فلاش

بين ” مافيا الحطب ” وفقراء يقتاتون على فتات الحراج .. الحطب يتربّع عرش التدفئة في اللاذقية

بدأ الشتاء وبدأت معه رحلة البحث عن التدفئة، ففي الوقت الذي تنتظر فيه العديد من الأسر في محافظة اللاذقية شراء مخصصاتها من مادة المازوت، كانت أسر أخرى وخاصة تلك القاطنة في القرى الجبلية أعدّت العدّة باكراً وجهّزت مؤونة الشتاء من الحطب الذي ما يزال يتربع على عرش التدفئة رغم توفر المازوت.

وتعد مدفأة الحطب طقساً ارستقراطياً لبعض الأغنياء، وملاذاً اسعافياً للفقراء سواء أولئك الذين يحطبون حاجتهم من الغابات الحراجية بحكم جيرتهم لتلك الغابات أو أولئك الذين يتوجهون إلى بساتينهم ليقطعوا بعض أغصان الأشجار اليابسة لتدبر أمرهم.

وعلى وقع اشتداد موجة البرد وتزايد الطلب على الحطب، بدأت “المافيات” بالتعدي على الغابات ورفع أسعار الحطب مستغلة الطلب المتزايد عليه من قبل الأهالي الذين يشترونه دفعة واحدة ببداية الشتاء.

أيهم علي من سكان بيت ياشوط بريف جبلة قال لتلفزيون الخبر “يبدو أن الشتاء سيكون بارداً هذا العام ولذلك اشتريت ثلاثة أطنان من الحطب دفعة واحدة تحسباً لارتفاع الأسعار كما هي العادة في كل عام”.

وأضاف علي ” الحطب قادر على تدفئة مساحات كبيرة يعجز المازوت عن تدفئتها، كما أننا نستخدم مدفأة الحطب في الطبخ وتسخين الماء مما يوفر علينا استخدام الغاز المنزلي حتى لو كان هذا التوفير شيئاً بسيطاً”.

وعلى سيرة التوفير أوضح أبو محمد أن ” حاجة الأسرة الواحدة من المازوت تقدر كحد أدنى 5 ليتر يومياً أو 5 كيلو حطب إذا كان البرد مقبولا”.

وأضاف: “بحسبة سريعة فإن الأسرة تنفق 930 ليرة على المازوت يومياً بالسعر المدعوم ، بينما تنفق أقل من 500 ليرة للحطب بمختلف أنواعه، وعليه فإنها تنفق شهرياً حوالي 28 ألف ليرة للمازوت، و8000 ليرة للحطب”.

بدوره، أوضح راتب عيسى أن “المازوت غير متوفر دائماً، ناهيك عن تسجيل الأسماء لدى المخاتير وانتظار تحديد موعد توزيع مادة المازوت، والأنكى أنه في كل عام يتم التوزيع في منتصف الشتاء، واقع الحال الذي يدفع الكثيرين لشراء الحطب المتوفر على مدار السنة”.

أبو زهير تاجر حطب في ريف اللاذقية لديه قائمة بأسعار الحطب التي تتفاوت بحسب النوع والجودة، ورغم أنه يملك رخصة لبيع الحطب إلا أنه لا يجد حرجاً في سؤال الزبون الذي يقصده عما إذا كان يريد شراء حطبا مرخصاً أم غير مرخص، إذ لكل منهما سعر وطريقة في التعامل.

ويقول أبو زهير لـتلفزيون لخبر ” الطن الواحد المرخص من حطب الزنزريخ والكينا والسرو يباع بـ 35 ألف ليرة، وتعد هذه الأنواع من أرخص أنواع الحطب بينما يباع الطن الغير مرخص منها بـ33ألف ليرة ” .

وأضاف بحسب أنواع الحطب يصنف الزبائن فزبون السنديان خمس نجوم لان الطن الواحد يباع بـ50 ألف ليرة، وزبون الليمون أربع نجوم لأن الطن يباع ب45 ألف ليرة”.

وتابع أبو زهير” فيما زبون الزيتون ثلاث نجوم لأن الطن الواحد يباع بـ 40 ألف ليرة، وزبون السرو والكينا نجمتين لأن الطن الواحد يباع بـ35 ألف ليرة”.

وبيّن أبو زهير أنه “خسر مبلغ 450 ألف ليرة خلال الشتاء الماضي لعدم إقبال الأهالي على شراء الحطب بسبب عدم تعرض المحافظة إلى البرد الذي كانت تشهده في السنين السابقة”.
وبيّن أن “نسبة الإقبال على الحطب ضعيفة في المدن والقرى القريبة منها حيث لا تتجاوز نسبة من يعتمدون بتدفئتهم على الحطب في هذه المناطق سوى 30% ، وذلك بسبب توفر الكهرباء والغاز والمازوت”.

في المناطق الجبلية ينشط سوق الحطب حيث لا منافس له على عرش التدفئة، إذ قال رفعت عبد الله تاجر حطب في قرية البودي “الغالبية العظمى من سكان القرى الجبلية يعتمدون على الحطب كونه أرخص من المازوت وأوفر باعتبار أن الأهالي يشغلون المدفأة على مدار الساعة بسبب برودة الطقس”.

وأضاف عبد الله لتلفزيون الخبر ” أسعار الحطب في القرى الجبلية أرخص من أسعار المدن والقرى القريبة منها وذلك بسبب أن التحطيب يجري في القرى التي يباع فيها فلا أجور نقل تضاف إلى سعر الحطب”.

لافتا إلى “أن سعر الطن الواحد من حطب الزيتون يباع ب 25 ألف ليرة أي بفارق 10 آلاف ليرة عن أسعار المناطق الأخرى”.

من جانبه أكد باسم دوبا مدير حراج اللاذقية لتلفزيون الخبر أن “قانون الحراج يجيز لسكان المناطق الحراجية الانتفاع من الحطب اليابس الموجود في الغابات الحراجية وتقليم الأشجار بغرض التدفئة وبما يخدم التنمية المستدامة للغابات”.

وفي الوقت ذاته أشار دوبا “إلى تجار الحطب الذين يتعدون على الغابات ويمتهنون تجارة تهريب الاحطاب إلى خارج المناطق الحراجية”.

مبيناً أنه “تم معرفة عدد كبير من هؤلاء المخالفين وقد نظمت الضبوط اللازمة بحقهم وإحالتهم للقضاء المختص، إذ بلغ عدد الضبوط الحراجية التي تم تنظيمها منذ بداية العام الجاري ولغاية نهاية تشرين الأول 361 ضبطاً”.

واستطرد دوبا ” لم نكتف بذلك بل قمنا بإعداد كتب بأسماء المخالفين ومواقع مخالفاتهم وتوجيهها للسيد المحافظ الذي بدوره أحالها إلى الجهات المعنية في المحافظة كقيادة الشرطة والى الجهات الأمنية، إذ تمت ملاحقة اغلبهم وتوقفيهم واتخاذ الإجراءات القانونية بحق القسم الأكبر منهم”.

وأوضح دوبا أن “مساحة الحراج في اللاذقية تبلغ 850 ألف دونماً، ولا يوجد في دائرة الحراج سوى 149 غفيراً فقط”، مشيراً إلى أن “عدد الكادر قليل مقارنة مع المساحة الكبيرة للحراج “.

وأكد دوبا أن “أهالي المناطق الجبلية يعتمدون على الحطب في التدفئة باعتباره أرخص وأوفر من المازوت، ناهيك أنه يمنح الدفء اللازم لدرء البرد القارس في تلك المناطق”.

وحول أسعار الحطب, قال دوبا: “لا توجد أسعار محددة للحطب وإنما يخضع للعرض والطلب ، فكلما زاد الطلب عليه كلما زاد سعره ، ناهيك أن كل نوع من الحطب له سعر معين”.

وبحسب تقديرات دائرة الحراج فأن أكثر من 70% من الحطب لا يستخدم للتدفئة بل يستخدم كحطب تجاري. وكانت وزارة الزراعة أجازت لمديرية الحراج بيع كمية 2 طن من الحطب لأبناء القرى الجبلية بسعر 25 ألف ليرة للطن الواحد من حطب الصنوبر.

صفاء إسماعيل – تلفزيون الخبر – اللاذقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى