العناوين الرئيسيةموجوعين

“حاول تفتكرني”.. موال السوريين في زمن الحرب

“انا اللي طول عمري بصدق كلام الصبر في المواويل” لم يدرِ العندليب عبد الحليم حافظ عندما صدح بهذه الأغنية في سبعينات القرن المنصرم أنها ستكون لسان حال السوريين وهم يعايشيون يوميات الحرب بعد مرور عقود على تأدية الأغنية بل وغدا كل “كوبليه” منها مرتبط بجرح خاص بحامله يصاحبه طيلة حياته.

“سافر من غير وداع فات في قلبي جراحه”

طيلة هذه السنوات العشر كم من أم أجبرت على وداع ابنها الشهيد على جبهات القتال أو كم من حبيبة لم يسألها الموت حينما قرر حرمانها من رؤية حبيبها جراء تفجير غادر، كم من بيت كان يجهز نفسه لاستقبال الأفراح وفي لحظة نُصبت أعلام السواد بداخله معلنة بدء الآلام.

تقول أم محمد (والدة شهيد) لتلفزيون الخبر “كنت عم جهز لعرس ابني وعم نستناه لينزل إجازة من الخدمة مشان نعملو حفلة بس أجانا خبر شهادته بدرعا قبل يوم مما ينزل إجازة”.

وتابعت “أم محمد” قولها “كنا خالصين كل عدة العرس بس أجا العريس بكفنه بدل بدلته اجا ليطلع بزفة الشهداء بدل العراضة الشامية يا ريتو كان مسافر كنت ودعته ونطرته هلأ بقيانلي صورة تذكرني بغصة هالعمر”.

“لو مريت في طريق مشينا مرة فيه أو عديت في مكان كان لينا ذكرى فيه ابقى افتكرني”

ولأن الحرب حالة بشرية تعتمد في استمراريتها على الألم فضحاياها ليسوا فقط ممن فقدوا أحبة نتيجة الموت بل إن للهجرة نصيب وفير منها فأصبح لكل بيت سوري مهاجر يجوب أصقاع الأرض بحثاً عن حياة بلا حروب ينعم بها هو وأهله.

ويقول سامر (مهاجر بسبب الحرب إلى السويد) عبر “السكايب” لتلفزيون الخبر “تحولنا لمراقبي حزن من أماكن هجرتنا يومياً، نتواصل مع أهلنا وأحبتنا عبر برامج التواصل لنستمع لكمِّ الوجع الموجود لديهم”.

وأكمل “سامر” أن “هذا مريض وذاك فقير والآخر توفي بسبب المرض أو الحرب أو لسبب مأساوي آخر، ولا نملك إلا كلمات المواساة وبعض الدعم المادي الذي لا يذكر”.

وتابع سامر “اتصل بي أصدقائي قبل أيام من المقهى الذي كنا نجتمع به بشكل يومي لمشاهدة المباريات ولعب الشدة. كانوا جميعاً على ذات الطاولة بدوني، ضحكنا وتبادلنا الأخبار وفي نهاية الحديث لم أملك سوى أن أقول لهم تذكروني بالخير شباب، وأذهب وحيداً”.

في النهاية لكل وجع مهما كبر حجمه لحظة يبدأ فيها بالتضاؤل إلا أن ما مر على رأس السوريين لا يسمح للألم أن يذهب بدون أن يترك ندوباً يحتفظون بها كدليل على نجاتهم من هذه الحرب، ويبقى معها لسان حالهم يقول “ومنين نجيب الصبر يا اهل الله يداوينا، اللي انكوى بالحب قبلينا يقول لينا”.

جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى