العناوين الرئيسيةكاسة شاي

تعرّف على أقصر يوم في السنة وحكاية الانقلاب الشتوي وكيف يُحتفل به ؟

دخل الشتاء رسميا نصف الكرة الأرضية الشمالي، ويعرف سكان هذا النصف الشمالي ظاهرة الانقلاب الشتوي التي تتقلص إبانها ساعات النهار ليصبح الأقصر طولا والأكثر ظلمة على مدار العام، بينما تتمدد ساعات الليل لتصبح الأطول.

وتتزامن هذه الظاهرة مع بداية الشتاء الفلكي، ومنذ عهود سحيقة يحتفل الإنسان بهذه المناسبة ويقيم لها الطقوس والاحتفالات الخاصة، وفق تقرير أعدته شبكة “بي بي سي” .

كما أثارت الظاهرة قدرا كبيرا من الجدل العلمي. فما هو الانقلاب الشتوي؟ وهل يأتي في اليوم نفسه من كل عام؟ وما هي الشعوب التي تحتفل به؟ متى يقع الانقلاب الشتوي؟

يحتفل سكان نصف الكرة الشمالي بالانقلاب الشتوي لهذا العام 2019 في يوم وقوعه في 22 كانون الأول، في تمام الساعة 04:19 بتوقيت غرينيتش، وهو الموعد الذي يشيح فيه القطب الشمالي بوجهه عن الشمس ريثما يدخل الشتاء إلى النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

وهناك في الشمال، تكون هذه هي اللحظة التي تدنو فيها الشمس لأقصى درجة في الأفق.

ولو أن الأمر يقتصر على دوران الأرض حول الشمس، لكان حدوثه كل عام في نفس التوقيت شيئا آليًا. لكن الأمر ليس على هذا النحو من الدقة؛ فالانقلاب الشتوي يحدث كل عام، لكن موعد وقوعه يختلف باختلاف الطريقة التي نحسب بها الوقت على الأرض.

فثمة ربع يوم زائد على الـ 365 يوما التي عادة ما نحتسبها أياما للسنة، لكن عملية الانقلاب الشتوي على العموم تقع بين يومي 21 و22 كانون الأول.

أما في نصف الكرة الجنوبي، فيحدث العكس حيث يعلو قرص الشمس إلى أقصى حد في الأفق معلنا بداية الصيف الفلكي في ذلك النصف من الكوكب.

ما هو أقصر يوم في السنة؟ الأمر يتوقف على مكانك من الأرض؛ فإذا كنت تحتسب الوقت من مرصد غرينتش في لندن، فستجد أن أقصر نهار يبلغ طوله سبع ساعات و49 دقيقة و43 ثانية – أي أقصر من نصف النهار إبان الانقلاب الصيفي!

ويزداد اليوم قِصرا باقترابك من القطب الشمالي؛ ففي أيسلندا لا يتجاوز طول النهار من شروق الشمس إلى غروبها ساعتين و14 دقيقة فقط، أما هؤلاء الذين يعيشون على مقربة من خط الاستواء، فالأمر جدّ مختلف.

وعلى الرغم من أن يوم الانقلاب الشتوي هو الأقصر نهارًا على مدار العام (في نصف الكرة الأرضية الشمالي)، فإن ميقات غروب الشمس فيه لا يكون الأكثر تبكيرا على مدار العام، وكذلك ميقات الشروق لا يكون الأكثر تأخيرا، ويأخذ نور النهار في التراجع أمام الظلمة لأكثر من أسبوع من عملية الانقلاب الشتوي.

ما معنى الانقلاب الشتوي وما هو؟ الأصل اللاتيني للكلمة الدالة على الانقلاب الشتوي يعني سكون الشمس عن حركتها، وذلك لأن الشمس تبدو إبانها “ساكنة” في نقطة في الأفق.

تخيّل كيف تميل الأرض على محورها، ويرتفع القوس الذي تتحرك خلاله الشمس أثناء النهار وينخفض على مدار العام، بينما يتجه قطب الأرض صوب الشمس أو يشيح عنها.

وتحدث عملية الانقلاب الشتوي عند أدنى نقطة بالنسبة لنصف الكرة الأرضية الشمالي، عندما تكون الشمس في أدنى ارتفاع لها في السماء، في تلك اللحظة يشيح قطب الأرض الشمالي بوجهه عن الشمس (وهذا هو السبب في البرودة الشديدة التي يشهدها نصف الكرة الشمالي في الشتاء).

لكن في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، فإن القطب الجنوبي يتجه صوب الشمس، مما يجعل الجو أكثر دفئا فيما يُعرف بفصل الصيف.

كيف يتم الاحتفال بظاهرة الانقلاب الشتوي؟

تقام الاحتفالات للانقلاب الشتوي منذ عهود سحيقة في العديد من الثقافات حول العالم. وقديما كان هذا هو موسم ذبح الماشية توفيرا للأعشاب التي كانت تتناولها في الشتاء واستبقاء على حياة الأشخاص في أصعب شهور العام، كما كان هذا التوقيت موسم تعتيق الخمر والنبيذ.

كرنفال دونغزي: كانت شعوب شرق آسيا، ولا سيما في الصين وكوريا واليابان، تقيم مهرجان الـ “دونغزي” بمناسبة الانقلاب الشتوي الذي يعد أحد أهم مناسبات العام.

وتعني كلمة “دونغزي” قلب الشتاء، وهو وقت الاحتفال بعودة الأيام الطويلة وزيادة الطاقة الإيجابية، ويعود أصل هذا الاحتفال إلى فلسفة التوازن والتناغم في الكون -وما يعرف بـ “بين ويانغ”، وهو موعد للفرح ولمّ الشمل، إذ تطهو العائلات أصنافا مخصوصة من الطعام.

وفي جنوبي الصين عادة ما تطهو العائلات وجبة الـ “تانغيوان” التي تتألف من كرات (أحيانا فاقعة اللون) من أرز لزج (دبق) تُغمس في شراب حلو المذاق أو في حساء لذيذ.

ميزوأمريكا: وكانت شعوب ما يُعرَف بـ “ميزوأمريكا”، والتي تمتد من جنوبي أمريكا الشمالية وحتى شمالي كوستاريكا، تحتفل في مناسبة الانقلاب الشتوي بإقامة ما كان يُعرف باسم رقصات الطائرِين حيث يؤديها أشخاص في وضع طيران.

ويُعتقَد أن أول من أقام هذه الاحتفالات هم شعوب “ناهوا” و “واستك” و “أوتومي” في المكسيك، وهي لا تزال تُقام حتى يومنا هذا.

وللرقصات الطائرة مغزى روحي عميق، وهي تتكون من خمسة رجال يتسلقون سارية ارتفاعها 30 مترا، وبينما يقفز أربعة محلقين في الهواء وقد أوثقوا أنفسهم بحِبال في السارية فإن الخامس يظل على رأس تلك السارية ينقر على طبلة صغيرة وينفخ في مزمار.

وتقول الأسطورة إن هذه هي أفضل طريقة لاسترضاء الآلهة لإنهاء الجفاف ومنحهم الخصوبة وتوفير غذائهم الدائم وهو الذرة.

ليلة يلدا: يُقام كرنفال “شب يلدا” أو ليلة يلدا في أطول وأحلك ليالي العام، وهو مناسبة للمّ شمل الأصدقاء وأفراد العائلة والاحتفال بوفرة من الغذاء والشراب وإلقاء الأشعار حتى طلوع النهار.

ويفضّل المحتفلون في هذه المناسبة تناول الفاكهة وثمار الجوز والرمان والبطيخ ذات اللون الأحمر كرمز للون السماء عند مطلع الفجر، فضلا عما يرمز إليه من توهج الحياة.

تشاتارماس (باكستان): تعيش أقلية الكالاش الوثنية في وديان جبال هندوكوش في باكستان، المتاخمة للحدود الأفغانية.

وفي كانون الأول من كل عام يقيم شعب الكالاش كرنفالا يُدعى “تشاتارماس” احتفالا بظاهرة الانقلاب الشتوي، وهي مناسبة للتفكير في التكاثر والخصوبة والاتحاد – مع إقامة ولائم وتناول الفاكهة المجففة والرقص بمشاركة البنين والبنات.

كرنفال ساتورن (روما القديمة): كان كرنفال ساتورن، إله الحصاد، يقام في روما القديمة ابتداء من 17 كانون الأول وتمتد الاحتفالات لسبعة أيام.

ويبدو جليا من الاسم، أن الاحتفالات هي لتمجيد ساتورن، أبي الآلهة الذي وهب اسمه للكوكب السادس في نظامنا الشمسي. ويتقرب الناس بتقديم تقربات على أعتاب معبد الإله ساتورن، وبإقامة موائد لإطعام العوام وتبادل الهدايا فيما بينهم.

وكانت الاحتفالات تقام في أجواء كرنفالية بهيجة، تُنسى فيها التقاليد الرومانية بعض الوقت، وتغلق المدارس وأماكن العمل.

الكريسماس: قد تبدو أعياد الكريسماس رأس الاحتفالات المسيحية، وهي في الحقيقة حصيلة اندماج بين كل أنواع الاحتفالات الوثنية والرومانية القديمة، وقد كانت الاحتفالات بالإله ساتورن تبشيرا مبكرا لها.

وبحسب التقويم اليولياني، الذي استخدمه الرومان القدماء، كانت عملية الانقلاب الشتوي تقع في 25 كانون الأول من كل عام.

واختار المسيحيون التشبث بالميقات الذي حدده التقويم اليولياني للاحتفال بميلاد المسيح في 25 كانون الأول من كل عام.

كرنفال يول (أوروبا الشمالية في عصور ما قبل المسيح): كانت الشعوب الاسكندنافية الوثنية في أوروبا الشمالية في العصور التي سبقت مجيء المسيح تقيم كرنفال “يول” في ديسمبر/كانون الأول من كل عام احتفالا بظاهرة الانقلاب الشتوي.

وكانت توقد المشاعل رمزا لدفء ونور الشمس العائدة رغم الظلام، وكانت تُجلب أخشاب “يول” وتُحرق في المجمرة على سبيل التقدمة للإله النوردي “ثور” ذي المطرقة، طمعًا في طرد الأرواح الشريرة وجلب الحظ السعيد في العام الجديد. ولم تزل حتى اليوم تشيع بعض طقوس تلك الاحتفالات في الكريسماس.

طقوس الكهنة الدرويديين والوثنيين: كان الوثنيون والدرويديون يعتبرون الانقلاب الشتوي أهم أحداث العام – حتى أنهم كانوا يفضلون مناسبته على الانقلاب الصيفي – وذلك لأنه احتفال بعودة الشمس.

وكانت هذه الشعوب تعتمد في بقائها على الزراعة والرعي، ومن ثمّ كان الطقس الدافئ ذا أهمية بالغة في حياتهم.

وحتى يومنا هذا، لا تزال أفواج من الكهنة الدرويديين وغيرهم من المريدين يحجّون إلى “دائرة حجارة ستونهنج” الأثرية في بريطانيا، والتي بُنيت في الفترة ما بين عامي 3000 و2000 قبل ميلاد المسيح، وذلك للاحتفال بالشروق الأول بعد الانقلاب الشتوي.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى