كاسة شاي

“الشلي” محور “القعدات والسهرات” .. والعادة التي تجمع وتفرِّق

لا تكاد تخلو أغلب لقاءات الأصدقاء في مقاهيهم والأقارب في بيوتهم والزملاء بين زوايا أماكن عملهم، من أحاديث تحمل روح النكتة في ظاهرها من خلال سرد أحداث ومواقف متعلقة بأحد الأشخاص المتغيبين عن تلك الجلسة ليكون هو محورها.

وهذا ما يسمى في المجتمع بـ “الشلي”، الذي يُقصَد به الحديث عن أحد الغائبين، علماً أن ذلك في الغالب لا ينطلق من كره لذلك الغائب أو التقليل من شأنه، لكنها عادة لا أكثر بين الأصدقاء، فهي تأتي من “محبة ومعرفة”، كما قالت “سارة”، موظفة في أحد شركات الاتصالات الشهيرة، لتلفزيون الخبر.

و تابعت سارة “أجالس صديقاتي في العمل أكثر ما أجالس أهلي في المنزل، وبالتأكيد لابد لنا من أحاديث نملأ بها الوقت المستقطع بين ذروات العمل ليكون “الشلي” على الأصدقاء “مقربين” لنا ممن يداومون بفترات أخرى هو المحور والمُسلي”.

وترى سارة أن الشلي “تبادلي”، أي أن “كُثُر ممن هم أساس الأحاديث وممن يقعون تحت مرمى “الشلي” يبادلونهم تلك العادة ويعرفون أنهم يكونون مواضيع دسمة للقاءات أصدقائهم”، وعلى حد وصفها “الشلي بهارات قعداتنا حتى بأوقات الدوام و العمل منسرق كم سيرة”.

فيما ترى ليندا، طالبة جامعية، أن “الشلي واجب”، معتبرة أن “الطبيعة البشرية في الأساس تميل للفضول ولمعرفة كل شيء”، مضيفة مع ضحكة “يعني الشلي شي جيني، مو بإيد الواحد لازم يشلي”.

ويتخذ الشلي في جلساته من القهوة أو الشاي أو المتة رفيقاً، “أم يامن” امرأة أربعينية لا يمكن أن يمر يوم لها دون “ركوة القهوة الصباحية وسيرة” مع جارتها “أم شادي” لتتناولا في تلك “الصبحية” سيرة إحدى الجارات التي ذهبت في زيارة إلى بيت أهلها”.

وأضافت “أم يامن” لتلفزيون الخبر “نحن لا نقصد السوء ولا “النميمة” لكنها أحاديث عابرة نفرّغ بها عن أنفسنا ريثما يأتي موعد تحضير “الطبخة” وعودة الأولاد من مدارسهم”، مؤكدة أنه “حتى “جارتهن الطبيبة تشاركهن جلسات “الشلي” عندما لا يكون لديها مناوبة في المشفى”، فالشلي يتجاوز التصنيفات الاجتماعية والتعليمية وغيرها.

بينما ترى ماجدولين سيدة ثلاثينية ومعلمة رياضيات، في عادة الحديث عن أحد الغائبين من الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء “سوءاً يُرتكب في حق ذلك الغائب، يتنافى مع الأخلاق العامة التي تربينا عليها”، وتقول لتلفزيون الخبر إنها “تنسحب من أي جلسة شلي”.

وتابعت ماجدولين حديثها بعبارة حازمة “أنا تربيت”، موضحة أنه “بعد إنهاء خدماتها في أحد المدارس الخاصة التي كانت تعمل بها بدمشق، بسبب جلساتها مع زميلاتها في حصص الاستراحة وتبادلهن أطراف الأحاديث التي كانت وصديقاتها في أغلب تلك الجلسات يروين قصص أُخريات من زميلاتهن، ليصل الأمر بعدها إلى المدير وينهي خدماتها من المدرسة مع صديقتين لها، علماً أنها كانت مسرورة في العمل هناك”.

تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن التهمة في ظاهرة “الشلي” تلصق دوماً بالسيدات والإناث إلا أن للشباب نصيباً لا بأس فيه من جلسات “الشلي” سواء في منازلهم أو في “القهوة” حتى وهم يلعبون “الورق”.

وبالعودة إلى معاجم اللغة يرد معنى “الشلي” بأنه “بقايا كل من شيء”، ليحتار فيه المطلع على ذلك المعنى اللغوي في من ابتدع مصطلح “الشلي” المعروف بين العموم، وإطلاقه كعادة مسلية يقوم الأصدقاء بها بدل “البزر” على حد وصف طارق، طالب جامعي، لتلفزيون الخبر.

ورغم التنوع في وجهات النظر حول عادة “الشلي” إلا أنها لا يمكن أن تغيب تماماً منذ القدم، بل على العكس أخذت تلك الظاهرة بالازدياد خلال سنوات الحرب الأخيرة لتكون بذلك المضحك المبكي ومتنفس لكثيرات وكثيرين ممن ضاقت بهم سبل التفريغ عن النفس ليتفقون على أنها “تعباية وقت” ليس أكثر بعيداً عن أي أذى أو كره.

روان السيد – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى