موجوعين

“بكانون كِن و عَ الفقير حِن”.. “مربعانية” السوريين الثلاثاء فمن يحن عليهم؟

المربعانية أو (أربعينية الشتاء) مصطلح معروف في بلاد الشام والعديد من الدول العربية، يُشير إلى بداية فترة يشتد فيها البرد، وتأتي أهمية هذه الفترة على المزارعين والفلاحين وأراضيهم، نتيجة ارتفاع فرص حدوث الصقيع الذي يتسبّب بإفساد المحاصيل الزراعية.

ويمتد فصل الشتاء في بلادنا إلى تسعين يوماً، موزّعة على قسمين، الأول يسمّى “المربعانية”، تبدأ في 21 كانون الأول، وتنتهي بنهاية كانون الثاني، ويلقبونها “فحل الشتاء” لما تحمله من ثلوج وأمطار وبرد قارس.

تليها الخماسينية أو السعودات، ويستدلّ على طول مدتها من اسمها لخمسين يوماً، تبدأ مع نهاية كانون الثاني وتستمر حتى 21 آذار، وتقسم خمسينية الشتاء، إلى أربعة أقسام أو أربعة سعود، سعد الذابح، سعد البلع، سعد السعود، وسعد الخبايا.

أهم ما يميّز “المربعانية” ارتباطها في ذكريات وتجارب الأجداد وأذهانهم بقدوم البرد والأمطار الأشد على مدار العام، وهو أمرٌ يتّفق مع العلم الحديث حيثُ تعمل الزاوية التي تدور بها الأرض على ازدياد عدد ونشاط المنخفضات الجوية فتؤثر على منطقة بلاد الشام وشبه الجزيرة العربية خلال هذه الفترة.

سميت المربعانية أو أربعينية الشتاء بهذا الاسم لأنها تستمر أربعين يوماً، ويسجّل خلال هذه الفترة من الناحية المطرية ما نسبته 40 – 50 % من مجموع الموسم المطري، وتسجّل درجات الحرارة أدنى مستوياتها السنوية، وغالباً ما تهطل الثلوج على المرتفعات أو تمتد أحياناً إلى المناطق الداخلية مثل دمشق.

ومن الأمثال الشعبية المتداولة عن أربعينية الشتاء في سوريا: “المربعانية، يا بتربّع يا بتقبّع”، “المربعانيّة يا شمس بتحرق.. يا مطرة بتغرق”،و”المربعانية، يا بتشرِّق يا بتغرِّق” (في دلالة على هبوب الرياح الشرقية الجافة)، “بكانون كِن وع الفقير حِن”، وقيل أيضاً: “بعد كانون الشّتا بهون”، و”بكانون طب ببيتك يا مجنون”.

إنّ الناظر المتأمل والدارس المتعمق والمتعقب في تاريخ وحضارة الشعوب، سيجد دونما عناء أن لا شيء قد يضع للأمم هويتها أكثر من التراث، فهو الرابط بين حاضر الأمة وماضيها ويعزز حضورها التاريخي.

وليس التراث الثقافي معالم وصروح وآثار فحسب، بل هو السجل الحافل من الروايات والحكم، الذي لا يترك حادثة أو مناسبة إلّا وربطها بقصة أو مثل تتناقله وتتوارثه الشعوب عبر الأجيال.

وحول المربعانيّة، قال الراصد الجوي، باسل كيلاني لتلفزيون الخبر: “خلال المربعانية تكون الظروف مناسبة لنشهد نزولات قطبيّة متعددة، ولكن منذ 10 سنوات نشهد تطرّف مناخي يزداد سنوياً حتى وصلنا إلى مرحلة انهيار بقوانين الطقس”.

وبالتالي وبحسب “كيلاني”: “باتت الحالات الجوية المتطرفة متوقعة، والحالات الطبيعية هي الاستتثناء، وهذا الشتاء سمته العامة تعاقب الأجواء المتناقضة، ولن نشهد قلّة في معدّل الهطولات، ولكن احتباسات مؤقتة للأمطار يتم تعويضها لاحقاً خلال فترات زمنية قصيرة”.

وأضاف الراصد الجوي في توقعاته لمربعانية الموسم الحالي، أنه: “سنشهد استمرارية لهذا التطرّف، وتكرار لما شهدناه هذا الخريف، من احتباسات مطرية يتلوها منخفضات مكثفة وتعويضيّة، وسنشهد منخفضات دوّارة، ونزولات قطبية قوية، كما أنّ الثلوج ستكون حاضرة على ارتفاعات منخفضة”.

وأكّد “كيلاني” ووفقاً لبيانات الخرائط أن سوريا: “ستشهد خلال كانون الثاني القادم سلسلة منخفضات متوسطية ماطرة ومثلجة، ولن نشهد شتاءً كلاسيكياً اعتيادياً، ونحن من عام إلى آخر نتوجّه إلى المناخات الأبرد بسبب دخولنا العصر الجليدي، والذي من المتوقّع استمراره 30 عاماً حسب المراصد العالمية”.

ليختم الراصد الجوي حديثه بالقول: “أكثر من 90 بالمائة من مناطق البلاد ستتجاوز المعدّل السنوي مع نهاية الموسم الحالي خلال أيار القادم”.

وتتزامن “المربعانية” هذا الشتاء مع ظروف قاسية يعيشها السوريون على صعد مختلفة، في ظل غياب وسائل التدفئة وارتفاع تكاليفها بالنسبة إلى معظمهم، وتقنين كهربائي “خانق” وغير مسبوق وصل إلى أكثر من 20 ساعة انقطاع يومياً.

شعبان شاميه – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى