارس في البلدة منهاج وزارة التربية السورية باستثناء مادة القومية، فيما يقدم طلاب شهادتي التاسع والبكالوريا امتحاناتهم في مدينة حماة”.

وأضاف: “المدرسون بقيوا في المدارس ويتبعون للدولة ويقبضون رواتبهم من حماة، مثلهم مثل بقية الموظفين في البلدة”، موضحاً أن “عدداً كبيراً من دوائر الدولة بقي عاملاً حتى سقوط مدينة إدلب”، مردفاً بسخرية: “شعبة التجنيد ضلت لآخر نفس شغالة، والشب يلي فيها كان كل فترة يجيبوه يضربوه ويرجعوه”.

وعن بقية الخدمات، بين المصدر أن كهرباء الدولة لا وجود لها والاعتماد الكلي على “الأمبيرات”، وخطوط الهاتف الأرضي مقطوعة بين البلدة وبقية الأراضي السورية، ويستخدم أبناء البلدة شبكات النت الفضائي التي انتشرت بكثرة، والتي توفر سرعة “ما بتشوفها بكل مناطق سوريا”، كما انتشر استخدام “التاترات” بين أبناء البلدة.

وتابع المصدر: “بالنسبة لطلاب الجامعات، فإن من يذهب خارج البلدة إلى الجامعات السورية قد يتعرض لمساءلة أمام إحدى “المحاكم الشرعية” التابعة لإحدى التنظيمات وذلك بحسب “الفسدية” التي أتت عليه”، مؤكداً أن عدد من الطلاب جرى اعتقالهم بتهمة “الكتابة على فيسبوك”.

وأكدر المصدر، وهو أحد سكان البلدة الذي يسكن في إحدى المحافظات الآمنة نسبياً ويتردد على البلدة كل فترة، أن سكان سراقب “وصلوا لمرحلة من التملل واليأس في ظل حكم التنظيمات المتشددة، التي لم تستطع فرض تشريعاتها كاملة على السكان”.

وأردف المصدر أن “البلدة لم تشكل فيها “هيئة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر” ولم يلاحق أحد بسبب عدم صلاته، واللباس في البلدة بقي كما هو، حجاب عادي دون تواجد أو فرض للنقاب”.

ويستذكر المصدر أول أيام الحرب، حيث كانت المظاهرات تخرج لتتركز في الشارع المسمى “السور” ، بالمقابل كانت تخرج مسيرات مؤيدة للدولة في شارع أخر، مع تسجيل حدوث صدامات بالمستوى الأدنى، وذلك لأن “الكل بيعرف بعضو بالضيعة”.

وروى المصدر عن أول أيام الأزمة: “كنا في سراقب نستأجر بيتا لنقضي سهراتنا فيه قبل الأزمة، وهذا ما بقي بعدها، في الصباح الكل إما يتظاهر مع أو ضد، وفي المساء كنا نجتمع، وبعد أن ظهر السلاح اتبعنا قاعدة “حط سلاحك برا بس تفوت”، ومنعنا أي شخص مسلح من الدخول قبل تسليم سلاحه”.

وعن الأوضاع حالياً، بين المصدر أن “البلدة حالياً تشهد استقراراً، كون الأجانب الذين كثروا في فترة ما في البلدة ارتحلوا لإدلب المدينة بعد احتلالها ولم يبق فيها إلا العدد القليل من أبناء البلدة المتشددين”.

وأضاف المصدر: “التقديرات كانت تشير إلى أن عدد سكان البلدة قبل 2011 حوالي الـ 60 إلى 70 ألفاً، ومع الحرب والهجرة انخفض التعداد، ولكنه زاد بفعل نزوح بعض السكان من البلدات المجاورة لها، وأصبح عدد السكان حاليا أقل من 40 ألفا”.

يذكر أن أهالي البلدة حالياً مقسمون لعدة أقسام، منهم من يتشدد في نصرته للتنظيمات المتشددة، ومنهم من لا ناقة له ولا جمل وفقط مل، ومنهم من يؤيد الدولة ولكن لا يشهر بتأييده خوفاً، مؤكداً أن “من بين أبناء البلدة حوالي الـ 60 إلى 70 شخصا يخدمون ضمن صفوف الجيش العربي السوري”.

علاء خطيب – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى