فلاش

القاضي الشرعي الأول يثير الجدل .. “تفشي عمل النساء في مهن لا تناسب المجتمع السوري” والنساء ترد

من جديد يطلق القاضي الشرعي الأول بدمشق تصريحات عبر صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، تثير اهتمام الشارع السوري، لكن هذه المرة، ووفق استطلاع قام به تلفزيون الخبر ، لم يكن القاضي موفقاً بالطرح .

فالقاضي الشرعي الأول بدمشق محمود معراوي تحدث عن تفشي مهن جديدة تعمل فيها النساء لم تكن منتشرة سابقا منها ظاهرة عمل النساء في المقاهي والمطاعم، كاشفا أن المحكمة استقبلت العديد من دعاوى الطلاق مرفوعة من الأزواج لعدم رغبتهم في هذه الأعمال.

وفي تصريحه أكد معراوي أن عمل النساء في مهن المقاهي والمطاعم لا تليق بالمجتمع السوري باعتبار أنها غير محببة في مجتمعنا معتبرا أن سبب انتشارها نتيجة هجرة عدد كبير من اليد العاملة الذكورية ما دفع أصحاب المطاعم والمقاهي إلى توظيف النساء لتعويض النقص الحاصل من الذكور.

وأوضح معراوي أن هناك أعمالا لا مشكلة أن تعملها المرأة، سواء كانت قبل الأزمة أم في ظلها بما يتناسب معها مبيناً أن القانون لم ينص صراحة على مثل هذه الحالات إلا أن هناك نصوصا عامة باعتبار أنه لا يحيط بكل الجزئيات وإلا فإنه سيضم آلاف المواد إذا كان سيدخل بكل جزئية.

قالت بكلمات مقتضبة، وجملة سريعة “ظروف”، الشابة لمى التي تعمل في مقهى بمدينة اللاذقية، بدأت حديثها عن أسباب عملها في المقهى بهذه الجملة، وتابعت”ظروف خاصة دفعتني إلى العمل في هذا المقهى منذ نحو 4 سنوات، ورأيته أفضل من أي عمل آخر”.

هذه “الظروف” لم يقدرها القاضي الشرعي ، كونه يتحدث من منطلق نصوص، والنصوص جامدة، لا تتناسب وظروف الحرب الطاحنة التي تشهدها البلاد منذ نحو ست سنوات .

وأضافت لمى “أعمل في هذا المقهى منذ 4 سنوات، و في البداية كان الناس ينتابها الاستغراب من عمل فتاة في مقهى، وقيامها بتقديم المشروبات، وتلبية طلبات الزبائن، ولكن خلال سنوات الحرب ازداد عددنا وأصبحنا نحو 10 فتيات نعمل في المقهى نفسه”.

وتابعت “خلال سنوات الحرب، أصبح عمل الفتيات في المقاهي مألوفاً، وخاصة في اللاذقية، التي تنتشر فيها المقاهي بشكل كبير، وتوّفر فرص عمل جيّدة للفتيات، وأنا أعمل وأدرس الاقتصاد معاً، وما اتقاضاه أدفعه أجرة منزل في اللاذقية، بعد أن خسرت منزلي في حلب”.

تشعل ديمة سيجارتها، وتقول “أعمل في هذا المقهى منذ ثلاثة سنوات، أشعر وكأنه بيتي، وزواره زواري، أجد فيه الدفء والراحة، واتقاضى مبلغاً عادياً، إلا أنه أفضل من الأعمال التي جربتها قبله، ومنها العمل لدى مصفف شعر نسائي، و سكرتيرة لدى طبيب في العيادة، وفي هذا المقهى اسمع صوت فيروز صباحاً واشتم رائحة القهوة على مدار الساعة”.

وأضافت “الحرب أجبرتني على العمل في هذا المقهى، عندما وجدت أن الأمر أصبح مألوفاً، لم اتردد وطلبت العمل من صاحب المقهى، كنت في السابق أبحث عن عمل، ولكن لم أفكر في العمل بمقهى إلى أن وجدت الكثير من الفتيات يعملن، ومنهن لديهن أطفال في المدارس”.

وتعتبر ظاهرة عمل الفتيات باللاذقية، ظاهرة متنامية خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث لا يخلو مقهى أو مطعم من فتيات يستقبلن الزوار على الباب، أو يسألونهم عن طلباتهم، في ظل الظروف الاقتصادية التي فتحت الكثير من الأبواب المغلقة، ومنها عمل النساء في المقاهي والمطاعم”.

وقال باسل شاب في الثالث الثانوي لتلفزيون الخبر “أجد عمل الفتيات في المقاهي أمراً عاديّاً، خاصة في ظل الحرب، وارتفاع الأسعار، ماذا ستعمل هذه الفتيات، في ظل عدم توّفر فرصل عمل أو سفر، او مسابقات، وأغلب اللواتي أعرفهن يعملن أثناء الدراسة، لتحصيل مرصوفهن اليومي، ومنهن زوجات لأشخاص مفقودين أو مخطوفين ولديهن أطفال”.

وأضاف “ويوجد فئة من الشابات أعرفهن يعملن في المقاهي والمطاعم، بعد خسارتهن لأزواجهن في المعارك، و أزواجهن ليسوا من أفراد الجيش العربي السوري، إنما القوى المؤازرة له، لم تقدم لهم الدولة دعماً مادياً أو وظيفة، ولديهن أطفال، وهذا ما يدفعهن للعمل في المقاهي” .

وفي دمشق، انتشرت ظاهرة عمل النساء في المقاهي والمطاعم، وكن بذلك يقفن جنباً إلى جنب مع الرجل لتأمين قوتهم في ظل أزمة غلاء فاحش، فغدا وجود فتيات في مقتبل العمر يعملن في المقاهي في دمشق أمراً مألوفاً وعادياً.

تقول (ل.م) ذات ال 22 عاما وهي طالبة جامعية في كلية التربية، القريبة من مكان عملها في “كافيه” في منطقة البرامكة عن سبب عملها لتلفزيون الخبر : أنها اضطرت للعمل بسبب صعوبة الاوضاع التي آلت إليها أسرتها.

وتابعت بعد تقاعد والدها وسفر إخوتها اضطرت للعمل بسبب غلاء المحاضرات والمواصلات “وكل شي غالي” وفرص العمل شبه معدومة، دفعها لهذا العمل الذي تصفه بأنه ” مو عيب”.

وفي “كافيه” آخر تمكنّا من التحدث مع امرأة أخرى كانت مرتبكة بعض الشيء، قالت : أنا أم لثلاثة أطفال لم أجد عمل بشهادة “البكالوريا” ، زوجي يعمل مستخدم في مدرسة ولا يكفي مرتبه لإعالة الأطفال ، وزوجها لايمانع ذلك طالما عملها “بالنور” وفق ما قالت.

(س.ن)” كاشيرة” خريجة “معهد مصرفي” قالت لتلفزيون الخبر: لم يبق شركة لم أقدم لها “cv” ولكل واحدة شروط مختلفة، أعمل هنا بتفاؤل والحمدلله ، وتقول ضاحكة “من شو بيشكي الكاشير”.

وفي سؤال تلفزيون الخبر لمالك أحد تلك المقاهي عن عمل النساء في هذه المهنة قال: أصبحنا نفتقر للشبان في السنوات الأخيرة، والمتوافرون للعمل منهم يطلبون أجوراً عالية، وتابع ان هذا لايعيب المرأة في شيء، وأنها تعامل باحترام وتقدير ، وتراعى ظروفها.

يقول “رامي جلبوط” وهو محامٍ، ، أنه يجب على المعنيين عدم التغاضي عن زواج الفتيات المبكر وعن نزعها من صفوف الدراسة، في إشارة إلى الأثر غير المباشر للزواج المبكر على تردي حال النساء في سوريا وما يتعرضن له من اضطهاد، يمكن اعتبار تصريح قاضي دمشق الشرعي منها، والتي أثارت جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وتابع “جلبوط” أن الكثيرات ممن فقدن أزواجهن في الأوضاع الراهنة بقين في “مهب الرياح” بلا معيل ، وانتهى بهم الأمر للبحث عن فرصة عمل يعتشن منها ،منوهاً إلى أن تصريحاً كهذا يبتعد تماما ًعن الواقع المعاش .

يشار إلى أن الحرب السورية، أزهقت على الأقل، في ظل عدم وجود إحصائية دقيقة، نحو مليون سوري، وشردت الملايين، داخل وخارج البلاد، في ظل ظروف اقتصادية سيئة تعيشها البلاد على مدى هذه السنوات.

 

سهى كامل – روان السيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى