العناوين الرئيسية

اللاذقية عطشى.. كوارث وفشل في إدارة ملف المياه في المدينة

“عم نترك شغلنا وأعمالنا ونداوم بمديرية المياه لنأمن المي لبيوتنا بس مافي فايدة” هذه كلمات دكتور جامعي (فضل عدم ذكر اسمه) قالها لتلفزيون الخبر يشرح بها فصلاً من معاناة مدينة اللاذقية مع غياب المياه عن المنازل منذ ما يقارب 40 يوماً.

هذا هو واقع المدينة المحاطة بالمياه من كل الجهات هذه الأيام حيث لا شغل للأهالي بها سوى تأمين حصتهم اليومية من المياه لمواجهة حر الصيف حيث زادت “كارثة” المياه من همومهم في مجاراة “المطحنة” الاقتصادية التي يعاني منها جميع السوريين.

تخبطات وحجج وتسويف على كامل الخريطة اللاذقانية..

يقول الدكتور الجامعي “نقطن في شارع الجمهورية المشروع الخامس كرم الزيتون بالقرب من المعهد الصناعي وما قبل شهر رمضان كان وضع المياه مستقراً حيث تأتي نصف ساعة 3 مرات يومياً بالتزامن مع قدوم الكهرباء لكن مع حلول رمضان أصبحت تأتي نصف ساعة صباحاً فقط”.

وأكمل “منذ نهاية رمضان حتى تاريخه لم تأتي المياه إلا ما ندر وخارج وقت الكهرباء ما يمنع صعودها للخزانات إضافة لنزولها بشكل ضعيف جداً من الحنفيات وعند وصول الكهرباء تنقطع المياه الأمر الذي يجبرنا على شراء الصهاريج”.

وختم قوله “تواصلنا مع مدير المياه بالمحافظة ومدير الوحدات عدة مرات طيلة ال40 يوماً الماضيين ولم نجد سوى الوعود والتسويف أو التحجج بأعطال تتعلق بمناطق أُخرى وتقدمنا بمعروض رسمي لدى مديرية المياه لحل المشكلة وأرسلوا لجنة فنية منذ حوالي الشهر وتبين لهم عدم وصول المياه للمنازل لكن لا فرق يُذكر فالواقع لم يتغير”.

وأجمع مشتكون من أحياء جب حسن والرمل الشمالي حارة مدرسة طلال ياسين ودوار القيادة البحرية والزقزقانية الأبنية خلف النفوس وحارة العجمي والشيخ ضاهر وحي تجميل سقوبين في حديثهم مع تلفزيون الخبر على غياب المياه منذ شهر عن منازلهم وفي حال قدومها تأتي بشكل ضعيف قبل انقطاع الكهرباء بخمس دقائق وتختفي بوصولها وسط “طناش” من المعنيين.

نقل خطوط!..

تحدث أحد المشتكين لتلفزيون الخبر من سكان الجهة الغربية لمدرسة الشراشير بجبلة “منذ ما يقارب الشهر ولم تصل المياه لمنازلنا وكلما تواصلنا مع المعنيين لفهم أسباب المشكلة تحججوا بالكهرباء والمحروقات ونقص المياه على الرغم من قرب قريتنا من بحيرة السن التي بلغت منسوباً كبيراً هذا العام”.

وتابع المشتكي “المشكلة ليست في الشراشير فقط بل في قرى بسيسين والراهبية وحميميم ودوير الخطيب ومفرق الحويز جميعنا كنا على خط بانياس جبلة القديم وتم تحويلنا لخط أخر وتم توقيف الضخ عليه دون فهم الأسباب فأصبحنا متروكين لرحمة تجار الصهاريج”.

فوق الموتة عصة قبر..

تُرك أهالي مدينة اللاذقية تحت رحمة تجار الصهاريج وذلك بعد شعورهم باليأس من حل أزمة المياه حيث لم يبق لهم لتأمين احتياجاتهم سوى شراء الصهاريج.

وازدهرت بورصة الصهاريج في اللاذقية هذه الأيام حيث تراوحت أسعار التعبئة ما بين 15 و25 ألف ليرة تكفي ل3 حتى 5 أيام وإذا ما أخذنا أصغر رقم 15 ألف على أكثر الأيام 5 تكون تكلفة تعبئة الصهاريج لتغطية كامل الشهر 90 ألف أي راتب موظف كامل هذا كله بعيداً عما تفرضه الحياة من احتياجات أُخرى.

طبعا، كل ما سبق كان دون التطرق لموضوع “الصحة” ومصادر المياه المعباة عبر الصهاريج، ومدى صلاحيتها للشرب.

موسم مائي جيد دون فائدة..

عاشت محافظة اللاذقية موسماً مائياً جيداً بحسب التصريحات الرسمية إلا أن سكان المدينة الساحلية لم يلمسوا انعكاساً إيجابياً لهذا الموسم في صنابير مياههم حيث مازالت المياه غائبة عنهم كما لو أن الموسم ضعيف.

وكان صرح مدير الموارد المائية في اللاذقية فراس حيدر لوسائل إعلام محلية نهاية كانون الثاني 2022 أن “الهطولات المطرية التي شهدتها المحافظة أدت إلى زيادة معدلات تخزين مياه الري ضمن بحيرات السدود وإلى امتلاء بحيرات بعض السدود كسد بلوران والحفة وبحمرا وبيت القصير وكرسانا والجوزية وخربة الجوزية”.

ولفت “حيدر” بقوله إلى زيادة غزارة نبع السن لتبلغ 15.1 م³ في الثانية وذلك بعد أن سجلت سابقاً 5 م³ في الثانية”.

الكلام الرسمي..

قال معاون مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب في اللاذقية ممدوح رجب لتلفزيون الخبر “هناك بعض الأحياء تعاني في المدينة أما في الريف الوضع تحت السيطرة باستثناء المناطق الخاضعة محطات الضخ فيها لتقنين كهرباء ويمكن أن تكون أزمة المياه في المدينة عند البعض ممتدة منذ 20 يوماً وليس 40 والمشكلة الأكبر مع الطوابق العليا”.

وتابع “رجب” أن الشركة “تعمل وفق الإمكانيات المتاحة وتحاول قدر الإمكان وبالتنسيق العالي مع الكهرباء لإيصال المياه لمدخل الأبنية (شجرة البناء) بكل المدينة لكن موضوع رفعها للطوابق العليا خارج إرادتنا”.

وأشار “رجب” إلى أنه “يفترض أن يكون لدى كل مواطن وسيلته الخاصة للتعامل مع المياه كالمولدة أو الطاقة الشمسية أو وضع خزان بجانب شجرة البناء وغيرها من الحلول ويفترض أن يحتوي كل بناء فوق الخمس طوابق بكل المدينة على خزان أرضي بغض النظر عن الكهرباء”.

ونوه “رجب” إلى أن “أداء شبكة المياه مختلف عن الكهرباء فموظف الكهرباء عندما يغذي حي ما بالكهرباء تصل الخدمة للجميع في نفس اللحظة أما المياه فالأمر مختلف فإذا وصلت الكهرباء لنصف ساعة مثلاً يجب أن نقوم بإرسال المياه قبل ذلك بحوالي أربع ساعات لتصل المياه للجميع”.

وأكمل “رجب” أنه “عندما تصل المياه خلال نصف ساعة وصل الكهرباء يقوم جميع سكان الحي المُغذى بتعبئة المياه ما يؤدي لانهيار الشبكة والحل يكمن في وصل ساعات أكثر من الكهرباء حتى يستطيع الجميع التعبئة”.

غياب الاستراتيجية لدى مسؤولي المدينة

يعتمد بعض المسؤولين المحليين على مبدأ “التجربة” في حله لأي قضية تواجهه وذلك نتيجة غياب الخطط والاستراتيجية أثناء انتخاب الحلول وتنفيذها.

فما تم تنفيذه في هذه المنطقة لا يُنفذ في تلك على الرغم من تشابه المحيط والظروف والبيئة وكل المقومات لكن لا أحد يدري لماذا تنعدم فرصة تكرار التجارب خصوصاً تلك التي أفضت إلى حلول ناجعة.

فعلى سبيل المثال لا الحصر تم تطبيق تجربة ناجحة في مدينة جبلة ساهمت بحل لمشكلة المياه والكهرباء حيث جُمع بين الإثنين بمعدل ساعتي تغذية كهرباء متواصلة يومياً فجر كل يوم بشكل متناوب وذلك بعد تقسيم المدينة لقسمين كل قسم بيوم محدد.

وتساءل أهالي اللاذقية عن سبب عدم تطبيق “الحل الجبلاوي” في مدينتهم خصوصاً وأنه أثبت نجاعة بشكل نسبي وهم على أعتاب صيف وموسم سياحي.

إلا أن الجواب لدى المياه على لسان “رجب” كان “لتطبيق هذا الحل في المدينة يحتاج الأمر لتعاون الكهرباء عبر إمداد بعض الأحياء بساعتي تغذية متواصلة وعندها يمكن تطبيق”.

وفي تصريح سابق قال مدير المياه في مدينة اللاذقية طارق اسماعيل لتلفزيون الخبر “كهربائياً نحن غير قادرين على تطبيق تجربة جبلة باللاذقية كون خطوط المياه متوافقة إلى حد كببر مع خطوط الكهرباء بجبلة أما في اللاذقية فالمشكلة أن خطوط الحارات والمناطق متداخلة ببعضها وليس هنالك توافق بين خطوط المياه وخطوط الكهرباء”.

وقد يبدو الكلام السابق “غريباً” ويؤكد شكاوى المواطنين بخصوص عدم توافق المياه والكهرباء في المدينة .

وكشف سابقاً مصدر في مديرية كهرباء اللاذقية لتلفزيون الخبر، سبباً رئيسياً لعدم تطبيق “الحل الجبلاوي” في مدينة اللاذقية وهو أن التطبيق بحاجة لزيادة كمية الكهرباء الواردة للمحافظة.

اسئلة يبحث عن جوابها كل عطشان..

من يقرأ التصريحات السابقة، يدرك حجم معاناة المدينة الصابرة، تناقض وأسباب غير مقنعة لغياب سبب اساسي من اسباب الحياة، والسؤال برسم الوزارات المعنية بهذا الملف

هل تعجز الكهرباء عن وصل الكهرباء لساعتين متتاليتين (حتى لو من حصة المدينة) كل يومين، كما فعلت في مدينة جبلة؟ ..

ما مقدار الوفرة المائية الواجب توافرها في منطقة ما حتى تصل المياه لمنازل سكانها.. ألا يكفي تواجد بحر وأنهار وينابيع و14 سد وأبار؟

ما هي الخطة المتبعة من المعنيين في وزارة المياه ومديرية مياه اللاذقية لتجنيب المحافظة المائية من احتياجها للمياه وكيف يتم إدارة الأزمات ضمن هذه المؤسسات؟

ما سبب وجود أزمة مياه في اللاذقية على الرغم من مرور موسم مطري جيد أدى لتحقيق منسوب مياه وفير وكافي على أقل تقدير ألا تعطش المدينة؟

إذا كان الحل في اللاذقية يكمن لدى وزاة الكهرباء.. أليس من الأمثل توجيه الكهرباء باتجاه المياه خصوصاً مع اقتراب اشتداد فصل الصيف والدخول في عز الموسم السياحي؟

تحمل مدخول المواطن كل الكوارث السابقة رغم هشاشة “ليراته” لكن هل وصل الأمر ليحتاج راتباً إضافياً لتوفير المياه للشرب وباقي أمور الحياة..خصوصاً بعد اشتعال بورصة الصهاريج دون حسيب أو رقيب؟

يذكر أن معدل هطول الأمطار لهذا الشتاء في محافظة اللاذقية نهاية أذار قارب من معدله السنوي بنسبة 90% بحسب تصريح سابق للمتنبئ الجوي شادي جاويش لتلفزيون الخبر.

جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى