فلاش

“الذهب” الذي ذهب من قائمة هدايا عيد الأم لدى السوريين

اعتاد كثير من السوريين قبل اندلاع الحرب تقديم الذهب هدية في عيد الأم، سواء لأمهاتهم أو لزوجاتهم، حيث كان سعره مقبولاً بالنسبة لشريحة واسعة، ويعتبر هدية مرغوبة لدى النساء وذات قيمة في نفس الوقت.

وبعد ثماني سنوات من الحرب، لم يبق للذهب ذكر في قائمة الهدايا في أي مناسبة، فالأوضاع المعيشية الصعبة لمعظم السوريين، يضاف إليها إرتفاع أسعار الذهب جعل من كان يملك ذهباً يبيعه.

وبيع الذهب كان إما لترميم منزل (بالنسبة للعائدين إلى مناطقهم)، أوللسفر، أو حتى لمجرد تأمين حاجات أساسية.

وفي جولة على سوق الصاغة في منطقة الحريقة في مدينة دمشق، تعكس الحركة الخجولة أمام محلات الذهب واقع الحال، فالذين يريدون البيع أكثر بما لايقارن بمن يريد الشراء، على حد تعبير كثير من الصاغة في السوق، وفي سوق الصاغة الأثري.

وأشار أحد الصاغة لتلفزيون الخبر، إلى أنه “قبل الأزمة كانت الناس تشتري الذهب أو تبدل قطعاً لديها مللاً، دون أن تهتم بفارق السعر، ونسطيع القول أن الحركة في سوق الذهب،بشكل عام، لم تكن أسوء مما هي عليه الآن طيلة السنوات الثمانية الماضية”.

وأضاف البائع، الذي لم يرغب بذكراسمه، “التدهور في حركة بيع الذهب بدأت منذ أواخر العام الماضي، وازداد مع بداية العام، ونحن نقدر حال المواطنين، فتأمين لقمة العيش أولوية، ولم يعد بالإمكان الإعتماد على إدخار الذهب كما كان التوجه مع بداية الحرب”.

وأردف البائع “اليوم التوجه بات مختلفاً، فمن كان لديه ذهب باعه، وحتى المقبلين على الزواج، يطلبون عند شرائهم قطعاً لا تخسر أو تكون خسارتها أقل ما يمكن، في ظل عدم استقرار سعر الذهب وسعر الدولار”.

وحمّل صائغ آخر “ارتفاع الضريبة على غرام الذهب وعلى محلات الذهب عموماً، مسؤولية كبيرة في تراجع الإقبال على شراءه، موضحا أن “اليوم هناك 500ليرة ضريبة على كل غرام ذهب، وهذا بالنهاية يضاف إلى ثمن أي قطعة تباع، أي أن المواطن هو من يتحمله”.

وأَضاف الصائغ السبعيني “أعمل في هذه المهنة من أكثر من أربعين عاماً، وللذهب السوري ميزة خاصة، فجماليته فائقة بالنسبة لكل أنواع الذهب في العالم، والرقابة عليه هي فقط من أبناء المصلحة”.

وتابع “هذه الرقابة من أبناء المهنة، جعلتهم حريصين على استمرار تفوقه، لكن الحرب أثرت في المهنة مثل أي مهنة أخرى،

ودفعت الكثير من أصحابها إلى السفر،فنقصت العمالة، ويمكنك ملاحظة عدد المحال المغلقة في الشارع”.

ونوه الصائغ إلى أن “السنة الماضية شهدت فترة عيد الأم حركة أكبر بكثير، ربما العقوبات علينا زادت التخوف من اقتناء الذهب، وعن نفسي، إذا بقيت الضرائب عالية والحركة سيئة بهذا الشكل، سأضطر للإغلاق بدوري”.

ليس بعيداً عن الشارع “الذهبي”، بحركته الخجولة، يمتد شارع يعج بمحلات الأطعمة الشعبية، فتنتقل من شبه الهدوء إلى الزحام الشديد، في مشهد يعكس واقع الحال السوري اليوم، الذهب من الكماليات، وما يجنيه معظم الناس قد لا يكفي أكثر من تأمين طعام اليوم.

كثير من الأمهات السوريات لا ينتظرن هدايا في هذا العام، فمن التي أفقدتها الحرب ابناً، أو التي سافر أولادها وتنتظر عودتهم إلى حضنها هدية، وأخريات لا يربطن العيد بأي هدية، فالأم تعطي ولا تنتظر مقابلاً

رنا سليمان – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى