محليات

محاصيل الساحل السوري .. شهيد الحرب الذي يموت كل يوم

تعد الزراعة في الساحل السوري عصب الاقتصاد الأساسي لأبناء الساحل، وفيه عدة أنواع للزراعات الاستراتيجية كالحمضيات والزيتون بالإضافة للتفاح والخضراوات بأنواعها.

ويعد الزيتون والحمضيات من أكثر المحاصيل انتشارا في منطقة الساحل بالإضافة للبندورة كمحصول شتوي تتم زراعته أيضا داخل البيوت البلاستيكية.

وتغلب الحمضيات على معظم الأراضي الزراعية الساحلية، حيث تحتل منطقة اللاذقية المركز الأول من حيث المساحة المزروعة في المحافظة لتليها منطقة جبلة فالقرداحة لتتبعهما منطقة الحفة.

وعانى مزارعو الحمضيات في الساحل خلال سنوات الحرب, فالأزمة أثرت على القطاع الزراعي كغيره من القطاعات الاقتصادية في البلاد من مشكلات مركبة تتعلق بالاسعار والنقل، إلى جانب مشكلة هجر الشباب للعمل بالزراعة والتي عانت منها قرى الريف في مختلف المناطق السورية في السنوات السابقة لسنوات الحرب وتفاقمت مؤخرا.

ويضاف إلى الحمضيات والزيتون زراعة البندورة حيث يساعد المناخ المعتدل في المنطقة الساحلية على الزراعة داخل البيوت البلاستيكية والتحكم بظروف الإنتاج ,خلافا لمناطق أخرى من سوريا تنتشر فيها زراعة البندورة في المناطق المفتوحة

وتشكل زراعة البندورة داخل البيوت البلاستيكية في طرطوس واللاذقية القسم الأكبر من الإنتاج السوري خلال أشهر الشتاء حيث ينتجان ما يقارب 98.6 في المائة من البندورة المغطاة.

ويعاني مزارعو البندورة في الساحل من ارتفاع أسعار مادة المازوت المستخدمة في تدفئة البيوت البلاستيكية عدا عن انقطاعها في معظم الأحيان ,دافعا بهم لاستخدام وسائل آخرى كالتمز “مخلفات معاصر الزيتون”.

ويتشابه محصول البندورة مع الحمضيات في مشكلة انخفاض سعر البيع مع سعر التكلفة للكيلو الواحد لعوامل اهمها التدفئة وتكلفة النقل وانعدام سوق التصريف بما يتعلق والتصدير.

ويأتي فصل الشتاء ليجسد أسوأ المخاوف لدى المزارعين خصوصا من موجات الصقيع, وعند سؤال أحد المزارعين في ريف اللاذقية عن أهمية الأمطار للمحاصيل في الساحل السوري خصوصا بداية الشتاء قال إن هذا الأمطار تشكل أهمية كبيرة سواء للمحصول أو الأرض خصوصا ان زراعات الساحل بعلية.

ويضيف أن “الأمطار لا تشكل أية خطورة على المحصول الزراعي في الساحل إلا في بدايات فصل الربيع حيث تزداد المخاوف من المزارعين من تشكل الصقيع” شارحا أن “الصقيع يؤدي إلى تلف زهور الأشجار المتفتحة ربيعا”.

وتمد الزراعة في الساحل سوريا بكل ما تتطلبه من محاصيل ذات قيمة اقتصادية و حاجة يومية تنتظر منذ سنوات دعم الحكومة لتلك المحاصيل وتسويقها لتكون دعامة قوية لاقتصاد داخلي عبر تحقيق اكتفاء السوق, وخارجي كمواد أساسية في الصادرات السورية.

وتعد مشكلة تسويق الإنتاج الشغل الأكبر للمزارعين خصوصا في ظل انخفاض سعر بيع المحصول مقارنة بكلفة انتاجه, يضاف إليها مشاكل أخرى تنتج عن عوامل الطبيعة من انخفاض درجات الحرارة أو الصقيع والأمطار الغزيرة التي قد تودي بمحصول كامل في أوقات السيول.

وقال أحد المزارعين لتلفزيون الخبر ” المزارعون لا يستطيعون تسويق محاصيلهم ، ولابد من عمل جاد من قبل الحكومة لا أن تترك المزارعين لقمة سائغة أمام التجار الذين يتحكمون بالسعر وفق ما يدفعون وبالتالي نبقى نحن المزارعين الحلقة الأضعف في العملية كلها”.

وأشار مزارع آخر “هناك مزارعون كثر عزفوا عن الاهتمام ببساتينهم منذ العام الماضي نتيجة الخسائر التي أصابتهم لموسمين سابقين ،وذلك لأن الحكومة أدارت ظهرها لهم ، وعدتهم بالتصدير ، إلا أن كميات قليلة جدا تم تسويقها ، استبشرنا خيرا بقرية الصادرات ، إلا أن عملها تجاه الحمضيات بقي محدودا “.

ويلي الزيتون الحمضيات من حيث الانتشار والأهمية بين محاصيل الساحل السوري , وتتركز زراعته في محافظة طرطوس ومنطقة بانياس وبشكل اقل في عدة مناطق من محافظة اللاذقية.

وتنتشر زراعة الزيتون في سوريا بشكل عام وفي الساحل خصوصا كونها زراعة بعلية وتقاوم الجفاف لكن محصول الزيتون تأثر كغيره أيضا بتبعات الأزمة الاقتصادية ليتراجع الإنتاج ليغطي بالكاد الاستهلاك المحلي ولترتفع أسعار زيت الزيتون في الأسواق إلى درجة غير مسبوقة

ويرجع ارتفاع أسعار زيت الزيتون إلى احتكار التجار إضافة إلى خروج عدة مناطق لزراعة الزيتون عن سيطرة الدولة, في الوقت الذي يرجع الناس قلة الإنتاج إلى قلة الأمطار في السنوات الأخيرة، فيما يتسأل البعض عن تأثيرات الحرائق وقيام البعض بقطع أشجار الزيتون لاستخدامها في التدفئة على الإنتاج.

وفيما تاثرت مساحات واسعة من أراض الزيتون بحرائق عدة في الاعوام الماضية وبخاصة الحرائق الاخيرة في الاسابيع المنصرمة وقالت أم محمد وهي سيدة خمسينية من قرى ريف القرداحة: “ورثنا معظم هذه الأشجار عن آبائنا وزرع معظم هذا الشجر أجداد وجدات في سنوات قديمة مضت، ويبدو أننا لن نورث أبناءنا إلا حجارة واراض بور”

فيما قال احد المزارعين وهو رجل سبعيني من إحدى قرى القطيلبية في ريف جبلة باللاذقية”أن الزيتون لا يحتاج لعمل كثير لكنه يحتاج لشباب تعمل، وشباب القرية بمعظمهم في الجيش أو التشكيلات العسكرية المختلفة”.

 

حمزة العاتكي – اللاذقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى