فلاش

بين حلب واللاذقية… علاقة محبة و “باب رزق” لم تستطع الحرب إغلاقه

بقيت مدينة اللاذقية إلى ما قبل سنوات الحرب، مدينة سياحية تعتمد على الموسم السياحي الصيفي، وعلى مينائها البحري، وبعد أكثر من 5 سنوات على الحرب، امتلأت اللاذقية بالعائلات الحلبية والتجار، الذين أجبرتهم الحرب على مغادرة منازلهم وأرزاقهم، لتستضيفهم المدينة الساحلية ، وتفتح باب للرزق لم تستطع الحرب إغلاقه.

ولم تعتمد مدينة اللاذقية تاريخياً على القطاع الخاص أو ما يسمى “ العمل الحر “ ، وبقي معظم سكانها ينتظرون الراتب الشهري، في حين بقي النصف الآخر يعمل في الزراعة، و ينتظر ارتفاع أسعار الحمضيات

وبعد وفود الحلبيين إلى اللاذقية ، نتيجة دخول المسلحين إلى مدينة حلب في الشهر السابع من العام ٢٠١٢ ، ازدهر القطاع الخاص، وخُلق سوق جديد للعمل.

يقول محمد ، وهو تاجر حلبي من حيّ السريان، يعمل في تجارة الألبسة المستعملة في اللاذقية لتلفزيون الخبر “لا بد لنا أن نعود إلى حلب، لدينا حارتنا وبيتنا ومحالنا، ولكن ننتظر قليلاً كي تنتظم الأمور وتتحسن الأوضاع المعيشية”.

ويضيف “عندما جئنا إلى اللاذقية قبل ثلاث سنوات، وجدنا سوقاً بسيطاً يحتاج إلى انعاش، و وجدنا أناس طيبون استضافونا ورحبّوا بنا، وكان لمدينة اللاذقية مكانة خاصة في قلوبنا، وسيبقى، لأنني لا أنوي ان أغلق هذا المحلّ، وإن عدت إلى حلب، سأعمل على أن يبقى هذا المحل مفتوحاً لزواره من أهالي اللاذقية”.

ودخل الحلبيون في الكثير من قطاعات التجارة، وكان لهم في سوق هنانو وسوق الشيخضاهر وسوق الزراعة وغيرها، مكاناً بارزاً وواضحاً بين التجار، وتنّقلوا بين الأطعمة والألبسة والحلويات وتجارة الموبايلات، و فتح أفران للخبز والكعك، ومحلات الزعتر الحلبي والأعشاب الطبيعية، و ورشات الخياطة، والشك والخرز، وغيرها، ليثبت التاجر الحلبي أنه أقوى من هذه الحرب المستمرة.

و وجد سكان اللاذقية فروقاً بين التجار، قدوم الحلبين إلى اللاذقية أنعش المدينة وساعد سكانها، ويقول أحمد لتلفزيون الخبر “التاجر الحلبي، يرحّب بالزبون ويستقبله على الباب، ويعرض عليه البضاعة، ويقدم رأيه، ويخفض السعر ويقول شوف أيش بيناسبك وما منختلف”.

ويضيف أحمد “بينما التاجر اللاذقاني وليس الكل طبعاً ، تجدهم يجلسون وراء المكتب وكأنهم مدراء، ويقولون للزبون “دوّر هون ولا هون، بتلاقي طلبك”، وأنا لا ألومهم، لأن مدينة اللاذقية بقيت لفترات طويلة من الزمن معزولة عن الصناعة والتجارة، واعتمدت فقط على الزراعة، بينما اشتهرت حلب بأنها عاصمة سوريا الصناعية والتجارية”.

ويجد سكان اللاذقية أصحاب المحال الحلبية في مختلف مناطق المدينة، والذن يرون في سكان المدينة أناس طيبون ، على حد قول أحد تجار الحلويات الحلبية في اللاذقية، ويضيف “كنا نظن في السابق أن المدينة لن تستطيع استيعاب هذا العدد الكبير من العائلات الوافدة، إلا انها جمعتنا، وتعلّمنا منها وأعطتنا وأعطيناها بقدر ما نستطيع”.

ودخل بعض التجار الحلبيين مجال الاستثمار في اللاذقية، وفتحوا مقاهي ومطاعم، و وفروا فرص عمل لعدد كبير من الشباب.

يقول أسامة صاحب “سناك” قريب من الجامعة لتلفزيون الخبر “كان لدي في حلب سناك بالقرب من الجامعة ، أبيع السندويش والعصائر للطلاب، وبعد أن قدمت مع عائلتي إلى اللاذقية، لم أتردد في فتح سناك قريب من جامعة تشرين، والرزقة الحمدلله على الله، والناس طيبين، والحال بحلب أحسن، ورج نرجع نعمرها”.

ورغم الحرب المستمرة منذ أكثر من 5 سنوات، لم تتوقف مدينة اللاذقية عن استقبال العائلات الوافدة من مختلف المحافظات، كما أن الحلبين لم يتوقفوا عن العمل وأثبتوا نجاحهم ليس فقط في اللاذقية، إنما في مختلف المدن التي ذهبوا إليها.

سهى كامل – اللاذقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى