العناوين الرئيسيةثقافة وفن

نماذج عن “أدب الوباء”.. فيروس “كورونا” في رواية منذ عام 1981

أثارت وسائل التواصل الاجتماعي بعد جائحة كورونا ضجة حول رواية “عيون الظلام” للكاتب الأمريكي “دين كونتز” (صدرت 1981)، وفيها يتوقع الروائي ظهور فيروس شبيه بكورونا وتحديداً في مدينة ووهان الصينية باسم “ووهان 400″، التي شهدت أول انتشار للوباء الراهن.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏نص‏‏‏

 

في الطبعة الأولى من الرواية كان الفيروس يحمل اسم “غوركي 400″، وهي اسم مدينة روسية كانت في الأصل مختبراً للأسلحة البيولوجية، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 19

91، غير “دين” اسم الفيروس في الطبعات اللاحقة ليصبح “ووهان 400” نظراً للعلاقة المتوترة بين أمريكا والصين.

تبدأ الرواية بوليسيةً لتتحول بعد الفصل الثاني إلى التخييل العلمي، حيث تتلقى “تينا إيفانس” خبر مقتل ابنها “داني” في حادث سيارة من الشرطة، مع نصيحة بعدم البحث عن التفاصيل والكشف عن الجثة.

ولا تمضي سنة حتى تكتشف الأم جملة مكتوبة بالطبشور على اللوح الأسود الذي يملكه ابنها تقول “لعبة أم حقيقة؟” وتقرر خوض مغامرة البحث عن ابنها الذي قصد الصين في رحلة سياحية.

هنا تبدأ الأم مغامرة تكشف أسرار الفيروس الصيني واحتجاز ابنها ضمن مختبر عسكري هناك، وتتمحور الرواية عن فيروس ينطلق من مدينة ووهان الصينية ليتفشى بسرعة خارج هذه المدينة، ما يجعله خارج السيطرة.

والغريب أن المختبر الذي تحدثت عنه الرواية في 1981 يقع على بعد 22 كيلومتراً فقط من مركز تفشي فيروس كورونا بالصين.

لم تكن رواية “دين” هي الوحيدة التي تمحورت حول الأوبئة، فهناك رواية “الطاعون” لألبير كامو (1947) وتدور في مدينة وهران الجزائرية فترة الأربعينيات.

لا يتوفر وصف للصورة.

وإن كانت الوثائق لا تسجل شيئاً بخصوص هذا الطاعون بقدر ما تتحدث عن مرض معد انتقل من العاصمة الجزائرية، إلا أن وهران عاشت الطاعون تحت الاحتلال الإسباني في القرن 18.

في الرواية يكتشف الدكتور “برنار ريو”، أحد أبطال الرواية، أن حارس المبنى الذي يقطنه أصيب بمرض لم يلبث أن قضى عليه. ثم يفاجأ الدكتور بشخص يدعى “جوزف غران” يزوره في عيادته ليعلمه بأن أعداداً كبيرة من الجرذان تنفق في الشوارع.

“غران” يعمل في البلدية ويحاول أن ينجز كتاباً، لكنه متوقف عند الجملة الأولى، وهو أول شخص يشفى من الطاعون بعد إيجاد دواء له. على أثر هذه الظاهرة تقرر السلطات، بعد تردد، إغلاق المدينة وعزلها من أجل منع الوباء من التفشي. وعندما يسود الهلع يقرر الصحافي الفرنسي “ريمون رامبر”، مغادرة وهران إلى باريس.

وهناك أيضاً رائعة “غابرييل غارسيا ماركيز” “الحب في زمن الكوليرا” (1985)، ومحورها أن “الحب موجود في كل زمان وفي كل مكان، ولكنه يشتد كثافة كلما اقترب من الموت”.

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏

ورغم شهرة الرواية وارتباطها بالوباء، لكنه لم يكن حقيقيا بل مجرد إشاعة اختلقها الحبيب السبيعني، الذي قرر أن يمضي بقية حياته مع حبيبته بعد أن جمعهما القدر مرة أخرى على ظهر سفينة.

لم يجد “فلورينتيو” سبيلاً للبقاء مع حبيبته “فرمينا” سوى تلك الحيلة والإعلان عن انتشار وباء الكوليرا في السفينة لتخلو من ركابها، ويبقى هو مع حبيبته، رافعين العلم الأصفر للدلالة على استمرار الوباء في تلك السفينة.

ومن الأدب العربي الذي يتحدث عن الوباء هناك رواية “الحرافيش” لنجيب محفوظ (1977) وفيها حديث عن الوباء الذي قضى على حارات مصر وفتك بأهلها، وترك الأحياء خراباً، لدرجة أن “الوباء ابتلع كل شيء أمامه وكأنه كتلة ثملة حطت بالجميع دون تمهيدات” بحسب تعبير الرواية.

لا يتوفر وصف للصورة.

ولم ينج منه سوى بطله “عاشور” الذي ذهب بأهله إلى الخلاء، ثم عاد ليجد أمامه بيوت الأعيان بلا أصحاب فاختار أجملها واتخذه بيتاً وصار سيد المكان وكبير الناس بعد أن جاء سكان جدد لا يعرفون تاريخه.

ومن أدب الوباء أيضاً رواية “الطاعون في نيويورك” التي يتخيل كاتبها “غينيث كرافنوس” و”جون مار” أن الطاعون يحل على نيويورك، وحين تعود فتاة من إجازتها إلى شقتها الفخمة في “بارك إفينيو”، تكتشف أن عارضاً من السعال الحاد يصيبها فتنقل إلى المستشفى، وما أن يُكتشف مرضها/ الطاعون حتى يبدأ في التفشي في “مانهاتن”، لتبدأ مواجهات الزائر القاتل.

وفي ألمانيا ظهرت عام 1922 رواية “موت في البندقية” للروائي “توماس مان”، بطلها “أشينباخ” كاتب ألماني معروف يقوم برحلة بعد إصابته بالاضطراب، تنتهي به في البندقية.

لا يتوفر وصف للصورة.

 

وفي فندق “ليدو” يكتشف الكاتب الخمسيني الفتى “تادزيو” لتربطه معه علاقة افتتان وانجذاب كبير، وبينما يتفشى في المدينة مرض الكوليرا، يصاب “أشينباخ” بحال من الكآبة، ثم تعتريه الحرارة، ولا يلبث أن يموت جراء إصابته بالكوليرا.

أما في الأدب البرتغالي فهناك رواية “العمى” لخوسيه ساراماغو (1995) التي تدور حول مرض غامض ينتشر بسرعة بين البشر، اسمه “العمى الأبيض”، ويتتبع الكاتب الأحداث المروعة لمجموعة من المصابين بقيادة زوجة الطبيب المصاب الأول بالمرض، وهي الشخص الوحيد الذي احتفظ بقدرته على الإبصار.

وبمجرد ازدياد الأعداد داخل الحجر الصحي، تنهار الأخلاق والنظم الاجتماعية، ويضطر الحراس إلى تهديد المصابين بالقتل فوراً إذا حاولوا الفرار من محاجرهم، ومع ذلك يظل هناك بعض الأشخاص الذين يحاربون من أجل مصلحة الجميع.

والآن في ظل انتشار الكورونا الذي أصاب الكثير من دول العالم بالشلل الاقتصادي والاجتماعي وحتى الأخلاقي، من سيتصدى للكتابة عنه ضمن عمل روائي يُضاف إلى القائمة الطويلة التي تضمنها ما يسمى بـ”أدب الوباء”.

 

 

بديع صنيج- تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى