العناوين الرئيسيةحلوة يا بلدي

الحلّاق.. من الحجامة إلى “البانكي”

في زمن “السبايكي” مرّ الوقت على إحدى أقدم المهن تاريخياً التي انحدرت ضمن مجال ضيّق جداً في عملها حتى أنّ كلمة “الحلّاق” تقريباً تمّ استبدالها بمصطلح المزيّن.

أحد أقدم الحلّاقين في المنطقة الوسطى، نديم العاقل والذي ناهز عمره الـ73 عاماً تحدث عن هذه المهنة التراثية لتلفزيون الخبر: قائلا “كان المرحوم والدي سليمان العاقل يعمل بهذه المهنة منذ الربع الثاني من القرن الماضي و قد ورث هذه المهنة عن جدّي أيضاً”.

و تابع العاقل: كان والدي يطوف على القرى في الريف الشرقي لحمص حاملاً حقيبة مصنوعة من مادة “التنك” توضع فيها الأمشاط و الأمواس و قطع الشبّة و “القايش” ( حزام جلدي يتم به شحذ و سنُّ الأمواس) بالإضافة لزيوت الشعر المصنّعة يدوياً”.

و أضاف العاقل لتلفزيون الخبر: “كان والدي أحياناً يغيب عن المنزل أسبوعاً أو أكثر في جولته على القرى، وكان يأخذ على حلاقة كل رأس “مسحة قمح” أي ما يوازي مقدار “تنكة”، وبأول حلاقة شعر للطفل يتم إهداؤه دجاجة، بما يسمّى “حلوان” أول حلاقة”.

Image may contain: one or more people, people standing and indoor

و قال العاقل: الحلّاق قديماً لم تكن مهمته فقط حلق شعر الرأس، بل هو أشبه بالطبيب يقوم بقلع الأضراس التالفة للناس و يقوم أيضاً برفع “اللوزات” حين التهابها و كيِّ الجروح و العديد من المعالجات الطبّية التي تعلّمها و ورثها أبّاً عن جد.

و أكمل العاقل : كانت تتعدد مهام الحلّاق حتى أنه شاع مثل يقول “بيكون عميحلق بيصير يقلّع ضراس” كناية عن الشخص الذي يشتغل بعدّة مهام.

و تابع العاقل: كانت إحدى أهم أعمال الحلّاق الموسمية هي “الحجامة” و يمتلك آلة اسمها ( المحجم ) و هي أنبوب معدني رفيع الرأس مثقوب الفم يمتص الدم بعد وخز الجلد ، و هذا (المحجم) كان دارجاً قبل كاسات الحجامة الهوائية.

و أردف العاقل: قديماً كان الحلّاق هو من يعمل بختان الأولاد و كان كحّالاً و جرّاح بالإضافة لقص الشعر.

و قال أحمد سلوم و هو من جيل الأربعينيات لتلفزيون الخبر: “قديماً كان الحلّاق لقبه حكواتي القرية لأنه نتيجة طوافه على القرى والنواحي كان يسمع قصص وحكايات وطرائف وأمثال وأخبار، حتى أنّه كان “شبه إعلامي” يتلو على أهل قريته جميع الأخبار التي سمعها في القرى المجاورة”.

و تابع سلوم: “كان الحلّاق يخرج في الأعياد للقيام بعمله منذ الصباح حتى آخر الليل على ضوء اللوكس أو مصباح الكاز قبل الكهرباء، و كان يأخذ في الأعياد أُعطية تسمّى “الخميسية” خاصة في أعياد خميس الحلاوة و خميس المشايخ في حمص”.

و ختم سلوم: حالياً اندثر المعنى الحقيقي لمهمّة الحلّاق من الحجامة و الكيّ إلى ما يسمى تنقية البَشَرة و “البانكي”.

يُذكر أن شيخ الرواية السورية صاحب السرد الواقعي و “المصابيح الزرق” الأديب “حنا مينا” كان حلّاقاً الذي نعته الأوساط الأدبية يوم رحيله بالقول: ( حنّا مينا .. الحلّاق الذي حلّقَ).

حسن الحايك-تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى