محليات

المتة عند السوريين .. “واجب” بالسويداء و “مي مغلية” عند الطراطسة

يختلف السوريون في طقوسٍ لطالما جمعتهم، ومنها الاختلاف في طريقة التحضير والتقديم لمشروب دخل البلاد عن طريق أبنائها، من الذين هاجروا إلى “أمريكا الجنوبية” لإيجاد مستقلبهم، ما أدى بدوره لبناء تاريخ عريق لمشروب “المتة” الأكثر شعبية في سوريا.

وانتشرت المتة في مجتمعنا السوري بكثرة خلال العقود الستة الماضية وخاصةً في الساحل السوري (طرطوس، اللاذقية) والمنطقة الوسطى (حمص، ريف حماه) والمنطقة الجنوبية (ريف دمشق، السويداء).

وأكدت هيام طالبة جامعية من السلمية لتلفزيون الخبر أن “المتة مشروبنا المفضل أنا وصديقاتي (أهم شي بالحياة) إذ تشاركنا كأس المتة كافة جلساتنا وأوقاتنا، ولايمكننا الاستغناء عنها أبداً “.

وأشار رواد طالب في الصف الثالث الثانوي من اللاذقية لتلفزيون الخبر إلى أهمية المتة في حياته، قائلاً: “المتة هي المشروب الوحيد الذي أشربه في أوقات دراستي، حيث أضيف إليها المليسة والزهورات لتساعدني على عدم التوتر”.

وتتباين طرق تحضير المتة وطقوسها على اختلاف المناطق السورية، فهناك من يحضرها على عَجل على أنها مشروب عادي كغيرها من المشروبات، والبعض الآخر “يعتني” بتحضيرها كونها طقس اجتماعي عريق لايسمح الخطأ به.

فيشرب أهالي طرطوس واللاذقية وحمص والسلمية المتة كل شخص في كأس خاصة به، حيث يتوجب أن يكون الماء عند “الطراطسة” تحديداً، بالغاً مرحلة الغليان، كما أوضح علاء أحد أبناء تلك المحافظة لتلفزيون الخبر.

ويختلف الأمر في محافظة السويداء والقلمون حيث تشرب المتة في هاتين المنطقتين ب “كأس واحدة” وأحياناً في “الجوزة” فيتبادلها الجالسون بين بعضهم، ومن ثم تغسل “المصاصة”، بالماء الساخن وتفرك بقشور الليمون، بعد أن يشرب كل شخص منها منعاً لانتقال أمراض الجهاز التنفسي.

ولم تقتصر المتة في السويداء على أنها مشروب فقط، بل تطور الأمر في تلك المحافظة، إلى أن تصنف المرأة على أنها “ست بيت” أو على العكس تماماً، بحسب شكل الأدوات (عدة المتة) التي تستخدمها في تقديم هذا المشروب لضيوفها.

وتتكون “عدة المتة” في السويداء من “صينية يوضع عليها ثلاثة صحون من نفس الشكل واللون والزخرفة، واحدة يوضع فيها السكر والثانية توضع فيها مادة “المتة” والثالثة لغسل “المصاصة” ، بالإضافة إلى الإبريق والغاز الصغير”.

وتتباهى المرأة في السويداء في كيفية تحضير المتة وجودتها، حيث قالت “إم وسيم” ربة منزل لتلفزيون الخبر “تُعد “المتة” في مدينتنا المشروب الأول الذي يجب أنّ يقدم للضيوف، حيث نضع بجانبه بعض أنواع المكسرات وأحياناً “الزبيب” والحلويات، ويُعتبر عدم تقديم هذا المشروب لضيفنا “قلة واجب” لشخصه”.

ويتوجب للمقبلة على الزواج في هذه المحافظة، إحضار “عدة متة” ذات نوع فاخر لبيت زوجها، والتي يجب أنّ تكون من “الكريستال” أو “النحاس” حيث تزينها وتتفاخر بها أمام صديقاتها.

وتقال كلمة “كراسي” في السويداء المأخوذة من الكلمة الإسبانية “غراسياس” (شكرا) فقط أثناء ممارسة طقوس “المتة”، عندما لايريد الشخص أن يشرب المزيد منها.

ولم يمنع ارتفاع سعر المتة واحتكارها من قبل التجّار في السنوات الثلاثة الماضية، محبيها من شرائها، ففي بعض الأحيان انتظر “مدمنو المتة” السيارة التي تجلب هذه المادة بالساعات، لشراء أكبر كمية ممكنة، خوفاً من انقطاعها، علماً أنّ سعر العلبة الواحدة وصل إلى 600 ليرة سورية، في مبلغ يفوق قدرة المواطن السوري أن يدفعه.

وعلى عكس ماذكر سابقاً بينت السيدة فرح (تكره المتة) من مدينة جبلة لتلفزيون الخبر أن “المتة مشروب لايمكنني استساغته، بالرغم من محاولاتي العديدة لذلك، حتى أنني حاولت إضافة أعشاب كثيرة عليها ك”المليسة” وغيرها إلاّ أنني لم أستطع، علماً أنّ جميع أصدقائي ومن حولي يشربونها”.

يذكر أنَّ المتّة مشروب من فئة المنبهات، يؤخذ من أوراق نبات “البَهْشِيِّة البراغوانية”، ويقال أن لها فوائد في معالجة مشاكل عسر الهضم، وآلام الرأس، ولاأضرار لها على القلب والأعصاب بالرغم من احتوائها على الكافيين.

منار محرز – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى