اقتصادالعناوين الرئيسية

“المالية” تضع “العصا” بعجلات سوق التأمين.. أكاديميون لـ”تلفزيون الخبر”: ما يحصل تجاوزات على السوق ولا بد من عودة التشاركية

على الرغم من محافظة قطاع التأمين الخاص في سورية على وجوده خلال السنوات العشرة الماضية وخروجه من مصيدة الأزمة التي أثرت على مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد نتيجة الإرهاب والعقوبات الاقتصادية الغربية، يبدو أنّه اليوم بات في مرحلة تحكمه قرارات يُعتقد أنّها “تصويبية” أخرجته من دائرة التشاركية التي نادت بها الحكومة، إلى دائرة معقدة قد تودي بالقطاع الخاص إلى الانهيار نتيجة انعدام الثقة بالجهات الرقابية الحكومية وفقاً لرأي خبراء وأكاديميون متخصصون في الشأن التأميني.

وأكّد الخبراء أنّ قطاع التأمين في سورية رافعة للاقتصاد الوطني ومن الضروري أن تعزز الحكومة التشاركية فيه، لا “أن تحاربها”، وأن تعزز ثقة القطاع الخاص بها، لا “أن تبعده”، وأن تعيد التنافسية فيه لا “أن تحجمها”، وأن تحفز المستثمرين الذين سيشاركون في مرحلة إعادة الإعمار لا “أن تنفرهم”.

فشل انتخاب مجلس إدارة جديد.. ما السبب؟؟

إنّ ما حصل خلال الفترة الماضية هو أنّ فجوة الخلاف بين الشركات الخاصة التأمينية والجهات الحكومية باتت واسعة نتيجة التعديلات التي حملها مشروع مرسوم قانون الاتحاد السوري لشركات التأمين الجديد والذي تمت مناقشته مؤخراً في مجلس الشعب وعلى ما يبدو لم يحمل مصالح جهات القطاع الخاص ولم تكن التعديلات المقترحة منصفة لها وإنما تركتها مرهونة للجهات الحكومية الرقابية.

وبينت مصادر مطلعة لتلفزيون الخبر أنه “تم أمس الاربعاء عقد اجتماع جمعية عامة للاتحاد السوري لشركات التأمين وتمت مقاطعة الاجتماع من قبل 10 شركات خاصة ولم يقبل أي أحد ترشيح نفسه لمجلس إدارة الاتحاد سوى المجلس المؤقت الحالي الذي عين مسبقاً من قبل وزير المالية بقرار غير قانوني، بالإضافة إلى ممثل الشركة الاتحادية للتأمين، وحضور أيضاً ممثل شركة العقيلة للتأمين”.

وأرجع المصدر سبب ما حصل يوم أمس إلى “التجاوزات التي ارتكبت من قبل وزارة المالية بكون وزير المالية هو رئيس مجلس هيئة الاشراف على التأمين، بحق شركات التأمين الخاصة من جهة، والاتحاد السوري لشركات التأمين من جهة أخرى، باعتبار الاتحاد هو جهة مستقلة ولا يتبع لأي جهة حكومية، ولا يوجد أي فقرة أو مادة قانونية تسمح لأي وزير التدخل فيه”.
إنّ ما حصل وفقاً للمصادر، “أفشل عقد المجلس المؤقت المعين بقرار مسبق من وزير المالية، في اجتماع جمعية عمومية للاتحاد مرتين نتيجة لعدم اكتمال العدد المطلوب بسبب رفض الشركات الخاصة الحضور رغم دعوتها مرتين في يوم واحد ما يشير إلى عدم رضاها عما يحصل!”.

تحجيم دور القطاع الخاص ودور “الهيئة” حماية حاملي “البوالص التأمينية”

إنّ التعديلات التي طرحت حول قانون الاتحاد السوري لشركات التأمين أعطت هيئةَ الإشرافِ على التأمين دوراً واسعاً وصلاحيات تتجاوز الدور الفعلي لها، كما ستمنح مؤسسة التأمين الحكومية وهي الجهة الحكومية الوحيدة في السوق التأميني، تمثيل واسع، بنصاب 3 مقاعد مقابل مقعدين لـ 12 شركة خاصة، الأمر الذي سيجعل وفقاً للخبراء والمتخصصين في الشأن التأميني كما بينوا لتلفزيون الخبر ” قرار الاتحاد السوري لشركات التأمين سيصبح بيد جهة تأمين حكومية وهذا يعني سحب البساط من تحت الشركات الخاصة في إبداء الرأي مستقبلاً”.

وأكّد الخبراء أنّه “لتطوير أي سوق تأميني في العالم يجب أن يكون هناك تشاركية بين القطاع العام والخاص، وما يحصل اليوم في سورية هو تحجيم دور القطاع الخاص، هي مشكلة خاصة أنّ القطاع الوطني الخاص يحمل خبرات تأمينية ضخمة تصل لدرجة أنها أكبر من نظيراتها في القطاع العام”.

وقال الخبراء: “السوق التأمينية سوق مفتوح ويوجد فيها تنافسية، ولا يجوز أساساً حدّها لأنه سوق تحكمه العرض والطلب بين طالب التأمين والشركة المؤمنة”.

وحول دور هيئة الإشراف على التأمين وعلاقتها بالاتحاد السوري لشركات التأمين، بين خبراء أكاديميون أنّ “دور هيئة الاشراف على التأمين هو حماية حاملي (البوالص التأمينية) أي المواطنين والمستثمرين والجهات الاعتبارية المؤمنة لدى الشركات، وأنّ تحييد القطاع الخاص في عملية المشاركة أو التشاركية مع القطاع العام هو سبب الخلافات التي حصلت حالياً”.

مخاطر محتملة على سوق التأمين

ورأى الخبراء أنّه في حال بقيت الهيئة ضد الشركات الخاصة وتحاول فرض سيطرتها على قرارات سوق التأمين في ظل الوضع الحالي، لن يكون ذلك محفزاً لشركات التأمين الخاصة لتستمر في العمل بهذا الشكل لأن الهيئة هي الأساس والبوصلة التي تعمل عليها الشركات التأمينية ومن المفروض أن يكون دورها مدافع عن وجودية كامل الشركات سواء في القطاع العام أو الخاص وليس الرقابة عليها. فالهيئة ليست جهة رقابية” ودورها حكم يفصل ويحل الخلافات التي تحصل بين شركة خاصة وأخرى أو بين شركة خاصة وشركة حكومية، لذا يجب أن تكون الهيئة على مسافة واحدة من جميع الشركات”.

وأضاف الخبراء، “استمرار الوضع على ما هو عليه دون تدخل من جهات عليا، قد يصل إلى درجة تتجه فيه بعض شركات التأمين الخاصة للإغلاق”، مبينين أنّ “كل ما سيحصل لن يؤثر على المدراء والمساهمين، وإنما التأثير الأكبر هو على حاملي البوالص التأمينية أي المواطنين والشركات والمستثمرين”.
وحسب المصادر، صدر خلال الفترة الماضية قرار من وزير المالية ألزم فيه موضوع التأمين الإلزامي لمؤسسة التأمين الحكومية “الشركة السورية للتأمين”، ولم يُسمح خلالها وفقاً للقرار، لشركات التأمين الخاصة الاستثمار في هذا النوع.
علماً أنّه عندما رخصت هذه الشركات خلال الأعوام 2005-2006، بحسب رأي الخبراء، تم وفق جدوى اقتصادية تم فيها تحديد المواضيع التأمينية التي ستفتتحها هذه الشركات سواء في تأمين السيارات أو التأمين الهندسي أو النقل.. وغيرها، مبينين أنّ “سحب التأمين الإلزامي منها زعزع ثقتها بالقطاع الحكومي”.

المطلوب من الجهات الحكومية

رأى الخبراء أنّه من الضروري أن يكون هناك تدخل وقرار حكومي منصف لشركات التأمين الخاصة التي لم تغادر البلد رغم سنوات الأزمة الماضية، وحافظت على وجودها، كما حافظت موقعها وعلى تعويضات الأفراد والمنشآت التي أمّنت لديها.
وأكّدوا ضرورة التشاركية بين القطاع العام والخاص في قطاع التأمين ما سينعكس إيجاباً على السوق السورية، موضحين أنّ هيئة الاشراف على التأمين هي عضو مراقب في الاتحاد ولا يصح لها أساساً التدخل بقطاع التأمين و الاتحاد السوري لشركات التأمين كونه قطاع مستقل.

وبين الخبراء أنّ لقطاع التأمين دور فعّال في الاقتصاد الوطني وكبير في مرحلة إعادة الإعمار المقبلة، فلا يمكن لأي شركة خارجية أن تدخل استثمارات للداخل دون أن تكون مغطاة تأمينيناً سواء تأمين صحي أو هندسي أو سفر أو النقل.. وغيرها.
مشيرين إلى ضرورة الابتعاد عن أي ما يعيق القطاع التأميني أو يؤدي إلى إيقافه، لأن وجوده يوفر الأمان والطمأنينة للمواطنين من خلال وجود شركات تأمين تحميه من المخاطر وغيرها وهو رافعة للاقتصاد الوطني.
قصي المحمد -تلفزيون الخبر – دمشق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى