سوريين عن جد

اختارتها الحياة فكانت جديرة بها.. ابنة السويداء الطالبة المتفوقة “حنين الجباعي” تنتصر بطريقتها

من قلب الموت انتشلتها يد الحياة فكانت جديرة وبارّة بها، ورغم الألم الذي زرع أنيابه في روحها بفقدان أمها وأخواتها طوال عام كامل، كان رد ابنة ال17 ربيعاً ، أن تكمل وتنجح وتتفوق وتنتصر فيكون نصرها حلواً يطفئ مرارة الحرب.

أمام عينيها ومنذ ما يقارب العام، شهدت حنين ارتقاء والدتها وشقيقاتها، على يد إرهابيي “داعش”، الذين هجموا على قرية “الشبكي” بريف السويداء، فكان خيارها الأول أن تلحق بهن، لكن تدابير الحياة رسمت لها طريقاً آخر، ربما لتثبت من خلاله أنها الأقوى دائماً.

وروت حنين، حسب ما نقلت إحدى الصفحات المحلية في السويداء” أيقظتنا عند الرابعة فجراً أصوات وجلبة خلف منزلنا، يرتفع فيها صوت أحدهم ليخبر الباقين بقي هذا المنزل يا “أبو سليمان”، وأحدهم يطرق بسلاحه باب منزلنا الريفي القديم ويصيح “افتحوا نحن الجيش”.

وأكملت الطالبة المتفوقة ” لم تفتح أمي الباب وبقيت واقفة خلفه، لكن القفل عجز عن مواجهة الرصاص لتسقط أمي، ويشدنا الداعشيّ لنذهب معه، لم تمتلك أخواتي الصغيرات الجرأة للقفز إلى خزان الماء لكنني أفلت يدي بصعوبة منهم وقفزت”.

في هذا الوقت كانت حنين تسمع صراخ شقيقتيها بعد وفاة والدتها برصاص “داعش”، وبسبب استمرارهن بالمقاومة لم يجد الإرهابيون طريقة سوى إطلاق الرصاص عليهن، ليرتقين مع والدتهنّ، وتبقى حنين حبيسة الخزان، بعد أن ظن القتلة أنها لقيت حتفها غرقاً.

وأكملت حنين روايتها”بعد 4 ساعات خرجت بصعوبة من الخزان، لأرى أمي وشقيقاتي في منظر قتل فيني كل رغبة في الحياة، تناولت أدوية أمي التي لن تحتاجها بعد اليوم، وشربتها دفعة واحدة ونزلت في بطن كنبة قديمة”.

وتابعت ابنة ال17 عشر عاماً “فقدت الوعي بعد ذلك حتى استيقظت في المستشفى، يبدو أن أحدهم قد أنقذني”.

ليس لحنين أخوة ذكور، والدها متوفي، وطيلة سبع سنوات كانت وأهالي قريتها يلمحون إرهابيي التنظيم في التلال المحيطة بهم، ولم يكن لديهم السلاح الكافي لمواجهتهم.

وقالت حنين “إن فكرة الانتحار ليست جديدة، فقد تدربت عليها مراراً وتكراراً طيلة السنوات الماضية، فالتنظيم كان قريب منا وكنا نتوقع أن يهجم على قرانا في أي لحظة، وكانت والدتي تخبرنا أن ننتحر بأي طريقة ممكنة إذا أحسسنا بخطر الخطف”.

من أجل تحقيق حلم أمها، تجاوزت حنين كل ما مرت به، فاستطاعت أن تتفوق بمجموع 219 من 240 درجة في الفرع العلمي، وتنوي استكمال مجموعها في الدورة الثانية، لتتمكن من دخول كلية الطب البشري.

وكان إرهابيو تنظيم “داعش” شنوا هجوماً في 25 تموز عام 2018، على بعض قرى محافظة السويداء القريبة من البادية، واستشهد في الهجوم حوالي 250 شخصاً.

يذكر أن أربعة طلاب من محافظة السويداء، احتلوا المراتب الأولى على مستوى القطر في نتائج الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي، وهم : قيس جربوع، فهد ماهر جمول، سارة كرم الحلبي وراما ناصر علبة.

رنا سليمان – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى