تعليم

دروس خصوصية للطلبة الجامعيين .. استغلال للمنفعة المادية أو إصلاح للتقصير التعليمي

انتشرت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة بين طلبة المرحلة الجامعية، لا سيما مع اقتراب امتحانات كل فصل، وهي اللجوء إلى الدروس الخصوصية والدورات المقدمة إما من أساتذة الجامعة بصفة دكتور أو معيد، أو من جهات أخرى.

ويعزوا الطلبة أسباب الحاجة للدروس إما رغبة من الدكتور، و”مسايرة” لمزاجه وطلباته، أو بسبب تقصيرهم في إعطاء المادة العلمية، مما يفتح الباب أمام جهات عدة للاستغلال مقابل المنفعة المقنعة، أو تقديم المساعدة إنسانياً دون أي “بهارات” مرافقة عند قلة قليلة من المعيدين أو الخريجين السابقين.

وتختلف توجهات الطلبة نحو الدورات لأسباب عدة، منها تنوع الفروع الجامعية ما بين عملية ونظرية، حيث أن الدورات شملتهما معاً، وبين “أحمد” طالب في كلية الهندسية (الهمك) في جامعة دمشق، لتلفزيون الخبر أن “الدروس لها نفع في حالات عدة لاسيما عندما يكون الدكتور غير جدير بالتدريس ولا يتمكن من إيصال المعلومة بشكل صحيح للطالب”.

وتابع أحمد “من هنا لجأ الطلاب لطلبة آخرين تخرجوا أو نجحوا في تلك المقررات، ومن جهة أخرى استغل عدد من المعيدين هذه الحاجة، عبر تقديم خدماتهم بشكل مأجور مع رفع لعلامة العملي”.

ويروي أحمد قصة جرت معه شخصياً خلال واحدة من سنوات دراسته” أن معيدة مادة ما “طلبت “مو بالمشرمحي” أن نجمع أنفسنا حوالي عشرة طلاب، لتعطينا دروس في المادة، مقابل 4000 آلاف ليرة عن كل طالب، ويشمل العرض الحصول على علامة عملي عالية أيضاً”.

وفوجئ أحمد عند صدور علامات العملي أنه “بالرغم من عدم تقديمه المذاكرة النظرية للشق العملي، حصل على علامة ممتازة، والسبب طبعاً الدروس التي سجلها”.

ويشير أحمد إلى أن “دورات المعاهد غير نظامية، لأن المعاهد ليست مرخصة، فمن الممكن أن يخضع الطالب لدورة تكون في غرفة مخصصة للنوم، ويدفع الطالب أجار الكرسي الذي يجلس عليه، لذا هذه الدورة وغيرها من عروض المعيدين ليست سوى ماديات “وما حدا داير عالطالب فهم أو لأ”.

وأنهى أحمد حسرته من حال الجامعات، بقوله إن “عدد لا بأس به من دكاترة الجامعة يطلبون تسعيرة معينة للمادة من أجل النجاح تصل لـ40000 ليرة سورية، وتختلف التسعيرة من اختصاص لآخر ومن صعوبة الدكتور وطمعه إلى آخر “لقمته أصغر”.

وذكر “علي” طالب هندسة الميكانيك من جامعة تشرين، لتلفزيون الخبر أن “موضوع الدورات والدروس غدا روتينياً في جامعتنا، أحياناً تكون المادة صعبة جداً، والطلبة “تتبهدل” كل عام، كما جرى في إحدى مواد اختصاصنا، حتى افتتح معيد المادة معهداً، يعطي فيه دورات لمادته ومواد أخرى”.

وأشار “علي” إلى أنه “بما أن المعيد هو ذاته معيد المادة، كان يحفظ الطلبة المسجلين عنده ويمنحهم درجات عالية أقلها 18 من 30 بالرغم من عدم استحقاقهم لها، وكان الطلب يلجؤون إلى معهده لأنه في كل عام “كنا نتبهدل” بنسب النجاح القليلة في المادة وحاجتنا للترفع”.

ولفت “علي” إلى أن “الطلبة باتوا متحفظين عن الحديث في هذا الموضوع مخافة انتقام المعيد في حال استلامه الطالب بمادة ثانية بمسيرته الجامعية أو لأن الطالب مستفيد أيضاً”.

ويشير “علي” إلى إنسانية معيد آخر “يعطي دروس خصوصية للمادة من الجلدة للجلدة” في محاولة لإيصال المحتوى العلمي كاملاً وبشكل صحيح، ولا يحابي في العلامات بين طالب سجل عنده وآخر لم يسجل”.

ومن جهة أخرى تختلف أسباب الدورات لدى طلاب اللغة الإنكليزية ككلية نظرية، حيث قالت “نور”، طالبة الأدب الإنكليزي في جامعة دمشق، لتلفزيون الخبر إن “المعاهد والدورات جاءت نتيجة لعدم إعطاء دكتور المادة المحتوى ذاته الموجود في المحاضرات، ولطالما أجبروا الطلاب على الحفظ البصم للمقرر “متل طلاب البكلوريا وأكتر”.

وتسبب طريقة الحفظ البصم، بحسب “نور”، “حالة من الضياع حتى ولو كان الطالب يمتلك لغة إنكليزية قوية، هو غير قادر على النجاح بالمادة لأن الدكتور يريد فقط ما أعطى بشكل مبصوم حرفياً، والدورات تساعد على البصم”.

وأوضحت “نور” أنه في اختصاصهم “لا علاقة لأي دكتور بالدورات، بل يقوم بها أشخاص ذوي خبرة أو خريجين سابقين، وبالمقابل الدكتور نفسه يحارب الدورات بحجة تشويهها سمعة الجامعة التي يرى الطلاب أنها “مشوهة مسبقا”، وتصل تكلفة الجلسة الواحدة لمادة في الأدب الإنكليزي إلى 6000 ليرة سورية.

وذكرت “نور” أنه ” من غير الممكن دراسة المادة من المحاضرات فقط، التي يمنعها هي الأخرى أساتذة جامعتنا، في النهاية الطالب بحاجة لمقرر ورقي يستند إليه، والدورات بشكل عام، بالرغم من وفرة المعلومات في المحاضرة الواحدة، إلا أنهم يطرحوها بطريقة سلسة، توفر وقت وجهد الطالب”.

وتابعت “نور” أن “الدورات كذلك تضع الطالب في جو من الطمأنينة، وتبعد كل الأقاويل والمخاوف المذكورة من طلاب سابقين أو من الأساتذة الجامعيين أنفسهم”.

وتؤكد “نور” أن “نسبة ضخمة من الطلاب لديها عمل بغرض إعالة الأسرة أو تأمين مصاريف الدراسة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة اليوم، مما يحيل دون حضورها كامل المحاضرات، التي نطالب في نهاية الأمر ببصمها حتى دون وجود مقرر مخصص من الدكتور المسؤول عن المادة”.

وفي ظل كل تلك الممانعات، يرى الطلبة أن “أساتذة الجامعة أنفسهم هم من يمنحون الأحقية لهذه الأطراف باستغلال الطلاب، في حال لم يكن لهم يد أو منفعة منها، لأن النسبة الكبيرة لا تهتم إن فهم الطالب أو لم يفهم، إن تطورت قدراته العلمية أو لا”.

يشار إلى أن امتحانات الفصل الثاني تبدأ في 9 حزيران الحالي وتمتد حتى 30 منه، يليها الفصل الصيفي مع نهاية شهر تموز وذلك بعد انتهاء فترة امتحانات التعليم المفتوح.

لين السعدي – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى