كاسة شاي

بعد حربٍ و بؤس .. الأزقة السورية تفوح بعبق حلوى العيد

تشهد أعياد 2018 في سوريا، إلا النذر القليل من مساحتها، انقشاعاً لسحابة الحرب التي خيمت على سماء أغلب مدنها، فالسوريون الذين يتوقون دوماً لحب الحياة وقصد سبلها هم اليوم أقوى و أساريرهم أكثر انفراجاً.

و على الرغم من تداعيات الحرب الأكثر مثولاً بارتفاع الأسعار التي لم تنقشع غيمتها بعد، يبقى للعيد السوري تقاليده ومظاهره التي تتشابه في المدن والبلدات السورية كلها وإن اختلفت في بعض التفاصيل، كصنع حلوى العيد التي كانت ولا تزال حاضرة في معظم البيوت.

و تشتهر كل مدينة سورية بأنواع الطعام والحلويات الخاصة بها، والتي تخضع في كثير من طرق ومكونات صنعها لطبيعة البيئة والمحيط ومايتوفر بكثرة وما تشتهر به تلك المدن فلا يكتمل العيد إلا بتلك الروائح الشهية المنبعثة بين جنبات أزقة تلك المدن.

ففي حلب، المعروفة بمطبخها العريق، وتفنّن أهلها بصنع ما لذّ وطاب، ورثت النساء عن أمهاتهن وجداتهن صناعة المعمول أو الكرابيج كما يعرفه الحلبيون، الذي يحشى بالفستق أو الجوز أو العجوة، ويقدم مع الناطف، بعد تزيينه بمسحوق السكر والقرفة.

و في حماة، يتم تجهيز كميات كبيرة من الأقراص المزينة بالسمسم، على نحو تكفي مدة شهرين بعد العيد، أما في حمص، التي تُعرف بالحلويات الحمصية الشهيرة، مثل البقلاوة، وحلاوة الجبن، والهريسة؛ تجتمع النساء قبل أسبوع من العيد من أجل تحضير الأقراص الأكثر شهرة.

في دير الزور الواقعة شرقيّ سوريا، التي ما تزال الأقرب للعادات العربية العشائرية، تحرص الأُسر على تحضير “الكليجية” الديرية، لما لها من طعم لذيذ وفريد، وتتفنّن المرأة بتجهيز أصنافها المتنوعة.

أنواع عدة من الحلويات تتصدر واجهة الاهتمامات في إطار الاستعداد لقدوم العيد في درعا جنوبي البلاد، مثل الغريبة، والبيتي فور، والمعمول الذي هو أشهرها.

وفي دمشق يتصدر صنع المعمول الدمشقي الشهير عالمياً و المحشو بالفستق الحلبي والجوز والتمر، أولويات العائلة الدمشقية العريقة، كما و باتت ربات البيوت تضيف حشوات حديثة العهد تخضع لطبيعة الوضع المادي والإمكانيات المتوافرة، فعلى سبيل المثال كثير من السيدات استبدلن الفستق الحلبي بالفول السوداني.

ويبقى لحلويات العيد بهجة خاصة، و تأبى معظم العائلات السورية أن تتخلى عن تقليد صناعة أو شراء الحلويات حتى في ظل الوضع المعيشي العسير، نتيجةً للاسعار المرتفعة، وفقدان كثير من السوريين لمصادر رزقهم، في محاولة منهم للحفاظ على الموروثات التي ما استطاعت حرب فاتكة أن تغيبها.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى