اقتصاد

الحرب في سوريا وتأثيرها على الأمن الغذائي السوري

طالت الحرب في سوريا كافة جوانب حياة الإنسان السوري، وكان لها كبير الأثر على أهم ما يساعد الإنسان على متابعة مسيرة حياته على نحوٍ سليم، ألا وهو الأمن الغذائي الذي يعد أولوية هامة لكل إنسان على وجه الأرض،وحدوث أي خلل به سيؤدي حتماً الى أخطار كبيرة تطال البشرية.

وأثرت الحرب التي تشهدها سوريا على الأمن الغذائي للمواطن السوري، حيث تضاءل إنتاج كافة المصادر التي يعتمد عليها السوري لتأمين غذائه وأساسيات استكمال حياته، كما أثرت الحرب على الثروة الحيوانية السورية بشكل كبير، وانعكس هذا التأثير بشكل ملحوظ على أعداد الثروة الحيوانية.

وأشارت التقديرات، بحسب دراسة للأمن الغذائي أعدها مركز “مداد” للدراسات والأبحاث، الى أن “الانخفاض في أعداد الثروة الحيوانية يقدر ب 30% من أعداد الأبقار والأغنام والماعز، فيما وصلت نسبة الدواجن في سوريا بعد الحرب الى 40% نظراً لعمليات التهريب الى الدول المجاورة او قتلها وذبحها بشكل عشوائي بسبب ارتفاع اسعار الاعلاف”.

وبحسب الدراسة، “أدى ذلك لارتفاع أسعاراللحوم، مما ينبئ بتفاقم وتدهور واستمرار أزمة الثروة الحيوانية إذا لم تُتَخذ الإجراءات اللازمة لتنميتها”، كما أدت الأزمة إلى “تغييرات كبيرة في الإنتاج الحيواني، فقد شهد إنتاج معظم المكونات تراجعاً كبيراً وصل إلى حدود خطيرة في بعض السنوات”.

وأوضحت الدراسة “تراجعا في إنتاج لحم الدجاج والبيض بوسطي سنوي يقارب (3،10%_2،8%) وذلك نظراً لارتفاع تكاليف انتاجه وخروج قسم من منشآت الإنتاج خارج الخدمة، لوقوعها في مناطق غير آمنة عامة وخاصة في محافظات درعا وحمص وريف دمشق وحلب التي تحتوي على 92% من إجمالي منشآت الدواجن في سوريا”.

وبينت الدراسة أن “إنتاج الأسماك شهد تراجعاً كبيراً طوال سنوات الحرب، ويعود سبب التراجع الى ارتفاع مستلزمات الإنتاج وخروج قسم كبير من المزارع السمكية عن الإنتاج عامة، خاصة في منطقة الغاب في حماة والتي كانت تنتج 20% من إجمالي إنتاج الأسماك في سوريا”.

وأكد مركز “مداد” للأبحاث والدراسات أن “كثيرا من العوامل أسهمت في تراجع كثير من مناحي الأمن الغذائي وكان أهمها صعوبة الوصول المادي، حيث شهدت الطرق البرية ضرراً كبيراً، نجم عن ضعف عمليات الصيانة الدورية للطرق”.

أما بالنسبة للقمح الذي يشكل أهم نقطة وأساس الأمن الغذائي لدى المواطن السوري والمادة الاساسية في النظام الغذائي الوطني لجميع فئات السكان، أشارت الدراسة “لتضرر الحالة الانتاجية والتخزينية لهذا المحصول الاستراتيجي طوال سنوات الحرب، وسبب الدمار الكبير الذي ألحقته المجموعات المتشددة بالعديد من المطاحن الحيوية والبنية التحتية لتخزين القمح ومناطق زراعته ومستلزماتها”.

وأصبح بذلك الحصول على الغذاء بكل مكوناته وبكميات كافية لجميع افراد الاسرة مشكلة حياتية يومية تزداد مع استمرار الحرب وارتفاع مستويات التضخم والاسعار.

واقترح مركز “مداد” في دراسته التي أجراها “إيجاد سياسات بديلة لاستعادة الأمن الغذائي، تمثلت بإعادة ترتيب الأوليات على صعيد الإنتاج الزراعي وتعديل الخارطة الزراعية للتركيز على إنتاج السلع الغذائية”.

وجاء ضمن مقترحات مركز “مداد” فيما يخص الثروة الحيوانية، “ضرورة إيلائها الاهتمام بها بشكل اكبر وخاصة في ظل النقص المستمر في اعدادها، من خلال تحسين الامداد بمستلزمات تربيتها، وتنظيم التجارة بها وخاصة الخارجية”.

ولفت المركز في بحثه إلى أن “الجهود الوطنية في مجال الأمن الغذائي تتسم بالتشتت”، مؤكدا أنه “لا يوجد جهة معنية بتنسيق مكونات الامن الغذائي السوري من منظور كلي تكاملي”.

يذكر أن سوريا طوال السنوات التي سبقت الحرب كانت حققت قفزات انتاجية كبيرة على صعيد القطاع الزراعي بشقه الحيواني، وعلى صعيد انتاج محصول القمح الاكثر اهمية، ويعد الأمن الغذائي المحور الاول من محاور أمن الانسان بمفهومه الشامل لنواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية، فهو يعني بكيفية تأمين الحاجات الأساسية اللازمة لبقاء الانسان، وهو قضية تتداخل أبعادها في معظم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى