موجوعين

حارس من حراس التاريخ يترجل عن حصانه .. رحيل المؤرخ السوري محمد محفل

الباحث في التاريخ ليس مجرد شخص يلقي نظرة من خلف جدران، بل هو من يسبر أغوار حيوات أخرى، لا تنفصل عن الحاضر، فيرى الجمال والقبح، ويرصد الحياة والموت والصراع والفكر، فيعيش حياته مرتين.

وصف بشيخ المؤرخين السوريين، وحارس التاريخ في الدراما العربية والأب الروحي للأكاديميين التاريخين، ابن مدينة حلب وصاحب التسعين عاما، محمد محفل، يرحل بعد تاريخ حافل.

ولد الدكتور محمد كامل محفل في حلب عام 1928، ودرس فيها المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية، وحصل عام 1953 على إجازة في الآداب قسم التاريخ، وعلى دبلوم التربية وعلم النفس من المعهد العالي للمعلمين، ثم درّس مادة التاريخ في ثانويات حلب مدّة سنة.

وتم إيفاده من قبل وزارة المعارف السورية إلى جامعة السوربون في باريس، أواخر عام 1954، لمتابعة دراساته العليا في التاريخ القديم، فدرَسَ اللغات القديمة الشرقية والكلاسيكية كالإغريقية واللاتينية.

كما دَرَسَ علم الآثار في معهد اللوفر، وحصل لاحقًا على الدكتوراه من جامعة جنيف في سويسرا، و اختصّ بالفترة الإمبراطورية الرومانية وعلاقة الرومان بالعالم المشرقي.

وفي عام 1967 عاد إلى سوريا مدرِّسًا في جامعات دمشق، فقام بالتدرّس في كلية الآداب في قسم التاريخ مادتَي التاريخ القديم واللغات القديمة، وفي كلية الفنون الجميلة مادتي تاريخ الحضارات وتاريخ الفن.

كما قام الراحل بالتدريس في كلية الهندسة المعمارية مادة تاريخ العمارة وذلك حتى عام 1990، وعمل أستاذًا زائرًا في الجامعة الأردنية من عام 1968 حتى 1971 أيضًا.

وارتبط اسم الراحل بمشاريع فنية كبيرة، أبرزها مسلسل “صلاح الدين” للكاتب وليد سيف والمخرج حاتم علي، بالإضافة إلى مشروع المعالجة الدرامية لثلاثية الأندلس “صقر قريش” و”ربيع قرطبة” و”ملوك الطوائف”.

وقام بتقديم الاستشارة التاريخية الدرامية لمسلسلات أخرى، أبرزها مسلسل “الظاهر بيبرس” ومسلسل “عنترة بن شداد”، بالإضافة إلى عدة أفلام منها فيلم “نوافذ الروح”.

للدكتور محمد محفل مؤلفات عديدة منها “تاريخ الرومان 1970″، “تاريخ اليونان 1971” بالإشتراك مع الدكتور كامل عباد، “المدخل إلى اللغة الآرامية”، “تاريخ العمارة”، “الدولة والمجتمع في المغرب”، “دمشق: الأسطورة والتاريخ”، “من ذاكرة الحجر إلى ذكرى البشر”.

وللراحل العديد من الترجمات والمقالات والدراسات التاريخية والسياسية المتفرقة، كما شارك في العديد من الندوات العلمية التاريخية المحلية والعربية والعالمية.

وشغل العديد من المناصب فكان أمين سر لجنة كتابة تاريخ العرب، ورئيس تحرير مجلة دراسات تاريخية، من عام 1994 حتى 2003.

نال الراحل وسام الإستحقاق السوري من الدرجة الممتازة عام 2012 تقديرا لإنجازاته ونتاجه العلمي، كما منحته جامعة الدراسات الإسلامية في كراتشي في الباكستان درجةَ الدكتوراه عام 1999 .

تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى