العناوين الرئيسيةمحليات

بعد تكرار حوادثها المأساوية مؤخراً.. اختصاصية تقدّم معلومات هامة حول الفطر السام والصالح للأكل

تشهد مناطق ومحافظات عدة بين فترة وأخرى حوادث “مأساوية” جراء تناول فطريات سامة، ينتج عنها تسمم غذائي حاد، وتصل للموت أحياناً، كان آخرها ما شهدته محافظة الرقة قبل أسبوعين، في ظلّ انتشار كبير للأخطاء الشائعة حول هذا النبات، فكيف نفرّق الفطريات السامة عن تلك المفيدة والصالحة للأكل؟.

بهذا الخصوص، أوضحت الأستاذة في كلية العلوم في جامعة تشرين، الدكتورة ميساء يازجي، في حديثها لتلفزيون الخبر، أنه: “على الرغم من تكرار الحوادث المأساوية، ونشر التحذيرات باستمرار، لا يزال هناك انتشار لعدد كبير من المفاهيم الخاطئة والشائعة حول كيفيّة تمييز الفطريات الصالحة للأكل عن السامة”.

كيف نتعرف على الفطريات الصالحة للأكل؟

وحول كيفيّة تمييز الفطريات الصالحة للأكل، قالت “يازجي”: “تملك معظمها صفائح من الناحية السفلية للقبعة، وبعضها ذو أنابيب أو أسنان أو تجاعيد بدلاً من الصفائح، وتتميّز بأنها مُستساغة الطعم، وقد تكون صالحة للأكل أحياناً لكنها لا تستخدم كغذاء لأسباب متعلّقة بانعدام أو عدم جودة الطعم، الرائحة، وخشونة النسيج”.

ونصحت الاختصاصية بـ “الابتعاد عن طبخ أو أكل الفطريات الناضجة جداً والمصابة بالحشرات، أو الذابلة منها”، وبيّنت أن الفطر المحاري “Pleurotus Ostreatus” ذو نكهة لذيذة، ويُعتبر النوع المفضل في دول كثيرة، واعتمدت سوريا زراعته في عدة مناطق، خاصةً الساحل السوري، حيث تتم ضمن سلال أو أكياس تحوي تبن القمح عادةً.

ماذا عن الفطريات السامة؟

بهذا الشأن، أجابت “يازجي”: “يعتقد العديد من الناس أن الفطريات القبعية سامة ومميتة، ويوجد حوالي 70 نوعاً من الفطريات الصفائحية تسبب حالات تسمم عند الإنسان، لكن عددها ليس كبيراً إذا ما قورن بعدد الأنواع الكثيرة غير السامة”.

وأضافت الاختصاصية، أنه: “يوجد نماذج مختلفة للفطريات السامة، وتتنوّع علامات التسمم من غثيان، إقياء، إسهال، عطش، وآلام بطنية، ويظهر ذلك خلال 8 إلى 15 ساعة بعد تناولها عندما تكون الفطريات مميتة”.

وتابعت “يازجي”: “الفطريات المميتة تسبب الموت حتى عند تناولها بكميات قليلة، حيث يكفي تناول سنتيمتر مكعب واحد من أحد أنواع الأمانيت القاتلة مثلاً، لتحدث الوفاة، علماً أن هناك أنواع من الأمانيت يبقى أثرها السمّي لعدة سنوات بعد تناولها، مسببةً مرض الهلوسة جراء تأثيراتها على الجهاز العصبي”.

وأشارت “يازجي” إلى أن: “هناك أنواع من الفطريات تكون غير مؤذية بعد الطهي، لكنها سامة في حالتها النيئة، إضافةً إلى أن الفطريات السامة قد لا تسبب التسمم لكافة متناوليها، فبعض البشر حسّاسين، وبعضهم الآخر ليسوا كذلك بالنسبة للنوع ذاته”.

وبيّنت “يازجي”، أن هناك بعض أنواع لفطريات صالحة للتغذية لكنها تظهر حساسية عند بعض الأفراد لدى تناولها مع مشروب كحولي (البيرة، الخمر) أو المنبهات (شاي، قهوة)، كما هو الحال عند أنواع من الجنس “Coprinus”.

وذكرت “يازجي”، أن: “كثير من الأنواع تسبب اضطرابات هضمية مطابقة لحساسيّة الأفراد تجاه أطعمة كالبيض والشوكولاته، والفطريات عموماً صعبة الهضم، ويمكن أن تسبب عسراً في المعدة، في حال تناولها بإفراط أو دون أطعمة مرافقة كاللحم والخبز”.

هل من طريقة للتفريق بينهما؟

وحول آلية تفريق الفطريات الصالحة للتغذية عن السامة، أكّدت “يازجي”، أنه: “لا توجد طريقة أو اختبار لذلك، بالتالي لا قاعدة عامة أو ثابتة، بسبب تشابه عدد كبير من أنواع الفطريات المأكولة والسامة، وقد تكون أنواعاً مختلفة تابعة للجنس ذاته”.

أبرز الأخطاء الشائعة

وأوضحت “يازجي”، أن: “هناك الكثير من الأخطاء الشائعة حول تمييز الفطريات، ومنها تعرّض قطعة نقدية، فضية أو قطعة بصل لتغيّر في اللون في حال طبخت مع فطر سام، كما يعتقد بأنه يمكن نزع قشرة القبعة عند المشروم المأكول بسهولة أكثر ممّا هي عند السام”.

وتابعت الأستاذة الجامعية: “أو أن بعض الفطريات النامية على أشجار معينة صالحة للأكل، وغيرها نامٍ على أشجار أخرى فهو سام”، مشددةً على أن جميع هذه الاختبارات غير دقيقة أو معتمدة.

وأضافت “يازجي”، أنه: “لا يمكن اعتبار الفطريات التي تتغذّى عليها الحشرات أو السناجب والأرانب آمنة بالضرورة لنتغذّى عليها، فالأمانيت القاتل مثلاً يُؤكل من قبل بعض الرخويات التي تعيش عليه”.

وأشارت الاختصاصية إلى أن: “بعض الناس يتجنّبون المشروم المفرزة للحليب، معتقدين أنها سامة، لكن في الحقيقة إن بعض أنواع الـLaetarius المفرزة للحليب، غير سامة، لكنها غير قابلة للأكل، بسبب طعمها المر ورائحتها غير المُستحبة، في حين يوجد أنواع منه جيدة للأكل”.

وأردفت “يازجي”: “كما يعتقد أنه يجب تجنّب جميع الفطريات الضاربة للقرمزي، وهذا خطأ، فهذا الفطر والمتوفّر بشكلٍ كبير في غابات عدة من الساحل السوري، بالرغم من سميته عندما يكون نيئاً، لكنه قابل للاستهلاك الغذائي ولذيذ جداً عندما يُطبَخ”.

وبيّنت الاختصاصية، أن: “تلّون نسيج الفطر عند تماسه مع الهواء لا يعني أنه سام، ويعتقد البعض أن كل أنواع الـBoletus صالحة للتغذية، عدا تلك الأنواع التي تتلوّن بالأزرق عند قطعها، وهذا اعتقاد خاطئ، علماً أن لون نسيج الأمانيت المميت مثلاً يبقى على حاله أبيض اللون حتى بعد التعرّض الطويل للهواء”.

الطريقة “الأمثل”

ولفتت الأستاذة الجامعية إلى أن: “الطريقة المثلى التي من خلالها يمكن للإنسان أن يحدد سمية فطر أو صلاحيته للأكل هي إجراء تحليل للعينة على أساس الخصائص البيولوجية، وهذا يُنجز بوساطة مراجع علمية موضّحة لهذه الأنواع ومدعمة بالصور الملوّنة أو بالعودة لمختصين في هذا المجال”.

وحول طرائق تحديد الأنواع، شددت “يازجي” على أنه: “لا بد من دراسة شكل وحجم الفطر، شكل حامل الجسم الثمري، القبعة، الأبواغ، رائحة الفطر، طعمه، وغير ذلك من الدراسات الدقيقة كخطوة أساسية لتحديد الأنواع، إضافةً إلى فترة نمو الفطر والبيئة التي ينمو بها، وغير ذلك”.

يُشار إلى أن الفطريات الكبيرة تتمتع بقيمة غذائية تفوق القيمة الغذائية لمعظم الخضار والفواكه، وتقترب كثيراً من القيمة الغذائية للحم، بسبب محتواها العالي جداً من البروتين، وتعتبر منبعاً للفيتامينات، ومصدر جيد للعديد منها، كالفيتامينات B، C، و D إضافةً إلى السيللوز والأملاح المعدنية، بحسب “يازجي”.

يُذكر أنه ما لا يقل عن 11 طفلاً توفوا وأصيب نحو 14 آخرين إثر تناولهم فطراً ساماً بريف محافظة الرقة بدايات تشرين الثاني، وفقاً لما نقلته مواقع إعلامية، كما سبق وأصيبت عائلة مكونة من 7 أشخاص بتسمم غذائي حاد، نتيجة تناولهم “الفطر البرّي” السام، في قرية “البطمة” بريف حمص الشرقي.

شعبان شاميه – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى