تعليم

“ابني ذكي بس ما بيدرس” .. هل يكذب الطلاب على أهاليهم حول درجاتهم؟

ما بين الخوف من العقوبة والحفاظ على المظهر الاجتماعي أمام الآخرين، لاسيما الأقارب، يلجأ الكثير من الطلاب إلى الكذب على أهاليهم فيما يخص درجاتهم التي حصلوا عليها، ملقين اللوم على المعلمين الذين “يقصرون” في شرح الدروس أو المصححين الذين “لا شفقة لديهم ولا ضمير”، حسب قناعة البعض.

ويقع الكثير من الأهالي ضحية كذب أبناءهم مصدقين كلامهم، مما يضعهم في بعض الأحيان في مواقف محرجة في حال تم كشف كذب الابن، أصعب من موقف الرسوب أو العلامات المتدنية.

ومع صدور نتائج الشهادتين الإعدادية والثانوية ونسب الرسوب الكبيرة، يصبح الكذب لدى البعض مهرباً من العقوبة، مستغلين عدة عوامل منها عدم التمكن من التأكد من كلامهم، فالاعتراض على المادة يعني إعادة جمع الدرجات فقط، دون إعادة التصحيح، مما يعطي المجال أمام الطالب للاستمرار على التأكيد بأنه “كتب منيح وانظلم بالتصحيح”.

وتداولت صفحات فيسبوكية منذ عدة أيام قصة إحدى الطالبات الراسبات في الصف التاسع، والتي ادعت بأنها ظلمت في أربع مواد نالت فيها درجة الصفر، مما دفع بأهلها للتقدم باعتراض لدى مديرية التربية التابعة لها، وتدخل وزير التربية لملاحقة الموضوع، ليتبين بعدها بأن الطالبة لم تتقدم إلى امتحانات المواد المذكورة على الإطلاق، وكذبت على أهلها بهذا الشأن.

وبنتيجة هذه الكذبة التي لقيت بسببها تعاطفاً شعبياً واسعاً، كأي تظلم يطال السوريين، انقلب المتعاطفون إلى مستنكرين تصرفها غير المسوؤل ووضعا أهلها في هذا الموقف المحرج.

و كثرة طلبات الاعتراض والتظلم الذي بات الفيسبوك المنبر الأساسي لاستعراضها، تضعنا أمام سؤال عن نسبة هؤلاء الطلاب الذين يكذبون على أهاليهم بخصوص الدرجة التي يستحقونها فعلا.

وتتنوع أساليب الكذب التي يسلكها هؤلاء الطلاب، حيث يدعي البعض بأن المصحح ظلمه ويدعي آخر بأن المعلم لم يشرح تلك الفقرة أو لم يقم بتبيهه على سؤال ما، والهدف الأساسي هو التهرب من تحمل مسؤولية النتيجة السيىة التي حصل عليها.

أما أسباب الكذب فتكون عادة خوفا من العقوبة التي من الممكن أن تصل إلى الضرب لدى بعض الأهالي، أو بسبب المبالغ الكبيرة التي تكبدها الأهالي للدروس الخصوصية والمعاهد وغيرها خلال العام.

ويعرف جميع السوريين الكلمة الشهيرة “والله ابني ذكي بس ما بيدرس”، وهي حجة يضعها الأهالي، لتبرير تقصير الولد دراسياً، فكونه “ذكي” تشفع قليلا وتخفف الإحراج الناجم عن كذب الطالب على أهله واستعراضه قدراته غير الموجودة في آكثر الأحيان.

ولا يقتصر كذب الطلاب على طلاب المرحلة الإعدادية والثانوية، ويلجأ إليه أحيانا بعض طلاب الجامعات لأسباب مشابهة تقريباً، ويخبرون أهاليهم بأنهم نجحوا أو ترفعوا في وقت هم “ينعمون” في الرسوب، مستغلين أن معظم الأهالي في هذه المرحلة لا يعلمون الحقيقة سوى من الابن، ونادرا ما يراجع الجامعة للتأكد.

ويتساءل حمزة وهو أب لثلاث أبناء في المرحلة الإعدادية والثانوية ” عن مكان الخلل الذي يدفع الطالب إلى اللجوء للكذب ودفع الأهل إلى افتعال مشاكل مع مدرسيهم بحجة أنهم ظلموا، فهل هو في المنظومة التعليمية كلها؟ أم بالأهل أنفسهم وطريقة تربيتهم وأساليب العقاب؟”.

ولاشك أن لكل من هذه العوامل دوره، وتعتبر زينة وهي أم لطالب في الشهادة الثانوية أنه ” أحيانا يلجأ الطالب للكذب اقتداء بسلوك أهله الذين يدعون أمام الآخرين أن ابنهم نال علامات عالية، والحقيقة غير ذلك، فيقوم بدوره بالكذب على أهله”.

وتابعت زينة ” حالة أخرى يلجأ فيها الطلاب للكذب هي عندما يكون للطالب صاحب المستوى السيء أخ أو أخت متفوق أو أفضل منه دراسيا، فيكذب خوفا من اللوم وفقدان اهتمام والديه به أسوة بأخيه الناجح”.

وقالت الخبيرة الاجتماعية والتربوية مي أبو غزالة لتلفزيون الخبر ” يعمد الطلاب إلى التهرب من المسؤولية في النتائج السيئة التي يحصلون عليها بسبب غياب الثقة والحوار بينهم وبين الأهل بالدرجة الأولى”.

وتابعت أبو غزالة ” في حالة الفتاة التي كذبت على أهلها مع انسحابها من الامتحان، فهي حالة خاصة مرتبطة بظروف الطالبة نفسها، وغالبا أساسها الخوف بسبب اعتماد أسلوب التهديد والعنف من قبل الأهل”.

وأوضحت الباحثة “بناء الثقة بين الأهل والأولاد يبدأ منذ السنوات الأولى من عمر الطفل، ومن الصعب البدء ببنائها في مرحلة المراهقة وعند وصول الابن لهذه المرحلة الدراسية ، فهي تحتاج وقتا”.

يذكر أن وزارة التربية في سوريا فتحت باب تقديم الاعتراض على الدرجات من خلال إعادة جمع العلامات، واستفاد منها عدد من الطلاب، منهم إحدى الطالبات في محافظة الحسكة حيث حصلت بعد إعادة جمع درجاتها في مادة اللغة الفرنسية على العلامة الكاملة 3100 في شهادة التعليم الأساسي ونالت المرتبة الأولى على المحافظة.

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى