كاسة شاي

حارة “البكَوَات والباشاوات” .. عن حي “القنوات” الدمشقي

تاريخياً، كان يسمى “حارة البكاوات والباشاوات”، ربما في ذلك إشارة إلى فئة الدمشقيين ميسورة الحال التي كانت تقطن هذه المنطقة العريقة بدمشق والتي غادرت سورها القديم لتصنف على أنها خارجه.

القنوات حي دمشقي عريق أسسه الأثرياء من أهل دمشق بعد ان ازداد عدد سكانها وضاقت بهم حارات وأزقة المدينة القديمة داخل السور، فبنوا البيوت الواسعة التي مازال بعضها قائماً ومسجلاً أثرياً وانتقلوا للعيش فيه حيث جعلوه خارج سور دمشق القديم، ويقع الحي بين أحياء دمشق القديمة والعريقة.

أخذ حي القنوات اسمه من أحد فروع نهر بردى الذي يتفرع من ناحية الشادروان، حيث يخترق هذا النهر الحي وتسيل مياهه ضمن قناة رومانية محمولة على قناطر حجرية لكي تتم من خلاله سقاية المدينة القديمة.

ولا تزال هذه القناطر ظاهرة للعيان، حيث جاءت أهمية المنطقة عبر التاريخ من كونها خزان المياه الذي أمن مياه الشرب لسكان دمشق عبر قنوات المياه الصناعية التي مُدَّت من فروع بردى.

ويُصنَف الحي ضمن الأحياء الدمشقية التاريخية الأكثر غنىً بالمباني القديمة وخاصة القصور والبيوت التقليدية الكبيرة ومناهل المياه العامة التي دخلت بطرازها المعماري الجميل الذاكرة الشعبية الدمشقية، كما ويربط الحي ما بين مناطق خارج السور وداخله.

وشهدت بيوت حي القنوات أول أشكال حنفيات المياه داخلها وفي أزقتها، حيث أخذت شكلاً تراثياً جميلاً اعتمدته فيما بعد عين الفيجة التي تأسست في مبناها قرب منطقة القنوات في أوائل القرن العشرين المنصرم.

ويتميز حي القنوات بكبر مساحته وتعدد حاراته، التي تقع على الطرف المقابل للمدينة القديمة ومناطق داخل السور، وتأخذ عمارة الحي طابعاً جميلاً يعتمد الأقواس التزيينية والأرضيات المرصوفة بحجر اللبون الأزرق والأسود.

ويشمل هذا الطابع المعماري في الحي أسواقه التي تتميز بشكلها التراثي الذي يختلف عن الأسواق القديمة المسقوفة من ناحية أنها مفتوحة ولكنها في نفس الوقت تشابه تلك الأسواق القريبة، منها كسوق الحميدية ومدحت باشا.

ولطالما اعتبر حي القنوات في القرن التاسع عشر وأوائل العشرين من أرقى مناطق دمشق خارج السور، حيث يقسم الحي لمنطقتين جنوبية وتدعى قنوات جادة وشمالية قنوات شابكلية.

ولا زال الحي حتى الآن يضم العديد من المباني التي تعود للعصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية، ومنها جامع العجلوني الذي بني قبل 300 عاماً، وهناك أيضاً جامع التعديل وجامع زاوية الهنود وجامع الشابكلية.

ومن أهم القصور والبيوت القديمة فيها بيت الزعيم الوطني فخري البارودي الذي كان في أواخر القرن التاسع عشر سكناً للوالي العثماني، ومن ثم تحول لملتقى أدبي وسياسي وثقافي في النصف الأول من القرن العشرين عندما سكنه البارودي .

كما عرفت المنطقة بوجود أسر دمشقية قديمة وعريقة قدمت العلماء والكتاب، ومنهم عائلات العجلوني وأبو الشامات الذين يوجد مسجد وسبيل مياه تاريخي باسمهم في القنوات، وهناك عائلة الشوربجي التي لديها بيت قديم تاريخي واسع ومبني على الطراز الشامي التقليدي.

واشتهرت القنوات بأنها أول منطقة دمشقية عرفت المطابع منذ بدايات القرن العشرين وكانت أول مطبعة للناشر “وجيه بيضون” وحملت اسم مطبعة ابن زيدون.

ويعيد المؤرخون والباحثون تاريخ تأسيس منطقة القنوات إلى العهد المملوكي، ومن الأبنية الشاهدة على الفترة المملوكية المدرسة الشاذبكية التي تحولت لجامع فيما بعد، والواقعة في الطرف الغربي من القنوات، وبعد ذلك توسع هذا الحي في العهد العثماني.

تلفزيون الخبر

Image may contain: bridge and outdoor

Image may contain: bridge and outdoor

Image may contain: one or more people, people walking and outdoor

Image may contain: sky, tree and outdoor

Image may contain: sky and outdoor

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى