فلاش

حمى أعمدتها واستشهد عليها .. في الذكرى الثالثة ابن الشهيد خالد الأسعد يروي لتلفزيون الخبر الحكاية

في متحف دمشق الوطني، وتحديداً في مقهاه، يجلس طارق شاب ثلاثيني متأملاً الجدار الذي تعلوه صورة والده التي أخذت سمة الحداد، عيناه تروي الكثير من الغصات واللوعات ولسان حاله يقول “هذا أبي كيف انتقم؟”.

طارق خالد الأسعد ابن شهيد الآثار خالد الأسعد الذي أعدمه تنظيم “داعش” في الثامن عشر من آب في العام 2015، أي بعد ثلاثة أشهر من سيطرته عليها.

يروي لتلفزيون الخبر بين دمعة جامدة ويد مرتجفة الكثير عن حياة والده الشهيد و كيف رهن أعواماً طوال منها كي يحمي تدمر وحصونها وآثارها.

قال الأسعد الابن في وصف حادثة الإعدام “قام تنظيم “داعش” بإعدام والدي بقطع رأسه، ثم وضعوه على الأرض تحت جثته التي علقوها على عامود في ساحة تدمر الرئيسية”، مضيفاً “أخذ شخص رأسه ودفنه، فيما دفن شخصان آخران جسده”.

وفي العودة إلى بداية سيطرة التنظيم على المدينة، أوضح الأسعد أن أخوته وبعض الحراس قاموا بإنقاذ 400 تمثال وقطعة أثرية عند اقتراب إرهابيي “داعش” من تدمر في أيار 2015″، مردفاً “في 20 أيار، وقبل 10 دقائق من دخول “داعش” إلى المدينة، خرجت آخر شاحنة نقلت قطعاً أثرية من متحف تدمر”.

و أردف “حين تمت سيطرة “داعش” على تدمر، وقيامه بتدمير آثارها رفض والدي مغادرتها، وهو الذي لطالما كان يؤكد أنها يجب أن تُحمى من أي أذى”.

وأضاف طارق “انتقل بعدها والدي إلى مكان يبعد مئات الكيلومترات عن تدمر، ولجأ إلى قصر الحير الشرقي، لكن رجالاً ملثمين لحقوا به واختطفوه في 20 حزيران”.

وتابع “حكموا عليه بالإعدام، وقبل تنفيذ الحكم، طلب الأسعد أن يزور متحفه للمرة الأخيرة، بعدها، أخذه إرهابيو التنظيم حافي القدمين إلى وسط المدينة وقطعوا رأسه”.

وفي وصف طريقة الإعدام، قال طارق “طلبوا منه أن يجثو على ركبتيه لتنفيذ الحكم، ولكنه قال لهم لا أموت إلا واقفاً مثل أعمدة تدمر”، ثم علقوا جثته على عامود، واضعين عليها لافتة صغيرة كتب عليها أنه “مرتد” وأنه مثّل سوريا في “مؤتمرات تكفيرية” وأنه “مدير أصنام تدمر”.

ويروي طارق أن “القتلة تركوا جثة والده ثلاثة أيام مع حراس، ثم أخذوا الجسد وقاموا برميه في مكب للنفايات خارج المدينة”، متابعاً “هناك اثنان من أصدقاء والدي راقبا الشاحنة، وانتظرا مغادرة القتلة ليأخذا الجثة ويدفناها بطريقة لائقة”.

وتحدث طارق لتلفزيون الخبر عن أعمال والده على مدار 40 عاماً، موضحاً أنه “شغل منصب مدير آثار تدمر لمدة 40 عاماً بين 1963 و2003، لكن علاقته بالآثار وصونها استمرت وأصبح يعد من الرياديين في علم الآثار في سوريا”.

وأشار الأسعد إلى أن والده “اكتشف بنفسه مقابر أثرية عدة وأشرف على أعمال حفريات عدة وترميم آثار في المدينة”، لافتاً إلى أن “الشهيد خالد الأسعد أسهم وأثر في إدراج آثار تدمر ضمن لائحة التراث العالمي”.

كما ساهم الشهيد خالد الأسعد في تجميع كثير من الوثائق التاريخية و الأثرية خلال حياته، وله أكثر من 20 كتاباً عن المنطقة، و نذر الأسعد حياته لحماية المدينة القديمة، وفق ما أكد ولده.

وختم الأسعد “عند تحرير المدينة من الإرهابيين شعرنا وكأن روح والدي تحوم فوقها فَرِحَة بهذا النصر”.

يشار إلى أن الشهيد خالد الأسعد ولد في العام 1934، و التحق بمدرسة داخلية في دمشق ودرس التاريخ في جامعتها وتعلم اللغة الآرامية القديمة وكانت طلاقته بها تعد إنجازاً نادراً.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى