العناوين الرئيسيةمن كل شارع

بعد قرارات التسعير الأخيرة.. ماذا سيتحمل الراتب في يد المواطن؟

عممت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في 16 كانون الثاني الجاري على مديرياتها في المحافظات بالإعلان عن الأسعار في الأسواق وفق الفواتير التداولية التي تُحرر من المنتجين المستوردين وتجار الجملة.

 

وجاء في تعميم الوزارة المتداول “اعتماد فاتورة المنتجين المستوردين وتجار الجملة أساساً في تحديد كبير المستهلك وفق نسب الأرباح المحددة” وعزت ذلك إلى “المتغيرات المتسارعة في بنود التكاليف لاسيما سعر الصرف وارتفاع تكاليف مستلزمات الطاقة وحرصاً منها على استمرارية تدفق المواد في الأسواق وتداول الفواتير الحقيقية”.

 

وبلغ متوسط راتب الموظف الحكومي بعد جمع وطرح وتقسيم جميع الزيادات والعلاوات والحوافز وضم سنين الخدمة حوالي 110 ل120 ألف ليرة بينما متوسط راتب القطاع الخاص (مو 5 نجوم) حوالي 200 ل250 ألف.

 

وشهدت الأسواق السورية منذ ما قبل نهاية العام 2022 ارتفاعاً قياسياً في الأسعار نتيجة تدهور سعر الصرف بالسوق السوداء من جهة وغياب أدوات الضبط والردع الناجعة من جهة أُخرى عدا عن الحصار الذي تعاني منه البلاد.

 

ولم يعد يستطيع المواطن تقدير سعر السلعة بين لحظة ولحظة فعلى الرغم من تحسن قيمة العملة وأسعار الصرف مؤخراً بحسب البنك المركزي إلا أن التجار مازالوا على عهدهم في متلازمة (اشترينا بالغالي ولله).

 

وخرجت السلع في السوق المحلية من دائرة ربطها بسعر الدولار حيث كانت سابقاً ترتفع مع ارتفاع دولار السوق السوداء وتهبط بهبوطه لكنها اليوم لا تكترث إليه لكونها اتخذت طريق الارتفاع المستمر.

 

جولة سريعة على الأسعار

 

يتساءل السوريون كيف سيحتمل راتبهم هذا التفاوت في أسعار السلع خصوصاً الأساسية منها فعلى سبيل المثال لا الحصر في دمشق بلغ متوسط سعر وقية لبنة بلدي أكثر من 3 آلاف ومثلها جبنة بلدي أكثر من 4 آلاف ونصف كيلو مسبحة 6 آلاف.

 

ووصل متوسط سعر نصف كيلو شرحات دجاج بالسوق ل 16 ألف ووقية لحم عجل 8 حتى 8.5 ألف وشعيرية 8.5 ألف وكيلو الرز الطويل ما بين حوالي 17 ألف والقصير حوالي 9 آلاف وكيلو معكرونة 8 حتى 10 آلاف والبرغل 9 ل14 ألف وليتر زيت القلي 18 ألف وليتر زيت زيتون 29 ألف والسكر 8.5 ألف.

 

وعليه فإن الراتب لا يتحمل سوى تكاليف وجبة غذائية واحدة لمدة أسبوع كحد أقصى دون القدرة على التعامل مع أي تفصيل مادي كبير او صغير مهم أو ثانوي خارج دائرة هذه الوجبة مع العلم أن الراتب مخصص لتغطية جميع نفقات الشهر لا جزء من نفقات أسبوع.

 

أراء..

 

أفاد الخبير الاقتصادي عمار يوسف لتلفزيون الخبر أن “قرارات تحرير الأسعار وتعديل الأدوية وجمركة الموبايلات وغيرها تصدر والرواتب كما هي فلا نعرف الجدوى من هذه القرارات التي ستساعد على زيادة الأسعار”.

 

وأضاف “يوسف” في مستهل كلامه “المواطن اليوم وصل لمرحلة من عدم التأثر بارتفاع الأسعار نتيجة عدم قدرته على الشراء سواء بالاسعار القديمة أو الجديدة ف(الموبايل بليرة وغالي ومافيني اشتريه صار بمية ضل غالي ومافيني اشتريه)”.

 

وأكمل “تحديد الاسعار وفق القرار الجديد يكون دون تدخل حكومي وهذا الأمر مقبول وفق ظروف طبيعية بدول أُخرى حيث يعتمد تحديد السعر على العرض والطلب والفواتير والاستيراد وكلفة المواد أما في حالتنا وظروفنا سيؤدي القرار إلى تدهور الوضع أكثر”.

 

ورأى “يوسف” أنه كان على الوزارة بأقل الإيمان أن تعود لحلول أزمة الثمانينات حيث أن الدولة بظروف مشابهة ليومنا هذا هي من تولت تأمين المواد خصوصاً الأساسية منها للمواطنين”.

 

وتحدث نائب رئيس جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة لتلفزيون الخبر “نؤيد هذه الإجراءات بشرط أن يكون لها تأثير إيجابي على هبوط الأسعار وتوفر المواد حقيقةً وحبذا لو كان هناك لجنة لمراقبة تأثير القرار لمدة 3 شهور مثالاً وبعدها يحدد هل يستمر العمل به أم لا”.

 

وأردف “نحن بلجنة التسعير المركزية في الوزارة وحضرنا اجتماع واحد ولم نتناقش بهذا القرار وما نعلمه أن هناك شح مواد في الأسواق لأسباب خارجية وداخلية وأكثر ما يخيفنا اليوم بعد هذا القرار أن يحدث نوع من الاحتكار الجماعي للمواد بالاتفاق بين التجار”.

 

الرد الرسمي على ميزان المشاعر..

 

أوضح مدير الأسعار بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود لتلفزيون الخبر أن “الهدف الأساسي من التعميم الصادر عن الوزارة هو توفر المواد وانسيابها بالاسواق واعتدال أسعارها”.

 

وحول إمكانية ازدياد الفواتير الوهمية بالأسواق وآلية كشفها أشار “مقصود” إلى أنه “بموجب التعميم الصادر عن الوزارة لا مبرر لوجود أي فاتورة وهمية بالأسواق وأي فاتورة وهمية سيتم ضبطها سيحاسب صاحبها وفق المرسوم 8 وهذا التعميم جاء إنسجاماً مع القانون 37 الناظم لمهام الوزارة”.

 

وفيما يخص عمل لجان التسعير وقدرتها على ضبط السوق في ظل تحول تحديد الأسعار وفق التعميم ليد عدة حلقات تجارية أجاب “مقصود” أن “عمل اللجان المختصة مستمر أصولاً وعندما (تشعر) الوازرة أن هناك ارتفاع غير مبرر بسعر أي مادة نقوم بتدقيق التكاليف ومحاسبة المستورد أو المنتج”.

 

وحاول فريق التلفزيون في أكثر من مرة الحصول على أجوبة حول كيفية معرفة المواطن باللوائح السعرية حتى يتبين له كشف زيادة الأسعار وعن موضوع هامش الربح المتروك للباعة هل يتضمن تكاليف النقل والطاقة أم أنها ستبقى حجة لديهم لرفع الأسعار وأخيراً حول رأي الوزارة بكلام الاقتصاديين أن التعميم سيرفع الأسعار لكن هذه الاسئلة ظلت دون إجابات.

 

يذكر أن أحد ظرفاء دمشق روى ذات يوم من منتصف الثمانينات طرفة تقول أن أحد المواطنين اتصل بوزارة حماية المستهلك (التموين سابقاً) لتقديم شكوى بخصوص ارتفاع سعر الحليب وجرى الحوار التالي.

“المشتكي: مرحبا أستاذ بدي قدم شكوى، المسؤول: تفضل عزيزي المواطن، المشتكي: غلي الحليب، المسؤول: طفي النار تحتو عزيزي المواطن”.

 

لو تم إخفاء تاريخ “النكتة” لظن المستمع أنها تتحدث عن الوضع الراهن ليس لشيء سوى أن أزمات ارتفاع الأسعار لدينا متشابهة ومكررة من حيث طرق المعالجة الرسمية.

 

جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى