كاسة شاي

“اسقني واشرب على أطلاله”… أم كلثوم تُلهم امرأة في سن الأربعين لتتعلّم العزف في اللاذقية

في مدينة اللاذقية، وككل المدن الصغيرة.. يتناقل الناس الأخبار بسرعة، وتتداول النسوة في جلساتهن الصباحية أخر أخبار المدينة، ومن تلك الأخبار، حكاية السيدة ريم .

ريم عبد الله، سيدة تستعد لاستقبال عامها الثامن والثلاثين… بدأت بتعلّم العزف على آلة الكمان مع ابنتها إيفا.. والحلم أن تقدم الأم والفتاة حفلة موسيقية مشتركة على مسرح اللاذقية.

أم جمال وأم علي و أبو زياد صاحب السوبرماركت.. كلهم يتداولون الخبر، وبعضهم يرى أن ما تفعله ريم هو الجنون بعينه.. وماذا تريد امرأة بعمرها من الموسيقا، وهي معلّمة في المدرسة وأم لطفلتين، ولديها من ضغوط الحياة ما يكفيها.

ريم، وكلما سمعت أحاديث الجيران، كانت تبتسم ابتسامة هادئة، وتقول للمدربة الرقيقة في نادي حكايا الفن “هيا” “سأتابع العزف.. إن صوت أوتار الكمان تلامس روحي..”.

وتروي ريم لتلفزيون الخبر “بدأت الحكاية عندما أتيت إلى معهد نادي حكايا الفن في اللاذقية، لتعليم ابنتي إيفا ورينا العزف على إحدى الآلات الموسيقية”.

وأكملت “عندما التقيت بالآنسة هيا، وعزفت لنا في البداية قليلاً مقطع “اسقني واشرب على أطلاله” من أغنية “الأطلال” لأم كلثوم، قررت أن أتعلّم اللحن.. قررت التعلّم على الكمان”.

وأضافت “واجهت الكثير من الانتقادات من الوسط المحيط.. وبعد ستة أشهر من العزف.. حققت تقدماً واضحاً، والتزمت بالدروس الأسبوعية، وعندما تصعب عليّ بعض الأمور تساعدني ابنتي إيفا، وأنا اساعدها على الحفظ والتدريب”.

وتابعت “الفكرة ربما تكون غريبة أن تتعلم امرأة بعمري العزف على آلة صعبة كـ الكمان، ولكن الموضوع تجاوز فكرة تعبئة وقت الفراغ.. إنه الفؤاد .. فؤادي الذي أحب الموسيقا.. ومازلت أشرب من جمال هذه الآلة وملامستها لروحي.. إنها “أم كلثوم “كانت الملهمة.. والآنسة هيا أيضاً”.

وأكملت “إيفا وأنا نتعلم على آلة الكمان، ورينا على البيانو، وسنحوّل الحلم إلى حقيقة أنا وابنتي إيفا، وسنحيي أمسية موسيقية لربما تكون قريبة على مسرح اللاذقية”.

وتشرح ريم عبدالله تجربتها “بعد هذه التجربة أجد أن كل امرأة تستطيع أن تمارس هواياتها بعيداً عن القيل والقال والعادات والتقاليد المرسخة في مجتمعنا”.

الآنسة هيا شروف.. فتاة جميلة رقيقة.. تعزف على آلة الكمان مذ كانت في السادسة من عمرها، تقول لتلفزيون الخبر “أذكر مرة علمني أستاذ يدعى حلمي الجرّاح .. أحب البنات بشكل كبير”.

وتضيف “عندما سألته لماذا تحب البنات؟ كان جوابه “البنت هي لي بتبني المجتمع، وبتنقل كل شي بتتعلموا لأبنائها، وهذا ما لا يفعله الأب بالضرورة… يجب علينا يا هيا أن نعلّم كل الفتيات الموسيقا، لننشيء جيل موسيقي يستطيع أن يرى نفسه جميلاً كجمال هذا البلد”.

وعن تجربتها مع ريم تقول الآنسة هيا شروف ” تجربتي مع ريم مختلفة عن كل طالباتي، لأنها بدأت تتعلم عن عمر كبير، وهي أول حالة بدأت بالتعلم في سن قريب من الأربعين، وهنا يكمن التحدي، خاصة أن نظرة المجتمع للموسيقا ليست كما يجب، فكيف ستكون هذه النظرة نحو امرأة لديها عائلة وواجبات والتزامات”.

وتكمل الآنسة هيا حديثها بالقول “ريم عبدلله ربما تكون البداية، وأجمل مافي الموضوع أنها تتعلم مع ابنتيها، وسنستمر ونكمل الطريق”.

وتختم الحديث بالقول “هنا في نادي حكايا الفن وبوجود شخص محب كمدير المعهد يزن جبور، لابد أن ريم لن تكون الأخيرة.. ولربما كانت البداية لجميع النساء ليتجرأن ويعبرن عن أنفسهن بالموسيقى أو الرسم أو النحت.. ولكنها حتماً البداية لمشوار موسيقي طويل”.

سها كامل – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى