فلاش

“جايينك والله .. ساحة سعد الله”

تعتبر ساحة سعد الله الجابري الساحة الرئيسية في قلب مدينة حلب، تقع إلى جوار الحديقة العامة وتتوسط قسمين تجاريين هامين بالإضافة لأنها نقطة لقاء وتقاطع بين عدة منافذ مهمة في مدينة حلب بين القديمة الأثرية والجديدة.

و كانت تقام في ساحة الجابري معظم الاحتفالات و المهرجانات التي كانت تشهدها مدينة حلب ، وكانت ملتقى التجمع في “المسيرات” الكبرى التي تشهدها حلب ومهرجان القطن السنوي أخذت الساحة تسميتها من الزعيم السابق “سعد الله الجابري” .

و تحتوي الساحة في القسم الشمالي منها على نصب تذكاري يرمز لشهداء سوريا.
ويتذكر أهل حلب الكبار في السن مجرى النهر الذي غطته الساحة , بالإضافة لصور الترام وهو يمر بالقرب منها قبل إعطاء الساحة شكلها الحالي.

وبقيت ساحة سعد الله الجابري منذ بداية الأحداث هي الهدف الأول التي حاول المتظاهرون الوصول إليها عدة مرات كفي المظاهرات التي أطلقوا عليها “بركان حلب” و “زلزال حلب” و “الزحف للساحة و”حلب الكبرى” وغيرها ليطلق شعار “جاينك والله … ساحة سعد الله” ولكنها لم تنجح بذلك أبدا.

واحتضنت ساحة سعد الله آخر احتفال أقيم تخليدا لذكرى استقلال سوريا قبيل بدء الأحداث واحتضنت احتفالية حلب عاصمة للثقافة الإسلامية و كانت سنويا المكان الاجمل ليحتفل فيه الحلبيون بأعياد الميلاد ورأس السنة ومهرجان القطن.

ويذكر كل من مر بالساحة بياع السوس و بياع النضارة الطبية ب 50 وشاحن الموبايل ب35 و اطفال “الباتيناجات” وتساءل الحلبيون دائما عن سبب وضع قبة عملاقة على شكل جوهرة في ساحة سعدالله دون الاستفادة منها حينها الا لتغيير مكان دورية الشرطة، والتي انحصر عملها بتجميع الاطفال “يلي ضيعوهن اهلهن بالساحة” والتي كانت تقع عند التمثال فصارت تقع اسفل القبة الجديدة.

و تمنى أهل حلب لو كانوا أصحاب البسطة عند زاوية الاشارة، فلم تكن مجرد بسطة لبيع الدخان واليانصيب، بل كانت البسطة التي لاتهاب سيارة البلدية بالوقت التي كانت فيه عربيات الدرة مصري تهرب إلى الأبنية المجاورة للحفاظ على الرزق من البلدية.

ومع بداية محاولات إدخال مدينة حلب “للثورة” تعرضت الساحة للعديد من الهجمات المسلحة وخاصة باستخدام العبوات الناسفة فسقط “محمد عساني” أول شهيد هناك.

ووقعت أبرز الهجمات عام 2012 باستخدام عدة سيارات مفخخة أدت لاستشهاد 31 شخصا بحسب سانا حينها بالإضافة لتدمير مبنى أثري بالكامل وإلحاق الضرر بالأبنينة و الفنادق المطلة على الساحة.

و بقيت ساحة سعد الله من حينها هدفا للقذائف والصواريخ القادمة من الأحياء التي سيطر عليها المسلحون والتي أدت دائما لاستشهاد الكثيرين بالإضافة لحالات القنص التي كانت تأتي من باب النصر التي تبعد 800 متر عن الساحة مستهدفة كل من تراه غير مميزة بين العمر والجنس، ومن الشهيدات كانت نور أصلو لاعبة نادي الجلاء بكرة السلة.

بدت ساحة سعد الله خلال الحرب في حلب كطفلة المدينة المدللة التي لم يستطع الحلبيون الابتعاد عن المرور بها ليلا نهارا وهم مدركين تماما لخطر موقعها منتظرين اليوم الذي يجتمعون فيها جميعا مجددا ، حيث يهتف اليوم أهلها الذين صبروا وصابروا فيها مرددين بوجه من أراد حرمانهم منها “جايبنك والله … ساحة سعدالله”.

فراس جليلاتي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى