العناوين الرئيسيةثقافة وفن

الزهوريات أو عيد الربيع.. أسبابه وطقوسه

يعتبر شهر نيسان البداية الحقيقيّة لدورة الحياة الطبيعية على الأرض كونه في نيسان تبدأ الطبيعة بالتجدد والانبعاث، وليس في كانون الثاني.

والرابع من نيسان حسب التقويم الشرقي الموافق في السابع عشر من نيسان حسب التقويم الغربي يطلق عليه عيد الزهوريات أو عيد الرابع وتتعدد الأساطير القديمة عن هذا اليوم و أسبابه و طقوسه.

واتفقت الأساطير القديمة حول هذا العيد وتقول عن هذا اليوم: هو يوم الربيع حيث تتمكن عشتار آلهة الأنوثة من تخليص تموز إله الذكورة من العالم السفلي، ليعود إلى الحياة ويخصب عشتار ويجلب إلى الأرض الربيع والخضرة.

وكان الاعتقاد السائد أن عيد الرابع في الساحل السوري هو يوم المنقلب الربيعي، وتم تبنيه من الأقوام والحضارات التي سكنت إيران الحالية ومن ثم الأتراك وشعوب آسيا الوسطى.

وتقول البدايات القديمة في بابل إن انبعاث الحياة المتمثلة ببداية الربيع هو جوهر الحياة الطقسية البابلي وسابقاً سُمّيَ هذا العيد بالسومرية ” خجيتي زيغوركو” (الحجة الصغرى) أي (العيد الصغير) ..

أما بالأكادية (البابلية الآشورية) فكان يسمّى (ريش- شاتين) أي رأس السنة وبالآرامية ريش شنثا وبالعبرية روش هاشونا ورأس السنة بالعربية.

وفي المدن السورية والعراقية اعتبرت ملحمة “إينوما إيليش” التلاوة الطقسية المُجَسِّدة لخلود سيّد الآلهة آيل أو شمش أو مردوخ أو حدد، وخلق الحياة.

وكانت تُتلى في معبد الإله إيساغيلا البيت الشامخ في اليوم الرابع من آكيتو التي كانت تدوم طوال اثني عشر يوماً بعد ليلة الاعتدال الربيعي واستواء الليل بالنهار.

وتقول أسطورة أخرى إنّ الإله أدونيس كان يحاول اصطياد خنزير برّي في الغابة، لكنّ الأخير تمكّن من عضّه، لتسيل دماؤه ويموت.

وتربط الأسطورة بين الحادثة وقصة غرام أدونيس وعشتروت، وتفجّع الأخيرة على حبيبها؛ ومن دمائه ودموع حبيبته نبتت زهور، وشقائق نعمان. وتحوّل الرابع من نيسان (وفق التقويم الشرقي) موعداً لإحياء تلك الذكرى، بما فيها من رمزيّة تجدد الطبيعة.

ومن أهم أسباب هذا العيد هو الترحيب والاحتفال بالطبيعة والابتهاج بقدومها وبخيراتها الموسمية، ويتلخص ذلك في رموز أسر الإله تموز الذي يتم الاستعاضة عنه بالإله مردوخ في أيام الأكيتو، وغيابه لنصف سنة في عالم الأموات الأسفل ، ومن ثم بعثه وقيامته.

وهذا يحدث كل سنة ويرمز للطبيعة وحلول الشتاء وموت الزرع والخضرة ومن ثم عودتهما في فصل الربيع والصيف .

وكذلك يعد هذا العيد احتفالاً بانتصار الإله مردوخ على الآلهة التنينية تيامات، وقيامه بخلق وتنظيم الكون، وهو رمز رائع لمقاومة أزلية القوى العدمية المتصدية لحركة الكون بُغية إعادتهِ إلى حالته السكونية الأولى .

ومن أسبابه أيضاً، إعادة تتويج الملك الأرضي، وتجديد صلاحيته وسلطته، حيث كان ملوك وحكام بلاد ما بين النهرين يعتبرون أنفسهم وكلاء أو مستأجري أرض الإله، ويتعين عليهم تجديد عقد الإيجار من الإله كل عام وتحديداً في عيد الأكيتو (رأس السنة).

ويحتفل سكان القرى خاصة في الريف الساحلي بما يسمى “عيد الرابع”، في السابع عشر من نيسان، ويدل الاسم على الترتيب العددي ولكن يكفي أن يُذكر بمفرده للدلالة على اليوم الرابع من نيسان بحسب التقويم الشرقي، الذي يوافق السابع عشر من نيسان في التقويم الميلادي.

وعن طقوس عيد الرابع، هو يوم فرح جماعي يلتقي فيه سكان قرى عديدة في الطبيعة، وكان الجميع ينتظره بلهفة وبشكل خاص فئة الشباب والصبايا.

وأهم ما يميز هذه الاحتفالات هو النشاط الجماعي خاصة الدبكة التي تتميز بها المناطق السورية، ولكل منطقة دبكتها، كذلك حلقات الزجل والغناء التراثي والكثير من المظاهر الاحتفالية الفولكلورية.

كان الطبل والزمر يدور في القرى معلناً بدء احتفال الرابع، وكان أهالي القرية والقرى المجاورة يجتمعون في ساحة القرية نهاراً لإقامة الدبكة على صوت الطبول والمزامير.

مع جلاء الاستعمار الفرنسي عن سورية بتاريخ 17 نيسان أخذ هذا العيد زخماً أكبر في سوريا كونه يعني ولادة جديدة لسورية ولزوال الظلم عنها.

الجدير بالذكر أن الاحتفال بعيد الرابع الزهوريات كغيره من المناسبات الاجتماعية يجري بتعاون الأهالي فيما بينهم، وحافظت بعض قرى الساحل السوري على عادة الاحتفال باسم “عيد الرّابع”، أو “عيد الزهوريّات.

زياد علي سعيد _ تلفزيون الخبر _ اللاذقية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى