كاسة شاي

“تحت ظل السنديان” .. كيف نعامل جداتنا وأجدادنا ؟

ستي .. ياستي اشتقتلك يا ستي.. صوت خافت تدندن يارا معه تلك المقطوعة الفيروزية، بينما تمسك جديلتها وتتحدث بنبرة يميزها الشوق إلى يد لطالما أتقنت بارتجافتها وتجاعيدها حبك تلك الجديلة تقول يارا “كانت على طول تقلي: ما أغلى من الولد إلا ولد الولد يا ستي”.

تروي يارا تفاصيلاً، لتلفزيون الخبر، تقول عنها “ياريت ترجع وابقى عم اسمع قصص الضيعة والحاكورة ومعصرة الزيتون”، مردفة “جدتي لأبي كانت يوما ما أقرب صديقاتي لي، حين كنت أساعدها في تلبية كثير من احتياجات حياتها قبل وفاتها منذ عامين”.

وتتابع “التعامل مع كبار السن ممتع هم عفويون وصادقون ولديهم من الخبرات في كافة مناحي الحياة الكثير مما ممكن أن يتزود به أي إنسان، هم بحاجة فقط لمن يسمعهم وينظر إلى أعينهم ما يشعرهم بأن لهم دوراً فاعلا لدى محيطهم”.

فلا تخفى على أحد تلك المكانة المميزة التي يحتلها الأحفادلدى أجدادهم، لهم من قدرة على التحمل والصبر، ما يجعلهم بالتالي يملكون القدرة على تمضية ساعات أكثر إلى جانب أحفادهم، يرفهونهم ويهتمون بهم ويقصون على مسامعهم الكثير لتتكون بينهم علاقة تبادلية متناغمة.

وبالعودة إلى المرحلة العمرية التي يمر بها الأجداد وتعرف بالشيخوخة، تتمثل هذه المرحلة ببداية ضعف الجسم، وهي كأي مرحلة في عمر الإنسان لها العديد من الخصائص التي تميزها.

وهي مرحلة بيولوجية طبيعية حتمية تظهر فيها تغيرات في الوظائف الفسيولوجية للجسم، وبالطبع يحدث ذلك مع مرور الزمن، بحيث يحتاج المسن الذي يفوق السبعين من العمر، (تتفاوت الأعمار في ذلك)، إلى رعاية صحية ونفسية خاصة كي يشعر بوجوده وأهميته لدى محيطه.

تتحدث الأستاذة مي برقاوي، مختصة في علم الاجتماع، لتلفزيون الخبر عن الأجداد والجدات وحيثيات التعامل معهم قائلة: “تعتبر الشيخوخة من أكثر المراحل التي تحتاج إلى رعاية واهتمام في وقتنا الحالي وخاصة مع تطور نظام الاسرة في المجتمع من نطاق ممتد الى نطاق اضيق (نواة )”.

وتتابع برقاوي “هذا ما انعكس على وضع المسن في العائلة وأوله افتقاده إلى صفة كبير العائلة والهيبة التي كان يتمتع بها سابقاً واليه ترجع كل الامور وكل القرارات، افتقاده لهذا الدور زاد من احساسه بالضعف وقسوة التهميش”.

وأردفت “وخاصة اذا ساهم المحيطون بقصد او بغير قصد بتكريس هذا الشعور لديه مما يزيد من انفعالاته السلبية الحادة تجاههم كالغضب والتوتر ومزاج متقلب ..)”.

بالتالي عدم الشعور بالامان في بيئته واسرته التي تعتبر اهم اول مؤسسة يمكن ان تقوم بالرعاية له وباشكال الرعاية الايجابية المختلفة لتأمين حاجاته النفسية والاجتماعية قبل الصحية، تضيف برقاوي.

وأوضحت المختصة الاجتماعية أنه “من احتياجات المسن النفسية توفر فرص الحديث والحوار والجلوس معه والاستماع له، كما من الضروري تجنب انفعالاته بإبداء التفهم لخصائص المرحلة التي يمر بها والتي يكون خلالها كالاطفال يتاثر بلغة الحب والاحترام والحنان”.

وأكملت برقاوي “المسن دائماً يحب الحديث مع الأطفال لأنه يعتبر نفسه نموذج الخبرات التراكمية (الاجتماعية والاخلاقية والتربوية والوطنية) بالمعنى العام الخبرات الانسانية التي ينقلها بطريقة محببة كجزء من تربيتهم وتعلمهم وهذا مايعزز الثقة بنفسه وشعور باهميته بالحياة”.

وأشارت برقاوي إلى أن الاسرة قد تشعر بأعباء الاهتمام بالمسن نتيجة العمل خارج المنزل لكن من الضروري تقاسم الادوار تجاهه او اسناد مهمات له تتناسب ووضعه الصحي والنفسي”، مردفة “ويلعب المجتمع هنا أيضاً دور في إشراكه بالتخطيط وتنفيذ بعض البرامج والأنشطة الاجتماعية والترفيهية مثلا في المدارس والجمعيات الاهلية”.

وتابعت “خاصة إذا عملت هذة الانشطة على توفر فرص اللقاء له مع أصدقاء العمر الذين يشكلون بالنسبة له سعادة وامان وذكريات جميلة من خلال الرحلات والنزهات فالمسن يغدو صديق الطبيعة”.

يذكر أن للمجتمع دور كبير في تأمين أماكن ودور خاصة للمسنين والعجزة الذين يفتقدون للعائلة لسبب أو لآخر وتأمين الخدمات المعيشية والنفسية والصحية وبكوادر متخصصة، بحيث لايمكن تجاهل هذه الفئة لاسيما أنها تشكل حيزاً لاباس به في المجتمع، وكثير منهم مازالوا قدرين على العطاء بشكل او بآخر، بحسب برقاوي.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى