سقوط بناء حديث في حلب على رؤوس قاطنيه يعيد طرح السؤال.. إلى متى ستبقى أرواحنا رخيصة؟
شهد الشارع الحلبي مساء الأربعاء حادثة سقوط بناء سكني مؤلف من 5 طوابق في حي الفردوس ما أدى لإرتقاء 11 ضحية منهم نساء وأطفال والعمل مستمر للبحث عن ما تبقى من ضحايا.
وقال أحد ذوي الضحايا لتلفزيون الخبر “عمر البناء حوالي سنة وشهرين وقام ابن عمي بشراء منزلين قبل 6 أشهر على أساس أن البناء حديث وصالح للسكن”.
وأكمل “لم يكن هناك أي مؤشرات للسقوط وفجأة صدر صوت مع غبار ثم حدث الانهيار ما يعني عدم وجود أساسات أو أي متانة فأين كان المعنيين عند تشييد البناء وكيف تم تشييده دون التأكد من شروط السلامة”.
المعنيين في “اللالا لاند”
وحاول فريق تلفزيون الخبر التواصل مع رئيس مجلس مدينة حلب معد مدلجي للوقوف على حيثيات الحادثة وفهم المنهجية التي يتبعها المجلس في عمليات البناء والتأكد من شروط السلامة والأمان لكن لا حياة لمن تنادي فلم يجب “المدلجي” على أي من اتصالاتنا أو رسائلنا رغم معرفته بسبب التواصل والجهة المتصلة.
وأفاد أحد أعضاء المكتب التنفيذي لمحافظة حلب لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية أن “محافظ حلب حسين دياب شكل لجنة للبحث في أسباب انهيار البناء ومحاسبة المسؤولين عن ذلك”.
وأثار سقوط بناء حي الفردوس موجات تساؤل وغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث اعتبر رواد المواقع أن “500 ليرة زيادة” قادرة على تشييد أي مخالفة في المدينة دون الاهتمام بحياة المواطنين.
المال أهم من العيال..
واعتبر مسعود (اسم مستعار) في حديثه مع تلفزيون الخبر أن “ازدياد الحوادث المشابهة في حلب خلال السنوات الأخيرة وخصوصاً في الأبنية المشيدة ما بعد التحرير يوحي أن لا أهمية لحياة المواطن عند بعض المعنيين فالمهم (تعبئة الجيوب) أما السلامة وغيرها من مفردات تحافظ على المواطنيين فهي مُغيبة من قاموس بعض هؤلاء المعنيين”.
العرس الانتخابي والاستقالات
رأى سمير (اسم مستعار) في مستهل كلامه مع تلفزيون الخبر أن “اليوم نعيش مراسم انتخابات الإدارة المحلية وعليه يجب التخلص من كل الطبقة التي كانت على رأس عملها خلال العامين الأخيرين تحديداً وتقديمها للمحاسبة فهل يعقل كم حوادث سقوط الأبنية خلال أخر 24 شهراً فالحجة السابقة كانت تأثر العمران بالحرب لكن ماذا نقول مع الأبنية الحديثة بماذا تأثرت سوى بالإهمال والفساد”.
وتابع “يجب المطالبة باستقالة جميع من كان له يد في ما حصل سواء بشكل مباشر عبر الفساد أو غير مباشر عن طريق الإهمال أو عدم المتابعة ويجب أن يكون الجميع تحت حد السؤال والتحقيق من المحافظ حتى أقل مسؤول له صلة بهذه التفاصيل”.
حوادث مشابهة
لم يكن بناء حي الفردوس الأول الذي يهز سقوطه الشارع الحلبي فالأمر أصبح متكرر بشكل (مضحك مبكي) خلال السنوات الأخيرة وفي العودة إلى ما نشره الصحفي رضا الباشا عبر حسابه على “فيس بوك” نجد أنه منذ 2018 حتى اليوم سقط حوالي 24 بناءً في حلب راح ضحيتها 47 حالة وفاة و22 إصابة تحت حجج وأسباب مختلفة تصب في خانة عدم التأكد من جودة وسلامة العمران قبل السماح بتشييده.
أسئلة لابُد من طرحها..
في ظل الحزن المسيطر على أبناء الشارع الحلبي بعد سقوط بناء حي الفردوس توجب علينا طرح عدة أسئلة نضعها برسم المعنيين للإجابة عليها.
كيف يمكن لبناء حديث مُشيد قبل عام فقط أن يسقط فجأة ودون سابق إنذار ومعرفة من المعنيين في المحافظة ومجلس المدينة؟
كيف تم السماح بتشييد المبنى وثم السماح بالسكن فيه دون التأكد من معايير السلامة والأمان وغيرها من التفاصيل التي يُعين لأجلها موظفين وتكتب تقارير ويوقع مسؤولين حتى يحيا المواطن أمناً واثقاً تحت سقف منزله؟
إن كان معرفة القيمين على عمل المحافظة ومجلس المدينة في حلب خلال السنوات الأخيرة عملية صعبة ومعقدة فهل يصعب معرفة من كان على رأس عمله خلال أخر عامين وفي أسوء الاحتمالات من كان متصل تقريره أو توقيعه أو إشرافه على سقوط بناء حي الفردوس ؟
صدرت تصريحات عن محافظة حلب بتشكيل لجنة بطلب من المحافظ للتحقيق ومحاسبة المسؤولين من ستشمل هذه اللجنة وهل سيثتسنى أحد من التحقيق معه؟
في النهاية كأن ما كُتب على الحلبيين من الموت يعادل كل ما كُتب على الذين قبلهم فإن لم يكن بالسيف فكان بغيره وأسوء مافي غيره الموت نتيجة إهمال أو فساد.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر