العناوين الرئيسيةكاسة شاي

ذكريات طفولة تأبى أن تكبر .. قصص أجيال من السوريين مع “باباي” والسبانخ

لباسٌ بحري، غليون، عضلات قوية، تصفيرة مميزة وعبوة سبانخ، تفاصيل تبدو صغيرة إلا أن مجرد ذكرها كفيل بإعادة إحياء ذكريات كبيرة من طفولتنا، عن بطل شخصية كرتوينة أحببناها على اختلاف أجيالنا، وتابعنا مغامراتها “العصامية” المليئة بالشجاعة والطرافة .. “باباي” رجل البحار.

ظهر “باباي” لأول مرة في إحدى الصحف الأمريكية سنة 1929، بعدما رسمه وعرضه فيها “إليزي سيغار”، إلا أنه سرعان ما أثبت نفسه كشخصية تستحق أن تدخل عالم الرسوم المتحركة عندما تبنته شركة “بارامونت بيكتشرز”.

استمرت الشركة بإنتاجه من ثلاثينات القرن الماضي حتى أواخر خمسينياته بعد أن غزا أمريكا وأوروبا وبريطاينا، لتعاود شركات أخرى إنتاج المزيد من أجزاءه في السبعينات حتى سنة 2004.

دخل “باباي” العالم العربي عموماً وسوريا خصوصاً في أواخر الثمانينات، ورافق أيام طفولة معظمنا، وشكل جزءاً كبيراً من ذكرياتٍ وردية في داخل كل منا تأبى أن تكبر مهما تقادم بها العمر.

ربما تحتوي الصورة على: ‏نص محتمل مفاده '‏‎Popeye‎‏'‏

 

وعن ذكريات السوريين مع تفاصيل هذه الشخصية الكرتونية، يقول محمد شريقي (مغترب سوري في ألمانيا 30 عاماً) لتلفزيون الخبر : “اعتدت متابعة “باباي” بدءاً من الصف الثاني أي بعمر 7 سنوات، حيث كان من أشهر أفلام الرسوم المتحركة في وقتها”.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

 

وتجسد أثر “باباي” على شريقي كباقي الأطفال في عمره، حيث “أقنعه والداه بأنه في حال تناول السبانخ –التي لطالما امتنع عن أكلها- سيصبح قوياً مثل “باباي” شخصيته الكرتونية المفضلة”.

أما تأثير “باباي” الخاص على شريقي من مدينة اللاذقية، فتجسد بـ”أنه رأى فيه صورة مثالية للرجل القوي المسؤول عن حماية النساء”، يقول شريقي: “اعتاد “باباي” أن يكون مثل “البادي غارد” لمحبوبته زيتونة، يدافع عنها وينقذها من الشرير بولو”.

“في تلك المرحلة العمرية كنت أذكر “باباي” عندما أكون مع قريباتي وصديقاتي، وأشعر أنني مسؤول عن حمايتهن في أي رحلة أو نزهة”، يقولها شريقي ممتناً.

ويرى شريقي أنه “رغم عدم جمال تفاصيل شكل “باباي” إلا أنه لا يمكن إنكار “الكاريزما” العالية التي يمتلكها والمتمثلة بلباس البحارة، وعضلاته وغليونه”.

وينهي شريقي حديثه قائلاً : “ما كان في “ستيكرز” لـ”باباي” أنا وصغير، بس لو كان في موبايلات بوقتا أكيد كنت بحط تصفيرتو المميزة رنة تلفوني”.

وعكس شريقي الذي لم تتوافر على أيامه ملصقات لشخصية “باباي”، اعتاد هادي الحمود (طالب معهد سياحي 18 عاماً) أن يملأ كافة كتبه ودفاتره وحتى خزانة ملابسه بكل ما يتوفر في المكتبة من صور لمحبوبه “رجل البحار”.

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏

 

“تابعتُ “باباي” أول مرة على التلفاز عندما كنت في السادسة من عمري، إلا أن السلسلة لم تعرض في حينها بشكل متتابع، فلجأ أهلي إلى شراء أجزاءه كاملة على دي في دي”، يقول هادي من مدينة السويداء.

ويضيف هادي متذكراً “أكثر ما جذبني إلى متابعة المسلسل الكرتوني هو عندما كانت زيتونة تتشاجر مع “باباي”، إضافة إلى قوته البدنية وخوف الجميع منه”.

واستحضر نوار متوج (مهندس 33 عاماً مقيم في إربيل) أكثر لحظاته المفضلة من المسلسل الكرتوني الذي تابعه منذ حوالي 27 سنة، قائلاً : “كنت انتظر بفارغ الصبر اللحظة التي سيأكل فيها “باباي” السبانخ، لتبدأ عضلاته بعدها بالانتفاخ ويباشر مهمته في إنقاذ زيتونة”.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏يبتسم‏‏

“توتري كان يزداد بشكل ملحوظ عندما يصعب على “باباي” الحصول على عبوة السبانخ”، مضيفاً “لطالما حلمت أنني سأشتري نفس العبوة عندما أكبر لأصبح تماماً مثل “باباي””.

أما علي عبد اللطيف (طبيب 27 عاماً) الذي تابع مغامرات رجل البحار بعمر العاشرة في منزله بطرطوس، لم يقتنع يوماً بأهمية السبانخ التي لطالما أُجبِرَ على تناولها بذريعة أن يكبر ويصبح مثل “باباي”.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏منظر داخلي‏‏‏

“الشكوك التي ساورتني في صغري حول حقيقة السبانخ كمصدر للقوة والطاقة التي تمتع بها “باباي”، أصبحت واقعاً علمياً في كبري بعد دراستي الطب”، يقول عبد اللطيف لتلفزيون الخبر.

“نسب الحديد التي يحتويها السبانخ تعتبر عادية جداً مقابل أنواع أخرى من البقوليات والخضروات”، يشرح الطبيب مؤكداً أن “نسبة الحديد في البقدونس على سبيل المثال هي أكثر بنحو 6 مرات من تلك الموجودة في السبانخ”.

وشكك عبد اللطيف بأن “يكون محتوى العبوة التي لطالما أكل منها “باباي” هو سبانخ”، “ممكن يكون حشيش مثلاً بس حفاظاً على أخلاق الأطفال كذبوا علينا”، ينهي حديثه ضاحكاً.

أما انجذاب أمل سعد (معلمة ابتدائي في صافيتا 32 عاماً) لـ”باباي” تعدى كونه مجرد شخصية رسوم متحركة محببة، إلا أنه شكل لديها منذ الصغر صورة لـ”فارس أحلامها المستقبلي”.

“كان “باباي” يبهرني بحبه لزيتونة، الذي دفعه في كل حلقة دون كلل أو ملل إلى المحاربة من أجل حمايتها ورعايتها كخيالها”، تقولها أمل بتنهد.

تتابع أمل “بالنظر إلى شكل “باباي” فإنه لا يمتلك جمالاً خارقاً، إلا أن رجولته كانت كفيلة بأن تجعل منه في مخيلتي مثالاً لفارس أحلامي الذي لم ألتقِ به بعد”.

“باباي” بعد مضي 90 عاماً على ظهوره الأول، إلا أنه مازال قادراً بصورة واحدة على إحياء ذاك الطفل المشاكس الساكن في داخل كل منا، مستحضراً معه سيلاً من ذكريات عالم البراءة والنقاء الجميل.

 

 

توفيق بيطار – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى