العناوين الرئيسيةعلوم وتكنولوجيا

بحضور “كورونا”.. تعرف على الأوبئة الصحية التي فتكت بالبشرية

عرف التاريخ البشري على امتداده أوبئةً فتكت في البشر أجمع، وأودت بحياة ملايين سكان الأرض، ولا تزال بالرغم من التطور الطبي، وإيجاد اللقاحات، تظهر أوبئة جديدة ولأسباب مجهولة.

ويعرف الوباء على أنه “انتشار مفاجئ وسريع لمرض في رقعة جغرافية ما فوق معدلاته المعتادة في المنطقة المعنية”، وسجل التاريخ بعضاً من تلك الأوبئة التي كانت أكثر زهقاً للأرواح، منها :

وباء الطاعون :

احتل داء “الطاعون” أوروبا في القرون الوسطى، تحديداً في القرن الرابع عشر، وأدى إلى مقتل ثلث سكانها، ولعظم ما فتك في الأرواح، سمي بـ”الطاعون الأسود” أو “الموت العظيم”.

وتذكر “منظمة الصحة العالمية”، أن الطاعون “مرض تسببه بكتيريا حيوانية المنشأ تدعى اليرسنية الطاعونية وتوجد عادة لدى صغار الثدييات والبراغيث المعتمدة عليها، ويُنقل بين الحيوانات وإلى الإنسان عن طريق لدغة البراغيث المصابة بعدوى المرض، وبالملامسة المباشرة للأنسجة الملوثة، وباستنشاق الرذاذ المنبعث من الجهاز التنفسي الحامل لعدواه”.

وأدى الطاعون، إلى موت 75٪ – 80٪ من عدد السكان في أوروبا والبحر الأبيض المتوسط وإيطاليا وجنوب فرنسا وإسبانيا، خلال أربع سنوات فقط، أما في ألمانيا وبريطانيا مات 20٪ من عدد السكان، وفي المنطقة الشرق أوسطية، وتحديداً مصر، قتل الطاعون في تلك الفترة، نحو 40% من سكانها، ولا يزال منتشراً حتى اليوم في الكونغو الديمقراطية ومدغشقر والبيرو.

وباء الجدري:

يعتقد الخبراء أن وباء الجدري، على حد وصفهم “أسوء مرض عرفته البشرية في تاريخها”، وهو ماسمي بالـ “الموت الأعظم”، بعد فتكه حياة 500 مليون شخص في العالم خلال مئة عام، بين (1880 و1980)، ويقال أنه قتل 90% من سكان العالم الحديث.

وكانت الغزوات والحروب التي خاضتها أوروبا في “العالم الجديد”، دوراً في انتشار المرض، واستغلته الغزوات البريطانية في حربها على الأمريكيتين، حيث أرسلت بطانيات ملوثة إلى هناك، لتقتل بعد انتشار المرض فيها أكثر من 50% من سكان البلاد.

وطور أول لقاح لعلاج الجدري من قبل الطبيب الإنجليزي، “إدوارد جينر” عام 1796، عندما لاحظ أن الأشخاص الذين يعملون في الحقول لا يصابون بذلك المرض عند إصابتهم بمرض جدري البقر.

ويعتبر جدري البقر أقل خطورة من الجدري، لذلك قرر حقن طفل صغير بقيح من امرأة مصابة بمرض “جدري البقر”، وبعد 6 أسابيع حقنه بقيح مصاب بمرض الجدري ولاحظ عدم إصابة الطفل بالمرض، ومنذ ذلك الحين، بدأ تطوير اللقاحات الخاصة بالجدري، واستخدمت حتى قضي عليه.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية عام 1980، استئصال مرض الجدري كلياً، وهو مختلف عن الشكل الموجود حالياً، معتبرة ذلك واحداً من أهم انتصاراتها الطبية.

وباء “الإيدز”

انتشر وباء “الإيدز” بسبب فيروز (HIV) الذي يصيب بعض خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن الجهاز المناعي، ويؤدي إلى تدميرها، ويتطور المرض لدى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) إلى الإيدز عندما يقل عدد الخلايا المذكورة في الدم عن 200 خلية.

وعرف فيروس “الإيدز” لأول مرة في سنة 1981، لتبدأ بعدها رحلة طويلة من البحث وراء علاج له، بعد تفشيه وإصابة الملايين فيه حول العالم.

تسبب الإيدز، أو السيدا، أو “متلازمة نقص المناعة المكتسبة في قتل أكثر من 25 مليون شخص منذ عام 1981، وفقاً لإحصائيات “منظمة الصحة العالمية” وأدى الإيدز في 2005 إلى وفاة 3.1 مليون شخص، ويقال إن الفيروس نشأ من القرود في أفريقيا، وما يزال عدد المصابين بالمرض في تزايد.

وعلى المستوى العالمي، يوجد 75 مليون شخص مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية، وتوفى نحو 36 مليون شخص منهم.

وباء انفلونزا الطيور:

بالرغم من أن فيروس انفلونزا الطيور يصيب أنواعاً من الطيور الداجنة، إلا أنها ظهرت سلالات منه تنتقل للبشر، وسبب بقتل الملايين.

بدأ الانتشار من عام 1997، حيث بُلغ عن حالات العدوى البشرية بفيروس أنفلونزا الطيور الشديد الإمراض A(H5N1) إبان ظهور فاشية لدى الدواجن في منطقة هونغ كونغ الصينية الإدارية الخاصة.

وانتشر فيروس أنفلونزا الطيور هذا من آسيا إلى أوروبا وأفريقيا سنة 2003 وترسّخ لدى الدواجن في بعض البلدان، وأدى الفيروس إلى عمليات إعدام ملايين من دواجن الدجاج والبط وأنواع أخرى في خطوة وقائية ضد توسع انتشاره.

وأسفرت الفاشيات عن ملايين حالات العدوى لدى الدواجن ومئات الحالات البشرية والعديد من حالات الوفاة لدى الإنسان. وأثرت الفاشيات لدى الدواجن تأثيراً خطيراً في سبل العيش والاقتصاد والتجارة الدولية في البلدان المتضررة.

وباء إنفلونزا الخنازير:

انتشر هذا الوباء المعروف باسم ” H1N1″ في ربيع عام 2009، وهو سليل لفيروس الإنفلونزا الإسبانية الذي حصد ما بين 20 – 100 مليون إنسان ما بين عامي 1918 و1920م، عقب الحرب العالمية الأولى، كما يعتبر مزيجاً من الفيروسات الواردة من الخنازير والطيور والبشر.

وأدَّى فيروس H1N1 إلى إصابة الجهاز التنفُّسي البشري بعدوى كان يُشار إليها عادةً باسم “إنفلونزا الخنازير”، ولأن أعدادًا هائلة من الناس أُصيبت بهذه العدوى في تلك السنة، أَعْلَنَتْ منظمة الصحة العالمية أن إنفلونزا فيروس H1N1 تُعَدُّ وباءً عالميًّا.

ويعتبر فيروس الإنفلونزا نوع (H1N1) من أكثر الفيروسات صعوبة في دراسته، لكونه يتمتع بقدرة تغير سريع، هربًا من تكوين أضداد له في الأجسام التي يستهدفها، حيث يقوم الفيروس بتحوير نفسه بشكل طفيف كل عامين إلى ثلاثة أعوام.

وعندما تبدأ الأجسام التي يستهدفها بتكوين مناعة نحوه ونحو تحويراته الطفيفة؛ يقوم فيروس إنفلونزا الخنازير بعمل تحوير كبير يمكنه من الهرب من جهاز المناعة مسببًا حدوث جائحة تجتاح العالم كل عدة سنوات.

وانتصر الطب على انفلونزا الخنازير في آب 2010، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاء هذا الوباء، وفي العام الماضي تم تضمين لقاحات لسلالتين من المرض إلى قائمة اللقاحات.

وباء الإيبولا:

شهد 2014 وباء قاتلاً بشكل سريع وهو ما عرف بـ”الإيبولا” حيث تسبب في وفاة 50% من المصابين فيه.

وينتشر فيروس الإيبولا حاليًا في أفريقيا بسرعة ، وتنتشر الموجة الأخطر منذ اكتشاف الفيروس في دول ثلاثة واقعة غرب أفريقيا هي غينيا وليبيريا وسيراليون، وتتوقع منظمة الحصة العالمية أن يصاب بفيروس الإيبولا حوالي 1.4 مليون شخص في حال إذا لم يجد الأطباء أي وسيلة للسيطرة عليه.

وأشارت آخر حصيلة نشرتها منظمة الصحة العالمية، أن عدد الذين توفوا بالحمى النزفية التي يسببها الإيبولا، ارتفع إلى 5689 شخصًا من أصل 15 ألفًا و935 أصيبوا بالفيروس.

وباء كورونا :

يعد وباء “كورونا” الأحدث بين الأوبئة السابقة، ولا تزال حالة الخوف من الإصابة فيه، وانتشاره مستمرة، بدأ الفيروس بالانتشار في الدول الشرق آسيوية كالصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتايلاند، وتم تسجل حالة واحدة بالولايات المتحدة الأميركية والشخص المصاب كان سابقاً موجود بمدينة ووهان الصينية التي تعتبر مركز إنتشار الفيروس.

وكان في عام 2012، اكتشف فيروس “كورونا” في المملكة العربية السعودية، سمي بمتلازمة “الشرق الأوسط التنفسية”، أما الفيروس المنتشر حديثاً أطلق عليه اسم فايروس “كورونا المستجد”.

ويعد فيروس كورونا، حيواني المصدر، ينتقل من الحيوان إلى البشر، منشأه غير مفهوم بشكل تام، لكن حسب تحليل مختلف جينومات الفيروس يعتقد أن منشأه الخفافيش وانتقل إلى الجمال بطريقة ما، أما السلالة التي تنتشر حالياً يرجح إن مصدرها حيوانات بحرية، بالإضافة لانتقاله بين البشر نتيجة إستنشاق الرذاذ التنفسي من المريض والتماس المباشر.

ومن المعتقد أن الفيروس نشأ في أواخر العام الماضي بسوق للأطعمة في ووهان كان يبيع حيوانات برية بطريقة غير مشروعة. وانتشر إلى مدن أخرى منها بكين وشنغهاي فضلا عن عشر دول أخرى منها فرنسا واليابان والولايات المتحدة.وتم إحصاء عدد المصابين فيه مع عدد حاضني الفيروس حتى تاريخه إلى 44 ألف حالة، بحسب الأرقام الطبية الصينية.

ومع كل انتشار لوباء جديد، تتعرض البشرية لهزة مفاجئة، وتضعها أمام خيارات ودراسات سريعة لإيجاد حلول توقف انتشار الأوبئة، إلا أن الفيروسات لا تنفك إلا وتأتي على أشكال جديدة، محدثة أمراض ومودية بضحايا جدد باستمرار.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى