العناوين الرئيسيةمحليات

اطفائيو جبلة.. أبطال الظل المنسيّون

على خطوط اشتعال النيران, يسلمون أنفسهم طواعية للمكتوب يجابهون الموت وجهاً لوجه ليكتبوا الحياة للآخرين المتضرعين لطوق نجاة يحملهم إلى بر الأمان حيث لا نيران ولا دخان ولا موت متربص على ألسنة اللهب.

أبطال الظل.. جنود مجهولون.. مغمورون.. مظلومون, صفات عدة تشير إلى عناصر الإطفاء الذين ارتبطت أرواح الكثيرين بشجاعتهم وحسن قدرتهم على القيام بأعمالهم فهم الأقدر على فهم المرتفعات والمنخفضات والتضاريس والأبنية والطرقات, ومهما اختلفت تضاريس ومعالم المهمة تراهم يندفعون إلى ساحات الحريق كالمحاربين فلا يخرجون منها إلا مظفّرين.

قائد وحدة إطفاء جبلة العقيد محسن كناني قال لتلفزيون الخبر: “بذل عناصر وحدة إطفاء جبلة جهودا جبارة في إخماد الحرائق التي اندلعت بالجملة مؤخراً وذلك بدون الاستعانة بالإطفائيات التي جاءت من المحافظات الجنوبية”.

وأضاف كناني: “إطفاء جبلة مظلوم جداً من ناحية العمال والآليات والتعويضات الفقيرة التي يحصل عليها عناصر الإطفاء والتي لا تتناسب طرداً مع الجهود الجبارة التي يبذلوها في أداء عملهم”.

وأضاف كناني: “تعمل وحدة إطفاء جبلة بـ 9 اطفائيين و9 سائقين فقط موزعين على أربع آليات إطفاء, وفيما تزداد المهام والمخاطر تتكاثر الأعباء وتتعدد المطالب”.

وأكد كناني انه “لا يوجد في الوحدة سوى أربع سيارات إطفاء وأخرى مزودة بذراع سلم مخصصة لعمليات الإنقاذ, كما يبلغ عدد العمال في الوحدة 38 عاملاً فقط موزعين بين اطفائيين وسائقين وعمال مقسم وحراس, ناهيك عن العمال الذين يخدمون احتياط في الجيش السوري”.

وأشار كناني إلى أنه “يجب أن يكون في الوحدة على الأقل 45 إطفائياً موزعين على زمر الحريق الثلاثة, لأنه من غير المنطقي أن يخرج في مهمة حريق عنصرين او ثلاثة نظراً للنقص الحاصل في الوحدة”.

وتابع كناني: “نظراً للنقص الحاصل في عدد العناصر فإننا نلجأ للاستعانة بعمال من بلدية جبلة, ففي الحرائق التي اشتعلت منتصف الشهر الحالي استعنا بـ 12 عاملا من البلدية ولولا وجودهم لكانت معاناتنا اكبر بكثير”.

معاناة ومطالب عناصر وحدة الإطفاء أوجزها كناني “بضرورة رفع التعويضات التي يتقاضاها الاطفائي, وخاصة كرت اللباس الذي يحصل عليه لمرة واحدة كل عام وتبلغ قيمته 20 ألف ليرة فقط, مطالباً برفع قيمته إلى 200 ألف ليرة حتى تتناسب مع احتياجات الاطفائي”.

وأضاف كناني: “في كل فوج إطفاء يوجد أجهزة لاسلكي تربط العنصر مع المقر لتسهيل عملية تبادل المعلومات, إلا انه لا يوجد في إطفاء جبلة أي جهاز لا سلكي.

وبين كناني أن “مساحة جبلة تبلغ 22 ألف كيلو متر مربع ومن الظلم جداً أن تبقى وحدة تعاني من ظلم نقص العمال والآليات”, مطالباً بأن “تتحوّل الوحدة إلى فوج إطفاء أسوة باللاذقية التي لا تزيد مساحتها كثيراً عن جبلة”.

وأردف كناني: “كما نحن بحاجة إلى بدلات اقتحام تقي رجل الإطفاء من النيران إذ لا يوجد في الوحدة سوى بدلة اقتحام واحدة”, مشيراً إلى أنه “عند اندلاع حريق كبير يدخل إلى مكان الحريق آمر الزمرة مع معاون له, فهل يعقل أن يرتدي احدهما البدلة فيما تأكل النيران الثاني”, متسائلاً: “ماذا سيحدث لو اندلع حريقين في وقت واحد؟. نحن بحاجة إلى أربع بدلات اقتحام”.

آمر زمر حريق في وحدة إطفاء جبلة الأخضر العربي عجمية قال لتلفزيون الخبر: “ساعات طويلة متواصلة اجتزنا فيها أيام الحريق الأخيرة التي سميناها الأيام السوداء, ساعات طويلة متعبة لم نفكر بسلامتنا بقدر ما كان همنا هو السيطرة على الحريق قدر الإمكان لكي لا يلتهم المزيد من الأراضي الزراعية والحراجية”.

وأضاف عجمية: “في الحرائق المفتوحة يكون الاطفائي وجها لوجه مع نطاق واسع من النيران لا يدرك شيئا سوى حقيقة أنه يجب عليه أن يخرج سالما لكن بشرط أن يخمد النيران فهو كالمحارب الذي لا يخرج من ساحة معركة إلا منتصرا ولو أنهك من تلقي الضربات”.

وأضاف عجمية: “اللافت في بعض الحرائق هو مساعدة الناس لنا في إطفاء النيران كما حصل في قريتي سيانو ووادي القلع”, “وتابع: “أكثر ما يسعدنا ويزيل عنا شعور التعب هو كلمة الشكر التي نتلقاها من الأهالي الذين يجدوننا نصل في كل حريق إلى الموقع قبل عمال الحراج”.

وعن المطالب والمعاناة, قال عجمية: “الحذاء الذي نرتديه في مهماتنا غير صالحة للقيام بمهمات الإطفاء”, مدللا أنه “في احد المرات ذهبت لإطفاء حريق في كشك وأثناء إطفاء النيران أصبت بصعق كهربائي في قدمي وذلك بسبب أن الجزمة التي كنت ارتديها غير عازلة وغير مخصصة للقيام بمهام الإطفاء من ناحية العزل”.

وعلى سيرة الجزمة, أضاف عجمية: ” اللافت, إننا نحصل على كرت لباس مرة واحدة في السنة وتبلغ قيمته 20 ألف ليرة فيما يبلغ سعر جزمة الاطفائي 45 ألف ليرة”.

وأردف عجمية: “عدا عن كوننا عمال مجهولين فإننا مظلومون أيضاً في الكثير من القضايا, وخاصة فيما يتعلق بطبيعة العمل البالغة 3% وطبيعة المخاطر البالغة 5%”.

شعور عجمية بالظلم هو ورفاقه العاملين في مجال الإطفاء مرده أن طبيعة العمل عند عمال النظافة 80%, ويضيف: “مع العلم أننا نستنشق غازات ودخان مواد بلاستيكية أكثر من عمال النظافة, إذ لا يوجد حريق لا نستنشق خلاله غازات ضارة وخاصة الحرائق الأخيرة”.

بدوره, اشتكى السائق فواز الجلاد في وحدة إطفاء جبلة لتلفزيون الخبر من “قلة عدد العمال في الوحدة ما يزيد الضغط على عناصر الإطفاء ويجعلهم يتنقلون من مهمة إلى أخرى بدون استراحة, وهذا ما حصل خلال الحرائق الأخيرة”.

وأضاف الجلاد: “بسبب قلة الاطفائيين, يوجد في كل زمرة حريق اثنين أو ثلاثة عناصر, واقع الحال الذي جعلني في إحدى المرات ادخل إلى منزل كان يحترق بدلا من الاطفائي الذي أصيب بالاختناق”.

وبلسانه ولسان جميع العمال في الوحدة, طالب الجلاد “بزيادة الرواتب وكرت اللباس ورفع التعويضات التي يتقاضاها عمال الإطفاء, بالإضافة إلى احتساب السنة بسنة ونصف لان العمل في الإطفاء من الأعمال المجهدة”.

وتساءل الجلاد: “إذا لم يكن عمل الاطفائي من الأعمال المجهدة فهذا يعني أنه لا يوجد أي عمل مجهد, ويضيف: “من يستحق ذلك أكثر من الاطفائي الذي يرمي نفسه طواعية إلى الموت لكي ينقذ أرواح الناس وممتلكاتهم؟”.

يذكر أن عناصر وحدة إطفاء جبلة أخمدوا 780 حريقاً منذ بداية العام الحالي وحتى تاريخه بمعدل وسطي 4 حرائق يومياً, فيما بلغ عدد الحرائق ما بين 13-15 تشرين الأول الجاري 42 حريقا زراعياً وحراجياً .

باسل يوسف – تلفزيون الخبر 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى