موجوعين

حكاية 5 شهداء من عائلة واحدة .. تفرقوا على جبهات القتال وجمعهم ضريح واحد

أبو أيمن ، صاحب اللحية البيضاء التي أطلقها كرمى لحزن يسكن ضلوعه، لا يكاد يخفي بعض تجاعيد وجهه والشرود الدائم الذي يسيطر عليه إلا ليظهر ببعض جمله المركزة التي تقول ” الوطن غال ٍ ، الوطن أب َ وأم وأبناء .”

ابو أيمن الملتاع لفقدان ابنه الخامس في هذه الحرب الجائرة ، لايستطيع إلا أن يكون كما يعرفه الناس جسورا ، لايهين له عزم ولاتلين له عزيمة.

الحرب، أفقدته شبانا كان قد رباهم ليعيلوه في كبر سنه، فأعالهم في موتهم وأردف بيديه التراب الممزوج بكثير من الذكريات على جثامينهم، دافناً معهم وإلى الأبد ، العاب الطفولة والفقر ..وربما وقار الشيخوخة فقد كانوا بالأمس هنا ، في كل ركن من المنزل ..والآن توحدوا في التراب .. فالتراب وحده يحترم حضرة الدم المسال.

يستقبل هيثم الحسن “أبو أيمن” المعزين باستشهاد ولده الخامس عزيز ، بجسارة قد تخفي خلفها الضعف والحزن والمكابرة ، فيشد يديه بقسوة مصطنعة على أيدي المعزين ، ليقول للرجال : “أنا مازلت شابا والأمور على مايرام “.

في بيته البسيط في حي الزهراء، زرع هذه الغراس ، فأينعت شهامةً ، وأثمرت عشقاً للتراب لا حدود له ، فيقول أبو أيمن : لقد انطلق أولادي للقتال في صفوف الجيش والقوات الرديفة منذ بداية الحراك المسلح .

يقول أبو أيمن “استشهد من أبنائي وائل وبيبرس وجبران وأشرف وعزيز وبقي 6 أولاد يقاتلون في جبهات مختلفة في سوريا” .

سهيلة العلي أم الشهداء تقول بغصة ذارفة الدموع لتغسل مرارة المعاناة وألم الفقد ” يابني الفراق نار لايشعر بها الا من أصابته فقد كنت وأبنائي الشهداء نتقاسم الأفراح والأحزان ، الفقر والهم ، حتى قضوا واحداً تلو الآخر ، فالقدر سيّد الموقف ولا راد لقضاء الله” .

وتتابع أم أيمن : ” أذهب إلى المقبرة بشكل مستمر ، وأنام بجانب قبورهم فأسمع صدى أصواتهم ترن في أذني ، فأحاول الإمساك بتراب أجسادهم عسى أن أرى بقايا صورهم .”

وتضيف أم الشهداء ” الشيء الوحيد الذي أمتلكه الشهداء الخمسة هو الضريح الذي دفنوا فيه .فهم كغيرهم من فقراء سوريا ، يقاتلون ويستشهدون ويدفنون مع ذكرياتهم في هذا الوطن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى