فلاش

الباصات الخضر تلون التراجيديا السورية بـ “ الفوشيا “ وتدخل التاريخ

عرض الطبيب الشهير في مدينة اللاذقية إحسان يونس عبر صفحته الرسمية على فيسبوك جائزه بقيمة ٢ مليون ليره سورية لمن يقدم أغنية مطلعها “ ع الباصات يا ع**ات “ ، في إشارة للمسلحين المهزومين في مدينة حلب. وكتعبير عن فرحة انتصار سوريا في حلب .

و تخيل الكثير من السوريين أن تدخل أشياء حياتية كعناصر مشكلة لحكاية الحرب في سوريا، ورسم كثيرون منذ اليوم الأول للحرب، شكل الحكاية اليوم التي ستصبح تاريخاً ، لكن أغرب المتخيلين لم يخطر بباله أن الباصات الخضر ستكون لاعباً أساسياً في الحرب السورية

دخلت باصات النقل الداخلي المستوردة إلى المحافظات السورية وإلى دمشق تحديدا في عام 2008 لتحسين الوضع السيء آنذاك على قطاع النقل العام داخل المدن الكبرى، واختار مسؤولو وزارة النقل اللون الأخضر في إشارة للون غوطة دمشق وبيوت الدمشقيين التي اشتهرت بأشجار الياسمين حيث كانت الفكرة “إذا كانت باصات لندن مميزة بلونها الأحمر فلما لا تكون باصات دمشق خضراء؟”.

وجرى في العام 2007 توقيع عقد مع شركة صينية لتوريد 600 باص كبير ومتوسط، وصلت فعلاً إلى سورية في العام 2008، ثم وصلت في العام 2011 دفعة إضافية قدرها 150 باصاً، ليصبح بذلك إجمالي عدد الباصات التي جرى استيرادها من الصين بموجب العقد الموقع في العام 2007 نحو 750 باصاً، منها 375 باص كبير ومثلها متوسط.

وكان لدمشق النصيب الأكبر من الباصات الخضراء من بين ثلاث محافظات شاركتها بهذا العقد، وهي اللاذقية، حلب، وحمص وخصصت كل منها بخمسين باص، والباقي كان من نصيب العاصمة.

ودخلت الباصات “معمعة” الحرب السورية من باب “ التخريب “ فتعرضت للاعتداء والتخريب والإحراق من قبل المتظاهرين ، واستخدمت لقطع الطرقات ، قطع طريق مطار حلب أول مرة في الشهر السابع من عام ٢٠١٢ وتم من إحراق عدة باصات وقطع الطريق بها .

وفجأة ، وجدت الباصات الخضر نفسها “الناقل الرسمي” لمشاريع المصالحات والتسويات، بحسب ما يصفها السوريون، عبر نقل الاف المسلحين وعائلاتهم من مكان إلى آخر، ونقل آخرين يرغبون بتسوية أوضاعهم لدى الدولة السورية.

وشهد السوريون أول استخدام للباصات الخضر في التسويات بين الدولة السورية والفصائل المسلحة، في اتفاقٍ تم إبرامه عام 2014 برعاية مسؤولي الأمم المتحدة، حيث أجلت الباصات الخضراء آخر مقاتلي تلك الفصائل من حي حمص القديمة ليبسط الجيش العربي السوري سيطرته على المنطقة.

وتوالت المصالحات في المناطق السورية بعد مصالحة حمص القديمة التي عدت أكبر المصالحات في سوريا ، ليليها اتفاق حي الوعر في حمص أيضا في كانون الأول 2015 لتعود الباصات الخضر للظهور وتنقل المسلحين مع عائلاتهم إلى ريف حماه بحسب الاتفاق آنذاك

وتلتها مصالحات داريا المعضمية والتل في دمشق وريفها عام 2016 وكان أيضاً للباصات الخضر الدور الأساس مجددا في نقل المسلحين إلى إدلب.

واخر ظهور للباصات الخضر كان خلال الأيام الماضية ، ولا يزال ، من خلال نقل مسلحي الأحياء الشرقية من مدينة حلب إلى ريف حلب ومن ثم إدلب ، المقصد النهائي لجميع خطوط الباصات الخضر .

وتحولت ظاهرة استخدام الباصات الخضر في المصالحات والتسويات إلى مادة يتندر السوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي حولها من تسميتها بـ”الناقل الوطني” أو “الراعي الرسمي للمصالحات والتسويات في سوريا” فيما يقول البعض “الأخضر يغطي سوريا” وهو شعار استخدمته إحدى شبكات الاتصالات السورية في حملاتها الاعلانية الأولى.

وتساءل ناشطون عن أمور كثيرة ، تندروا حولها ، حول من يقود “ الباص الأخضر “ ، هل هو سائق عادي ، أم عنصر أمني ، أم مسلح ، الخ .. وعن الحطوط التي تعمل عليها الباصات أساساً ، وأين يذهب المواطنون الذين يتنقلون فيها في مثل هذا الوقت .

وأصبح أمرا لا شك فيه أن الباصات الخضر ، ستبقى محفورة بذاكرة السوريين، لا للونها الأخضر الذي جاء ليحاكي “أحمر لندن”، وإنما لما عنته من رمز بشكل أو باخر لانتصار الدولة السورية، ولو بـ “الفوشيا”.

حمزة العاتكي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى